في واقعة الطف قصص ودروس رسمها الحسين عليه السلام وعياله وأصحابه عليهم السلام وقد لا نستغرب إذا ما راينا غرائب في واقعنا الماضي والمعاصر. فلا غرابة إذا راينا عائلة وليُّها مشهود له بالإيمان والورع والعلم فيما أحد اولاده على عكسه من الضلالة، وها هي قصة أحد صحابة الحسين عليه السلام ترينا ما يدفع هذه الغرابة، وهو عمرو بن قرظة الانصاري. هو عمرو بن قرظة بن كعب بن عمرو بن عائذ بن زيد مناة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج ، الأنصاري الخزرجي الكوفي . كان قرظة من الصحابة الرواة، قال ابن حجر: قرظة بن كعب بن ثعلبة الأنصاري ، صحابي شهد الفتوح بالعراق، ومات في حدود الخمسين على الصحيح (راجع تقريب التهذيب : 2 / 124 ، الرقم 98 ) وكان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، نزل الكوفة، وحارب مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه، وولاه فارس، وتوفي سنة إحدى وخمسين للهجرة.
وهو أول من أقيمت عليه نياحةٌ بالكوفة، وخلف أولادا أشهرهم عمرو، وعلي، أما عمرو فجاء إلى أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) أيام المهادنة في نزوله بكربلاء قبل الممانعة، وكان الحسين (عليه السلام) يرسله إلى عمر بن سعد في المكالمة التي دارت بينهما قبل إرسال شمر بن ذي الجوشن ، فيأتيه بالجواب حتى كان القطع بينهما بوصول شمر، فلما كان اليوم العاشر من المحرم استأذن الحسين (عليه السلام) في القتال ثم برز وهو يقول :
قد علمت كتائب الأنصار
إني سأحمي حوزة الذمار
فعل غلام غير نكس شار
دون حسين مهجتي وداري
(راجع المناقب : 4 / 105 .) قال الشيخ ابن نما : عرّض بقوله (دون حسين مهجتي وداري) بعمر بن سعد فإنه لما قال له الحسين (عليه السلام) صِرْ معي ، قال : أخاف على داري، فقال الحسين (عليه السلام) له : ” أنا أعوضك عنها، قال: أخاف على مالي، فقال له: أنا أعوضك عنه من مالي بالحجاز ” فتركه، انتهى كلامه (مثير الأحزان : 61). ثم إنه قاتل ساعة ورجع للحسين (عليه السلام) فوقف دونه ليقيه من العدو . قال الشيخ ابن نما : فجعل يلتقي السهام بجبهته وصدره فلم يصل إلى الحسين (عليه السلام) سؤء حتى أثخن بالجراح، فالتفت إلى الحسين (عليه السلام) فقال: أوفيت يا بن رسول الله؟ قال : ” نعم ، أنت أمامي في الجنة ، فاقرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) السلام وأعلمه أني في الأثر ” ، فخر قتيلا رضوان الله عليه (مثير الأحزان : 61 ، راجع اللهوف : 162) .
هذا عمرو أما اخوه المسمى ب(علي)تيمنا بالإمام علي عليه السلام فقد جاءت عاقبته على سوء فقد وقف ضد ابن علي عليهما السلام، على عكس أخيه عمر الذي ضحى بنفسه من أجل ابن علي عليه السلام . بعد استشهاد عمرو خرج علي هذا الذي كان حاضرا الطف مع عمر بن سعد، وبرز من الصف ونطق كلمات بذيئة بحق الحسين عليه السلام ثم قال أغررت أخي وقتلته ؟ فقال له الحسين (عليه السلام) : “إني لم أغرِ أخاك ولكن هداه الله وأضلك”، فقال علي: قتلني الله إن لم أقتلك، ثم حمل على الحسين ( عليه السلام ) فاعترضه نافع بن هلال فطعنه حتى صرعه، فحمل أصحابه عليه واستنقذوه وداووه فيمابعد فبرئ (راجع تاريخ الطبري : 3 / 324) .
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً