محاضرة لسماحة الشيخ حيدر السندي القيت بتاريخ : 11 / 1 / 1435 هـ
بِسْم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين.
قال سيدنا ومولانا الإمام الصادق( عليه السلام): (ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلم القرآن أو يكون في تعلمه).آمنا بالله.
كلامنا حول القرآن الكريم في مذهب أهل البيت (عليهم السلام) سوف يكون ضمن نقطتين:
النقطة الأولى: موقعية القرآن في مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
و في هذه النقطة نتحدث في أمور ثلاثة:
الأمر الأول: هو أنّ القرآن في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) يشكل مصدراً أساسياً لبناء المعرفة الدينية.
فقد ذكر علماؤنا الأعلام : أن مصادر المعرفة الدينية الأساسية التي تبنى عليها الثقافة الدينية في مجال العقيدة والفقه والأخلاق تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: العقل.
و هو يشكل مصدراً أساسياً لقضايا الدين، و هناك عقائد لا يوجد عليها دليل إلاّ من العقل، كقضية الله تعالى موجود ومحمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهاتان القضيتان لا يمكن أن نثبتهما إلاّ بالعقل ، لأنّ القرآن و السنة إذا أردنا أن نحتج بهما لابد أن نثبت أولاً أنهما حجة، ثم نستدل بهما و ما معنى حجية القرآن والسنة؟ معنى الحجية أنهما طريق مأمون لأنهما عن الله تبارك وتعالى، فحجيتهما تعني أنهما عن الله تعالى، فأولاً نثبت وجود الله تعالى وأنّ القرآن منه، وأنّ هذا الكلام الصادر وصل بواسطة معصوم عصمه الله تعالى من الخلل والزلل ، ثم بعد ذلك يمكن أن نستدل بالقرآن أو نستدل بالسنة؟
فحجية القران و السنة تتوقف على ثبوت وجود الله تعالى ونبوة النبي (صلى الله عليه وآله) ، فكيف نستدل بهما على ثبوت الله تعالى ونبوة وعصمة النبي !
إن هذا الاستدلال يلزم منه ما يسمى بالدور المستحيل وهو توقف الشيء على نفسه، إثبات وجود الله تعالى يتوقف على القرآن وحجية القرآن تتوقف على إثبات وجود الله تعالى فيتوقف ثبوت وجود الله على على ثبوت وجود الله أو قل تتوقف على حجية القرآن على نفسها، وهذا مستحيل عقلاً.
البعض يتصور أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) يمكن إثبات دعواه بالقرآن لأنه جاء بالمعجزة، فالمعجزة دليل على صدقه،هذا التصور غير صحيح ، لأنه متى يكون القرآن شاهد صدق للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)؟
الجواب : إذا ثبت عندنا في الرتبة السابقة أنّ الله تعالى لا يؤيد الكاذب بمعجزة، أما إذا كان الله تعالى يؤيد الكاذب بمعجزة هل يكون القرآن دليل على صدق دعوى النبي (صلى الله عليه وآله)؟
بالطبع لا
و كيف نثبت أنّ الله تعالى لا يؤيد الكاذب بالمعجزة؟ هنا العقل يتكلم و يأتي بدليل عقلي محض وهو :
إن تأييد الكاذب قبيح، والله تبارك وتعالى لا يصدر منه القبيح.
و لأنه أيد النبي (صلى الله عليه وآله ) بالقرآن فلابد وأن يكون النبي صادقاً.
إذن العقل هو الحاكم في مسألة إثبات وجود الله بارك وتعالى وفي مسألة صدق النبي (صلى الله عليه وآله).
هذا هو القسم الأول من مصادر المعرفة.
القسم الثاني: النقل وهو المتمثل في القرآن والسنة.
كثير من المعارف أخذناها من القرآن والسنة.
في القرآن الكريم يقول أمير المؤمنين عليه السلام:(واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش ، والهاديالذي لا يضل ، والمحدث الذي لا يكذب . وما جالس هذاالقرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان : زيادة في هدى ،أو نقصان في عمى . واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآنمن فاقة ، ولا لأحد قبل القرآن من غنى)(نهج البلاغة لأمير المؤمنين (عليه السلام ) ج2 ص92) .
قبل القرآن لا يمكن أن يستغني أحد بشيء عن القرآن يبقى فقيرا بحاجة إلى القرآن كمنع فياض للمعارف ، وبعد القرآن يكون الإنسان غنياً، .
هنا يوجد سؤال:
أمير المؤمنين (عليه السلام ) لما قال : (ليس لأحد بعد القرآن من فاقة ) و نفى الفاقة والحاجة بعد القرآن هل يريد أن يؤسس (عليه السلام) لنظرية حسبنا كتاب الله؟ هل يريد أن يقول المصدر الوحيد للمعارف هو القرآن، ويمكن أن نستغني بالقرآن عن السنة؟ أم هل يريد أن يقول بأنّ القرآن مصدر أساس والسنة ليست إلاّ مبين وموضح للقرآن فيقرر ما طرح بعنوان اسلام القران ؟
الجواب : من الواضع أن أمير المؤمنين (عليه السلام ) عدل القرآن، مع القرآن والقرآن معه، لا يمكن أن يخالف القرآن، و القرآن لو طرحنا عليه السؤال التالي : هل يمكن أن نستغني بالقرآن عن السنة؟هل يمكن أن يكون القرآن فقط الأساس في بناء المعارف الأساسية؟ فماذا سيجيب عن سؤالنا .
التفتوا فالمطلب فيه نحو من الدقة فان في القرآن قسمين من الآيات:
القسم الأول: الآيات التي تبين أن القرآن فيه تبيان لكل شيء،قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}(النحل:89).
هذه الآيات تثبت أنّ من أحاط بالقرآن وأدرك معاني القرآن فهو يعلم بكل شيء، فبالتالي هو مستغن عن أي شيء، يكون غنياً بالقرآن.
القسم الثاني: الآيات التي تقول أنه لا يمكن لأي إنسان أن يحيط بالقرآن ويعلم بتمام معارفه ، وأن هناك شرطا لابد وأن يوجد في الإنسان ثم يدرك ذلك الإنسان القرآن ويكون بالقرآن غنياً عن كل شيء، ذلك الشرط هو أن يكون مُطهر من قبل الله تعالى، {نَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ* لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }(الواقعة:77-79) المطهر هو الذي يمكن أن يحيط بالقرآن، و ليس المقصود أن الذي يتوضأ أو يغتسل أو يكون بدنه وثوبه طاهرا من الخبث هو الذي يحيط بآيات القرآن الكريم، الآية لم تقل المُتَطَهِرون، بل قالت:{الْمُطَهَّرُونَ} فلكي يكون الإنسان مستغنيا بالقرآن بمعنى يحيط بجميع معاني القرآن لابد أن يكون مطهراً، من هو المطهر؟قال تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِوَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(الأحزاب:33).
وقد روى الفريقان عن أم المؤمنين أم سلمة (رضوان الله تعالى عليها) ، أنها قالت: نزلت هذه الآية (إنما يريد الله) في بيتي وكان في البيت علي وفاطمة والحسن والحسين فجللهم رسول الله صلى الله عليه وآله بكسائه وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)(شرح إحقاق الحق للسيد المرعشيج24 ص48).
و في كتاب الاحتجاج قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام) أظهر الكتاب الذي كتبته وفق التنزيل، نحن نعلم أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام )كتب القرآن كما أُنزل، وقد طلب من أمير المؤمنين (عليه السلام )أن يظهر هذا الكتاب، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (إنّ القرآن الذي عندي لا يمسه إلاّ المطهرون وهم الأوصياء من ولدي)(الاحتجاج للطبرسي ج1 ص228) .
هذا الكتاب خاص، ليس كل إنسان يستطيع أن يتعامل معه، كتاب أنزله الله تعالى وجعله لأويائه لا يفهم عمق معناه إلاّ من قبل المطهرين وهم محمد وآل محمد( عليهم السلام ) .
وعليه لابد من سنة المعصومين لفهم القران في المطالب التي يظهر لنا تعرض القران لها ، ولمعرفة المطالب التي لا يظهر لنا تعرض القران لها ، ولكن يعلم المعصوم باشتمال القران عليها ولو على نحو التأويل او البطون .
الأمر الثاني: هو أنّ القرآن في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) يشكل الميزان الذي على أساسه ترجح الروايات المتعارضة.
إذا وردت روايات متعارضة ماذا نصنع اتجاه هذه الروايات؟ لنفرض وردت روايتان صحيحتان رويتا عن ثقات وبينهما خلاف بينهما تعارض، ما هي وظيفتنا تجاه الروايات المتعارضة؟
الأئمة (عليهم السلام) بينوا الوظيفة وهي أن نعرض هاتين الروايتين على القرآن، فما وافق القرآن نعمل به، وما لم يوافق القرآن نتوقف لا نعمل به.
يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : (إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فأعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه)(وسائل الشيعة للحر العاملي ج27 ص118).
مثلاً في مسألة خيار الحيوان:
إذا اشترى شخص من شخص آخر جمل، الفقهاء يقولون البيع لا يكون لازماً إلى ثلاثة أيام، يمكن أن يفسخ هذا البيع، يمكن أن يرفع اليد عن هذا البيع، بعد ثلاثة أيام يصبح هذا البيع لازم، ليس بيد المشتري أن يرفع اليد عن البيع وليس بيد البائع أيضا أن يرفع اليد، نعم إذا تقايلا أي اتفقا على أن يرفعا اليد عن البيع يمكن بالتقايل فسخ البيع.
السؤال هو: هذا الخيار ثابت لخصوص المشتري أو ثابت للمشتري والبائع؟
هنا توجد روايتان متعارضتان:
الرواية الأولى: صحيحة محمد بن مسلم: (البيعانبالخيار حتى يفترقا، وصاحب الحيوان بالخيار إلى ثلاثة أيام)(وسائل الشيعة للحر العاملي ج18 ص5) أي الخيار ثابت للبائع والمشتري.
الرواية الثانية: صحيحة علي بن أبي أسباط تثبت الخيار لخصوص المشتري، فعن الإمام الرضا عليه السلام:(الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري) (وسائل الشيعة للحر العاملي ج18 ص6).
بلحاظ المشتري لا يوجد عندنا مشكلة، لا يوجد تعارض،الروايتان تقولان له الخيار، لكن بلحاظ البائع هناك مشكلة صحيحة محمد بن مسلم له الخيار وصحيحة ابن أسباط تقول لا خيار، ماذا نصنع؟ نعرض الروايتين على القرآن الكريم، الفقهاء يقولون القرآن الكريم فيه آية تثبت قاعدة عامة في العقود وهي قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}(المائدة:1) هذه الآية مضمونها أنّ كل عقد لازم، طبيعة العقد أنه لازم، هاتان الروايتان لا نواجه فيهما مشكلة في المشتري فيمكن أن نخصص هذا العموم القرآني بالمشتري، نقول: عندنا روايات معتبرة قالت المشتري له خيار، البيع بلحاظه ليس لازم، لكن البائع فيه تعارض ماذا نصنع؟ نقول: إحدى الروايتين توافق العموم القرآني وهي صحيحة ابن أسباط وهي التي تنفي الخيار عن البائع، فإنها تقول هذه البيع بلحاظ البائع لازم، و هذا يوافق القرآن، بينما صحيحة محمد بن مسلم تخالف القرآن، فنأخذ بالرواية الموافقة للكتاب ونتوقف بالنسبة إلى الرواية المخالفة، فنبني الفقيه ظاهرا في مقام الفتوى على أن خيار الحيوان خاص بالمشتري .
إذن الموقعية الثانية للقرآن هو أنه ميزان نرجح بهالروايات المتعارضة.
الأمر الثالث: هو انّ القرآن الكريم ميزان للروايات الظنية سواءً كانت متعارضة أم لا.
السنة يقسمها العلماء إلى قمسين:
القسم الأول: السنة القطعية.
وهي التي نعلم بصدورها من المعصوم وأنها مرادة ، فمن حيث السند متواترة أو محفوفة بقرائن تفيد القطع بصدورها وأيضاً المضمون نعلم بأنه أريد جداً جزما .
و هذا القسم من السنة في عرض القرآن الكريم لأنه كما انّ القرآن حجة كذلك الأئمة (عليهم السلام ) حجج لله عز وجل،هم في عرض القرآن الكريم، القرآن بلحاظ هذا القسم ليس ميزانا بل هذا القسم هو الميزان بلحاظ الآيات الظنية في دلالتها .
القسم الثاني: السنة الظنية.
وهي التي وصلتنا بطريق ظني، رواية ظنية السند قطعية الدلالة، أو بالعكس قطعية السند ولكنها ظنية الدلالة ، أو ظنية الدلالة والسند معا .
و هذه السنة القرآن بالنسبة إليها يشكل معيارا وميزانا ، لا نقبلها إلاّ إذا كانت غير مخالفة للقران ، أما إذا كانت مخالفة لا نقبلها،يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : (كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف)(وسائل الشيعة للحر العاملي ج27 ص111).
و السيد الخوئي (رحمة الله ) عليه في مصباح الأصول يقول:
قد ذكرنا في بحث حجية خبر الواحد أنّ من شروط حجية الخبر موافقته للكتاب والسنة.
من هنا السيد الخوئي يقول:
لكي يكون الإنسان فقيه لابد وأن يكون عارفاً بالأخبار الموافقة للقرآن والأخبار المخالفة، حتى يأخذ الموافق ويترك المخالف.
ومتى يكون الإنسان خبيراً بالأخبار؟
إذا كان عارفاً بالقرآن دارساً لعلوم القرآن، لهذا السيد يقول: لا يمكن أن يكون الفقيه فقيها وبالتالي لا يمكن أن يكون الإنسان مرجعاً في التقليد إلاّ إذا كان متمكناً في علوم القرآن، عارفاً بالتفسير، خبيراً بآيات القرآن يستطيع أن يميز دلالات القرآن، وبالتالي يستطيع أن يميز هل هذا الخبر موافق للقرآن فيعمل به أو مخالف فيرفضه.
وعلى هذا المنهج جميع العلماء، إسلامنا إسلام قرآني وحديثي لا حديثي فقط كما توهم البعض ، نحن نأخذ بالقرآن كمقياس و ميزان لجميع الروايات الظنية، لا نبني المعرفة الدينية على الروايات فحسب ونتعامل مع القرآن على أنه مرحلة ثالثة رابعة يأتي فقط لحل التعارض بين الروايات .
الروايات الظنية لا يمكن أن يعتمد عليها في بناء نظام معرفي إلاّ بعد البصيرة بالقران ، لأنّ ميزان قبول الروايات هو القرآن فلابد أن تفهم القرآن أولاً ثم يكون عندك ميزان الاستنباط والاجتهاد والاستدلال .
النقطة الثانية: في اهتمام علمائنا الأعلام بالقرآن الكريم.
هناك مظاهر كثيرة تظهر اهتمام علمائنا المنقطع النظير بالقرآن الكريم، نكتفي بذكر مظهرين من تلك المظاهر:
المظهر الأول: هو اهتمام علمائنا بعلوم القرآن الكريم.
أول من كتب في القرآن الكريم أمير المؤمنين (عليه السلام) ، كتب القرآن كما أنزل، وذكر أصحاب الفهارس ومنهم ابن النديم على أنّ من أول من كتب بعد الامير ( عليه السلام) أبان بن تغلب وكان من علماء الشيعة وكان من تلاميذ الإمام السجاد (عليه السلام)، وهذا يعني أن أول من كتب في علوم القرآن هم الشيعة.
الذهبي ذكر أنّ أول من كتب في القراءات عبد الله بن سلام، ولكن هذا اشتباه من الذهبي، لأنّ ابن النديم وغيره ذكروا ان الأول أبان ، وأبان توفي قبل ولادة عبد الله بن سلام بـ84 سنة.
وذكر – أيضاً – أصحاب الفهارس ومنهم ابن النديم – أيضاً – أنّ أول من كتب في أحكام القرآن في تفسير آيات الأحكام محمد بن السائب الكلبي وهو أيضاً من زعماء الشيعة ومن تلامذة الإمام الصادق (عليه السلام) .
وهذا يدل على أنّ من ذكر أن الشافعي هو ان أول من كتب في أحكام القرآن مشتبه، فالسيوطي – مثلاً – ذكر أنّ الشافعي هو أول من كتب في تفسير آيات الأحكام و هذا اشتباه، لأنّ الشافعي ولد بعد محمد بن السائب الكلبي بأربع سنوات.
ثم إن تأليف الشيعة في القران وعلومه استمر في زمن ظهور الأئمة (عليهم السلام ) وفي زمن الغيبة الصغرى إلى يوم الناس هذا، و في كل قرن يوجد علماء شيعة متخصصون عندهم كتابات رصينة في علوم القرآن الكريم.
بعض الباحثين أحصى كتاب الشيعة في علم التفسير فبلغوا 120 عالما ، في كل قرن يوجد جماعة منهم، ويوجد عشرات كتبوا في آيات الأحكام، وتبلغ كتب التفسير الشيعية ألف كتاب.
الدكتور محمد العسال، هذا سلفي متشدد، كتب كتاب بعنوان الشيعة الاثني عشرية منهجهم في تفسير القرآن.
كان يريد أن يثبت أنّ الشيعة بعيدون عن القرآن الكريم،منهجهم مخالف للقرآن الكريم، ولكن في مقدمته اعترف اعتراف خطير بلحاظ الغاية التي يريدها من كتابه، قال: إنما أنا كتبت عن الشيعة الاثني لأنهم مذهب باقي وكثير من المذاهب انقرضوا ومن أسباب بقاء مذهب الشيعة الإماميةكثرة تصانيفهم في الفقه وفي التفسير وفي علم الكلام.
فاعترف أنّ الشيعة كثير التأليف في علوم القرآن والتفسير.
السيد المرتضى (رحمة الله عليه ) كتب دقائق التأويل في 20 مجلد.
الشيخ الطوسي كتب التبيان في 10 مجلدات.
الطبرسي كتب كتاب مجمع البيان الذي يقول فيه الذهبي –وهو معروف في تعصبه ضد الشيعة- : والحق أنّ تفسير الطبرسي عظيم في بابه ويدل على أنّ مؤلفه متبحر في فنون كثيرة من العلم والمعرفة.
ثم جاء العلامة الطباطبائي وبين الطبرسي والطباطبائيمئات العلماء، كتب العلامة الطباطبائي كتاب الميزان، من أدق كتب التفسير وأعمقها وأعلاها شأناً.
ثم جاء السيد الخوئي وكتب كتاب البيان، هذا الكتاب الجليل الفريد في نوعه المتميز في علومه كتاب لا يستغني عنه باحث، فإنه لا يمكن أن يكون الإنسان مفسراً متعمقاً مدققاً إلاّ إذا أحاط بقواعد متعددة وأفضل من بحث تلك القواعد السيد الخوئي( رحمة الله عليه ) في تفسير البيان ومن جاء بعده فهو عيال عليه و مكمل لمسيره .
إذن الشيعة اهتموا اهتماماً عظيماً بعلوم القرآن، كتبوا فيه ببراعة و أبدعوا و تعمقوا ، ومصادرهم في علوم القرآن الكريم مصادر رصينة دقيقة جداً، تجد فيها توازن وتناسق بين العقل وبين القرآن وبين روايات أهل البيت (عليهم السلام) .
وهذا الاهتمام جاء من أئمتنا (عليهم السلام) ، الأئمة هم الذين أمروا بالاهتمام بالقرآن، يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : (ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلم القرآن أو يكون في تعلمه). ينبغي على المؤمن أن يجعل له برناج يومي،يقرأ آيات القرآن يتدبر فيها يقرأ الروايات التي تفسر آيات القرآن الكريم، يقرأ كلمات الأعلام، برنامج يومي ، ، الإمام الصادق عليه السلام يقول: (لقد تجلى الله لخلقه في كلامه، ولكن لا يبصرون)(عوالئ اللئالئ لابن أبي جمهور الأحسائي ج4ص116).
لم يقل تجلى القادر، تجلى السميع، بل قال تجلى الله، و الله اسم يدل على الذات الجامعة لجميع صفات الجمال والجلال ، فالقران مظهر لعلم الله لقدرته لسمعه لبصره لجميع رواياته .
الروايات أمرت بحفظ القرآن، أمرت بتلاوة القرآن الكريم،الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: (الحافظ للقرآن العامل بهمع السفرة الكرام البررة)(الكافي للكليني ج2 ص603.
الإمام الجواد (عليه السلام) : (فإن درجات الجنة على قدرآيات القرآن يقال له : اقرأ وارق)(الكافي للكليني ج2ص606).
لهذا ينبغي الاهتمام بالقرآن بهذا الكتاب العظيم نهتم بهقراءة حفظاً تدبراً حتى نأتي يوم القيامة من أهله .
المظهر الثاني: هو أنّ الشيعة اهتموا بتعظيم القرآن تعظيماً بالغاً.
القرآن الكريم كتاب الله تبارك وتعالى، هو الوحي الذي أنزله على النبي (صلى الله عليه وآله) بألفاظه ومعانيه، نزل بقوالبه اللفظية على قلب النبي (صلى الله عليه وآله)، ووظيفة النبي (صلى الله عليه وآله ) فقط أن يبلغه وليس له مساهمة في صياغته ، لهذا له قدسية خاصة عند الشيعة، يقول الإمام الباقر (عليه السلام): (إن لله عز وجلحرمات ثلاث ليس مثلهن شئ : كتابه وهو حكمه ونوره ، وبيتهالذي جعله قبلة للناس لا يقبل من أحد توجها إلى عيره ،وعترة نبيكم صلى الله عليه وآله)(بحار الأنوار للمجلسي ج96ص60).
الشيخ المظفر في عقائد الإمامية يقول:
ومن عقائدنا وجوب تعظيم القرآن واحترامه بالقول والعمل، ثم يقول:
لو تعمد شخص إهانة القرآن وتحقيره فهو معدود من الخارجين عن الدين.
هتك القرآن – كما يقول الشيخ المظفر – يوجب الكفر، يوجب الردة الذي يقول هذا القرآن متناقض في بعض آياته ، هو كتاب ارهاب ، كتاب ينتهك الانسان وكرامته ، فيه مطالب فاسدة باطلة، و لا نصدق أنه من الله و يمكن أن يأتي به بشر، الذي يحتقر القرآن بمثل ذلك أو غيره يقول الشيخ المظفر في حكمه : هو معدود من الخارجين عن الدين عند الأمامية .
إن من يتعمد اهانة القران هو في الحقيقة يهين مقدسا من أعظم مقدسات الإسلام و شعار من أعظم شعائر الإسلام، و رمزا من أهم رموز مرضاة الله تبارك وتعالى ، ولا ينبغي للمؤمن أن يُجامل من يهتك القران أو يخوض فيه بجهل ، و لا يجوز له أن يروج له أو يعرض تفاهاته كرأي محترم ينبغي التامل فيه .
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً