|
مسألة 354: إن صحة التيمم لأحد المسوغات المذكورة ــ بل وجوب اختياره في بعضها حذراً عن مخالفة تكليف إلزامي ــ لا ينافي صحة الطهارة المائية مع توفر شرائطها، وهذا يجري في جميع المسوغات المتقدمة عدا الثالث منها، فإنه يحكم ببطلان الوضوء والغسل فيما يكون استعمال الماء بنفسه ضررياً وإن لم يكن بمرتبة محرمة، وأما في غيره فيحكم بصحتهما حتى فيما يجب فيه حفظ الماء كما في المسوغ السادس .
مسألة 355: إذا وجب التيمم لفقد بعض شرائط الوضوء أو الغُسل، فتوضأ أو اغتسل لنسيان أو غفلة أو جهل لم يصح، نعم في الوضوء والغُسل بالماء المغصوب تفصيل قد تقدم في المسألة (132) .
مسألة 356: إذا آوى إلى فراشه وذكر أنه ليس على وضوء جاز له التيمم رجاءً وإن تمكن من استعمال الماء، كما يجوز التيمم لصلاة الجنازة إن لم يتمكن من استعمال الماء وإدراك الصلاة، بل لا بأس به مع التمكن أيضاً رجاءً .
الفصل الثاني: فيما يتيمم به
يجوز التيمم بكل ما يسمى أرضاً، سواء أكان تراباً أم رملاً أو مدراً أم حصى أم صخراً ــ ومنه أرض الجص والنورة قبل الإحراق ــ وإن كان الأحوط استحباباً الاقتصار على التراب مع الإمكان، والأحوط لزوماً اعتبار علوق شيء مما يتيمم به باليد، فلا يجزئ التيمم على مثل الحجر الأملس الذي لا غبار عليه .
مسألة 357: لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وإن كان أصله منها، كرماد غير الأرض، والنبات، وبعض المعادن كالذهب والفضة، وأما العقيق والفيروزج ونحوهما من الأحجار الكريمة فيجوز التيمم بها مع تحقق العلوق، وكذلك الخزف والجص والنورة بعد الإحراق وإن كان الأحوط استحباباً تقديم غيرها عليها .
مسألة 358: لا يجوز التيمم بالنجس، ولا المغصوب، ولا الممتزج بما يخرجه عن اسم الأرض، نعم لا يضر إذا كان الخليط مستهلكا فيه عرفاً، ولو أُكره على المكث في المكان المغصوب جاز التيمم على أرضه، ولكن يقتصر فيه على وضع اليدين ولا يضرب بهما عليها .
مسألة 359: إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما، وإذا اشتبه التراب بالرماد فتيمم بكل منهما صح، بل يجب ذلك مع الانحصار، وكذلك الحكم إذا اشتبه الطاهر بالنجس .
مسألة 360: الغبار المجتمع على الثوب ونحوه إذا عدّ تراباً دقيقاً بأن كان له جرم بنظر العرف جاز التيمم به، وإن كان الأحوط استحباباً تقديم غيره عليه، وإذا كان الغبار كامناً في الثوب مثلاً وأمكن نفضه وجمعه بحيث يصدق عليه التراب تعين ذلك إذا لم يتيسر غيره .
مسألة 361: إذا تعذر التيمم بالأرض وما يلحق بها من الغبار تعين التيمم بالوحل وهو الطين الذي يلصق باليد، ولا يجوز إزالة جميعه بحيث لا يعلق باليد شيء منه، بل الأحوط لزوماً عدم إزالة شيء منه إلا ما يتوقف على إزالته صدق المسح باليد، ولو أمكن تجفيفه والتيمم به تعين ذلك ولا يجوز التيمم بالوحل حينئذٍ .
ولو تعذر التيمم بكل ما تقدم تعين التيمم بالشيء المغبّر أي ما يكون الغبار كامناً فيه، أو لا يكون له جرم بحيث يصدق عليه التراب الدقيق كما تقدم .
وإذا عجز عن الأرض والغبار والوحل والشيء المغبّر، كان فاقداً للطهور، وحينئذٍ تسقط عنه الصلاة في الوقت ويجب القضاء في خارجه .
مسألة 362: إذا تمكن المكلف من الثلج وأمكنه إذابته والوضوء به، أو أمكنه مسح الوجه واليدين به على نحو يتحقق مسمى الغَسل مع مسح الرأس والرجلين بنداوة اليد تعين ذلك ولم يجز له التيمم، وأما إذا لم يتمكن من المسح به إلا على نحو لا يتحقق الغَسل فيتعين التيمم، وإن كان الأحوط استحباباً له الجمع بين التيمم والمسح به والصلاة في الوقت .
مسألة 363: الأحوط وجوباً أن يكون ما يتيمم به نظيفاً عرفاً، ويستحب أن يكون من ربى الأرض وعواليها، ويكره أن يكون من مهابطها، وأن يكون من تراب الطريق، ويستحب نفض اليدين بعد الضرب .
الفصل الثالث: كيفية التيمم
كيفية التيمم أن يضرب بباطن يديه على الأرض ــ ويكفي وضعهما عليها أيضاً ــ والأحوط وجوباً أن يفعل ذلك دفعة واحدة، ثم يمسح بهما تمام جبهته ــ وكذا جبينيه على الأحوط لزوماً ــ من قصاص الشعر إلى الحاجبين وإلى طرف الأنف الأعلى المتصل بالجبهة، والأحوط الأولى مسح الحاجبين أيضاً، ثم يمسح تمام ظاهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن اليسرى، ثم يمسح تمام ظاهر الكف اليسرى كذلك بباطن الكف اليمنى، ولا يجزئ مسح اليسرى قبل اليمنى على الأحوط لزوماً.
مسألة 364: لا يجب المسح بتمام كل من الكفين بل يكفي صدق المسح بهما عرفاً .
مسألة 365: المراد من الجبهة الموضع المستوي، والمراد من الجبين ما بينه وبين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر .
مسألة 366: تكفي ضربة واحدة في التيمم سواء أكان بدلاً عن الغُسل أم الوضوء، وإن كان الأحوط استحباباً تعدد الضرب، فيضرب ضربة للوجه وضربة للكفين، والأولى أن يمسح الكفين مع الوجه في الضربة الأُولى، ثم يضرب ضربة ثانية فيمسح كفيه، وكذا الحال في الوضع .
مسألة 367: إذا تعذر الضرب والوضع ثم المسح بالباطن انتقل إلى الظاهر، وكذا إذا كان الباطن متنجساً نجاسة متعدية إلى ما يتيمم به ولم يمكن منع التعدي ولو بالتجفيف،وأما إذا لم تكن متعدية فلا بأس بالمسح به إذ لا تعتبر طهارة الماسح، كما لا تعتبر طهارة الممسوح .
وإذا كان على الممسوح حائل ــ كالجبيرة ــ لا يمكن إزالته مسح عليه، وأما إذا كان ذلك على الباطن الماسح فمع عدم الاستيعاب يمسح بالباقي، وأما معه فالأحوط وجوباً الجمع بين المسح به والمسح بالظاهر بعد الضرب أو الوضع.
شرح منهاج الصالحين لآية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني
- شبكة يامهدي الاسلامية
اترك تعليقاً