|
المقصد الثالث غسل الأستحاضة – منهاج الصالحين
المقصد الثالث: غُسل الاستحاضة
مسألة 236: دم الاستحاضة ــ وهو ما تراه المرأة غير دم الحيض والنفاس والبكارة والقروح والجروح ــ في الغالب أصفر بارد رقيق يخرج بلا لذع وحرقة، عكس دم الحيض، وربما كان بصفاته، ولا حدً لكثيره ولا لقليله، ولا للطهر المتخلل بين أفراده، ولا يتحقق قبل البلوغ، وفي تحققه بعد الستين إشكال، فالأحوط وجوباً العمل معه بوظائف المستحاضة.
وهو ناقض للطهارة بخروجه ــ ولو بمعونة القطنة ــ من المحل المعتاد بالأصل أو بالعارض، وفي غيره إشكال لا يترك معه مراعاة الاحتياط، وإذا خرج ثم انقطع يبقى الحدث ما دام باقياً في فضاء الفرج، ولو لم يخرج منه شيء لم يوجب الحدث وإن علم بوجوده في فضائه.
مسألة 237: الاستحاضة على ثلاثة أقسام: قليلة، ومتوسطة، وكثيرة.
الأُولى: ما يكون الدم فيها قليلاً، بحيث تلوّث القطنة ولا يغمسها.
الثانية: ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأن يغمس القطنة ولكن لا يتجاوزها إلى الخرقة التي فوقها.
الثالثة: ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأن يغمسها ويتجاوزها إلى الخرقة فيلوثها.
مسألة 2388: الأحوط وجوباً للمستحاضة أن تختبر حالها قبل الصلاة لتعرف أنها من أيّ الأقسام الثلاثة، فلو شكّت أن استحاضتها قليلة أو متوسطة تقوم بإدخال قطنة في الموضع وتصبر قليلاً ثم تخرجها وتنظر هل لوّثها الدم أم غمسها فتعمل بمقتضى ذلك، وإذا صلّت من دون اختبار بطلت إلا إذا طابق عملها الوظيفة اللازمة لها، هذا فيما إذا تمكنت من الاختبار، وإلا تبني على أنها ليست بمتوسطة أو كثيرة إلا إذا كانت مسبوقة بها فتأخذ بالحالة السابقة حينئذٍ.
مسألة 2399: حكم القليلة وجوب الوضوء لكل صلاة، فريضة كانت أو نافلة، دون الأجزاء المنسية وصلاة الاحتياط فلا يحتاج فيها إلى تجديد الوضوء، كما لا يحتاج إلى تبديل القطنة أو تطهيرها لكل صلاة وإن كان ذلك أحوط استحباباً.
مسألة 240: حكم المتوسطة ما تقدم في القليلة، ويضاف إليه على الأحوط لزوماً الغسل كل يوم مرة واحدة قبل الإتيان بالوضوء، بتفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى.
مسألة 2411: حكم الكثيرة ثلاثة أغسال في كل يوم: غُسل لصلاة الصبح وغسل للظهرين تجمع بينهما وغسل للعشاءين كذلك، ولا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين بغُسل واحد، ولكن يجوز لها التفريق بين الظهرين أو العشاءين إلا أنه يجب عليها حينئذٍ الغُسل لكل منها.
ويكفي للنوافل أغسال الفرائض، ولا يجب عليها الوضوء مطلقاً، وإن كان الأحوط استحباباً أن تتوضأ قبل كل غسل، والأحوط وجوباً أن تجدّد القطنة والخرقة لكل صلاة مع الإمكان.
ثم إن ما ذكر من وجوب ثلاثة أغسال عليها يختص بما إذا كان الدم صبيباً لا ينقطع بروزه على القطنة، وأما إذا كان بروزه عليها متقطعاً بحيث تتمكن من الاغتسال والإتيان بصلاة واحدة أو أزيد قبل بروز الدم عليها مرة أخرى فالأحوط لزوماً الاغتسال عند بروز الدم، وعلى ذلك فلو اغتسلت وصلّت ثم برز الدم على القطنة قبل الصلاة الثانية وجب عليها الاغتسال لها، ولو برز الدم في أثنائها أعادت الصلاة بعد الاغتسال، وليس لها الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، ولو كان الفصل بين البروزين بمقدار تتمكن فيه من الإتيان بصلاتين أو عدة صلوات جاز لها ذلك من دون حاجة إلى تجديد الغسل.
مسألة 2422: تأتي المتوسطة بالغسل الواجب احتياطاً عليها لكل صلاة حدثت قبلها، فإذا حدثت قبل صلاة الفجر اغتسلت لها وإذا حدثت بعدها اغتسلت للظهرين، وإذا حدثت بعدهما اغتسلت للعشاءين، وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين اغتسلت للمتأخرة منها، وإذا حدثت قبل صلاة الصبح ولم تغتسل لها عمداً أو سهواً اغتسلت للظهرين، وعليها إعادة صلاة الصبح على الأحوط لزوماً، وكذا إذا حدثت أثناء الصلاة استأنفتها بعد الغسل والوضوء.
مسألة 2433: إذا حدثت الكبرى بعد صلاة الصبح وجب غُسل للظهرين وآخر للعشاءين، وإذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل واحد للعشاءين ــ على تفصيل في الصورتين يظهر مما تقدم في المسألة (241) ــ وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخرة منهما.
مسألة 2444: إذا انقطع دم الاستحاضة انقطاع بُرء قبل الإتيان بالأعمال التي عليها أتت بها ولا إشكال، وإن كان بعد الشروع في الأعمال ــ قبل الفراغ من الصلاة ــ استأنفت الأعمال، وكذا الصلاة إن كان الانقطاع في أثنائها، وهكذا الحكم على الأحوط لزوماً فيما إذا كان الانقطاع لفترة تسع الطهارة والصلاة ولو البعض منها، وكذلك إذا شكّت في أن الانقطاع لبرء أو لفترة تسع الطهارة وبعض الصلاة، وإذا كان الانقطاع بعد الصلاة لم تجب إعادتها، إلا إذا كانت قد بادرت إليها مع رجاء الانقطاع فإن الأحوط لزوماً حينئذٍ إعادتها بعده.
مسألة 2455: إذا علمت المستحاضة أن لها فترة تسع الطهارة والصلاة وجب تأخير الصلاة إليها على الأحوط لزوماً، وإذا صلّت قبلها ولو مع الوضوء والغسل أعادت صلاتها إلا إذا حصل منها قصد القربة وانكشف عدم الانقطاع، وإذا كانت الفترة في أول الوقت فالأحوط لزوماً عدم تأخير الصلاة عنها، وإن أخرت فعليها الصلاة بعد الإتيان بوظيفتها.
مسألة 2466: لا يجب الغسل لانقطاع الدم في المستحاضة المتوسطة، وأما في الكثيرة فوجوبه مبني على الاحتياط فيما إذا كانت سائلة الدم ولم يستمر دمها إلى ما بعد الصلاة التي أتت بها مع ما هو وظيفتها، وكذا في غيرها إذا لم يظهر الدم على الكرسف من حين الشروع في الغسل السابق.
مسألة 247: إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين ولم تجمع بينهما ــ ولو لعذر ــ وجب عليها تجديد الغُسل للعصر، وكذا الحكم في العشاءين، على ما تقدم في المسألة (241).
مسألة 2488: إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كالقليلة إلى المتوسطة أو إلى الكثيرة، وكالمتوسطة إلى الكثيرة، فإن كان قبل الشروع في الأعمال لزمها أن تأتي بعمل الأعلى للصلاة الآتية، أما الصلاة التي أتت بها قبل الانتقال فلا يلزمها إعادتها، وإن كان بعد الشروع في الأعمال فعليها الاستئناف والإتيان بالأعمال التي هي وظيفة الأعلى كلها، وكذا إذا كان الانتقال في أثناء الصلاة، فتأتي بأعمال الأعلى وتستأنف الصلاة، بل يجب الاستئناف حتى إذا كان الانتقال من المتوسطة إلى الكثيرة فيما إذا كانت المتوسطة محتاجة إلى الغسل وأتت به، فإذا اغتسلت ذات المتوسطة للصبح ثم حصل الانتقال أعادت الغسل حتى إذا كان في أثناء الصبح، فتعيد الغسل وتستأنف الصبح، وإذا ضاق الوقت عن الغسل تيممت بدل الغسل وصلّت، وإذا ضاق الوقت عن ذلك أيضاً فالأحوط استحباباً الاستمرار على عملها ويجب عليها القضاء.
مسألة 2499: إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى استمرت على عملها للأعلى بالنسبة إلى الصلاة الأُولى، وتعمل عمل الأدنى بالنسبة إلى الباقي، فإذا انتقلت الكثيرة إلى المتوسطة أو القليلة اغتسلت للظهر، واقتصرت على الوضوء بالنسبة إلى العصر والعشاءين.
مسألة 2500: يجب على المستحاضة أن تصلي بعد الوضوء والغسل من دون فصل طويل، لكن يجوز لها الإتيان بالأذان والإقامة والأدعية المأثورة وما تجري العادة بفعله قبل الصلاة، أو يتوقف فعل الصلاة على فعله ولو من جهة لزوم العسر والمشقة بدونه، مثل الذهاب إلى المصلى، وتهيئة المسجد ونحو ذلك، وكذلك يجوز لها الإتيان بالمستحبات في الصلاة.
مسألة 2511: يجب عليها مع الأمن من الضرر التحفظ من خروج الدم من حين الفراغ من الغسل إلى أن تتم الصلاة ــ ولو بحشو الفرج بقطنة، وشده بخرقة ــ فإذا قصّرت وخرج الدم أعادت الصلاة، بل الأحوط الأولى إعادة الغسل.
مسألة 2522: لا يتوقف صحة الصوم من المستحاضة على الإتيان بما هو وظيفتها من الغسل، كما لا يتوقف جواز المقاربة على ذلك وإن كانت رعاية الاحتياط أولى، ويجوز لها أيضاً دخول المساجد وقراءة العزائم، ويحرم عليها مسّ كتابة المصحف ونحوها قبل تحصيل الطهارة، ويجوز لها ذلك قبل إتمام صلاتها دون ما بعده.
منهاج الصالحين
لآية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني
اترك تعليقاً