|
كتاب الطهارة » الغسل
المقصد الثاني: غسل الحيض
الفصل السابع: حكم تجاوز الدم عن العشرة
مسألة 221: قد عرفت حكم الدم المستمر إذا انقطع على العشرة في ذات العادة وغيرها، وأما إذا تجاوز العشرة قليلاً كان أو كثيراً وكانت المرأة ذات عادة وقتية وعددية جعلت ما في العادة حيضاً وإن كان فاقداً للصفات، والزائد عليها استحاضة وإن كان واجداً لها، سواء أمكن جعل الواجد أيضاً حيضاً ــ منضماً أو مستقلاً ــ أم لم يمكن، هذا إذا لم يتخلل نقاء في البين ــ كما هو مفروض الكلام ــ وإلا فربما يحكم بحيضية الواجد منضماً كما إذا كانت عادتها ثلاثة مثلاً ثم انقطع الدم، ثم عاد بصفات الحيض ثم رأت الدم الأصفر فتجاوز العشرة فإن الظاهر في مثله جعل الدم الواجد للصفات مع ما في العادة حيضاً، وأما النقاء المتخلل بين الدمين فالأحوط لزوماً أن تجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض.
مسألة 222: المبتدئة وهي: المرأة التي ترى الدم لأول مرة، والمضطربة وهي: التي تكررت رؤيتها للدم ولم تستقر لها عادة، إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة فله حالتان: (الأولى) أن يكون واجداً للتمييز بأن يكون الدم المستمر بعضه بصفة الحيض وبعضه بصفة الاستحاضة، و(الثانية) أن يكون فاقداً له بأن يكون ذا لون واحد وإن اختلفت مراتبه كما إذا كان الكل بصفة دم الحيض ولكن بعضه أسود وبعضه أحمر أو كان الجميع بصفة دم الاستحاضة ــ أي أصفر ــ مع اختلاف درجات الصفرة.
ففي الحالة الأولى: تجعل الدم الفاقد لصفة الحيض استحاضة كما تجعل الدم الواجد لها حيضاً مطلقاً إذا لم يلزم من ذلك محذور عدم فصل أقل الطهر ــ أي عشرة أيام ــ بين حيضتين مستقلتين وإلا جعلت الثاني استحاضة أيضاً، هذا إذا لم يكن الواجد أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من العشرة، وأما مع كونه أقل أو أكثر فلا بُدّ في تعيين عدد أيام الحيض من الرجوع إلى أحد الطريقين الآتيين في الحالة الثانية بتكميل العدد إذا كان أقل من ثلاثة بضم بعض أيام الدم الفاقد لصفة الحيض، وتنقيصه إذا كان أكثر من العشرة بحذف بعض أيام الدم الواجد لصفة الحيض، ولا يحكم بحيضية الزائد على العدد.
وأما في الحالة الثانية: فالمبتدئة تقتدي ببعض نسائها في العدد، ويعتبر فيمن تقتدي بها أمران:
الأول: عدم العلم بمخالفتها معها في مقدار الحيض، فلا تقتدي المبتدئة بمن كانت قريبة من سن اليأس مثلاً.
الثاني: عدم العلم بمخالفة عادة من تريد الإقتداء بها مع عادة من يماثلها من سائر نسائها.
وإذا لم يمكن الإقتداء ببعض نسائها كانت مخيرة في كل شهر في التحيض فيما بين الثلاثة إلى العشرة، ولكن ليس لها أن تختار عدداً تطمئن بأنه لا يناسبها، والأحوط استحباباً اختيار السبع إذا لم يكن غير مناسب لها.
وأما المضطربة فالأحوط وجوباً أن ترجع إلى بعض نسائها فإن لم يمكن رجعت إلى العدد على النحو المتقدم، هذا إذا لم تكن ذات عادة أصلاً، وأما إذا كانت ذات عادة ناقصة بأن كان لأيام دمها عدد (فوق الثلاثة) لا ينقص عنه كأن لم تكن ترى الدم أقل من خمسة أيام، أو كان لها عدد (دون العشرة) لا تزيد عليه كأن لم تكن ترى الدم أكثر من ثمانية أيام، أو كان لها عدد من كلا الجانبين (قلة وكثرة) كأن لم تكن ترى الدم أقل من خمسة ولا أكثر من ثمانية فليس لها أن تأخذ بأحد الضوابط الثلاثة في مورد منافاتها مع تلك العادة الناقصة.
مسألة 223: إذا كانت ذات عادة عددية فقط ونسيت عادتها ثم رأت الدم ثلاثة أيام أو أكثر ولم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضاً، وأمّا إذا تجاوزها فحكمها في ذلك كله حكم المبتدئة المتقدم في المسألة السابقة، ولكنها تمتاز عنها في موردين:
1 ــ ما إذا كان العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط الثلاثة المتقدمة أقل من المقدار المتيقن من عادتها، كما إذا كان العدد المفروض سبعة وهي تعلم أن عادتها المنسية إما كانت ثمانية أو تسعة، ففي مثل ذلك لا بد أن تجعل القدر المتيقن من عادتها حيضاً وهو الثمانية في المثال.
2 ــ ما إذا كان العدد المفروض أكبر من عادتها كما إذا كان ثمانية وهي تعلم بأن عادتها كانت خمسة أو ستة، ففي مثل ذلك لا بد أن تجعل أكبر عدد تحتمل أنه كان عادة لها حيضاً وهو الستة في المثال.
وأما في غير هذين الموردين فلا عبرة بالعدد المنسي، ولكنها إذا احتملت العادة فيما زاد على العدد المفروض فالأحوط الأولى أن تعمل فيه بالاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.
مسألة 224: إذا كانت ذات عادة وقتية فقط فنسيتها وتجاوز الدم عن العشرة، فحكمها ما تقدم في المبتدئة من لزوم الرجوع إلى التمييز أو الرجوع إلى بعض نسائها أو اختيار العدد على التفصيل المتقدم، ولا خصوصية للمقام إلا في موردين:
الأول: ما إذا علمت بأن زماناً خاصاً ــ أقل من الثلاثة ــ ترى فيه الدم فعلاً جزء من عادتها الوقتية ولكنها نسيت مبدأ الوقت ومنتهاه، فحكمها حينئذٍ لزوم التمييز بالدم الواجد للصفات المشتمل على ذلك الزمان، وأما مع عدم الاشتمال عليه فتعتبر فاقدة للتمييز فتختار العدد المشتمل عليه على التفصيل المتقدم.
الثاني: ما إذا لم تعلم بذلك، ولكنها علمت بانحصار زمان الوقت في بعض الشهر كالنصف الأول منه وحينئذٍ فلا أثر للدم الواجد للصفة إذا كان خارجاً عنه كما أنه ليس لها اختيار العدد في غيره، هذا والأحوط الأولى لها أن تحتاط في جميع أيام الدم مع العلم بالمصادفة مع وقتها إجمالاً.
مسألة 225: إذا كانت ذات عادة عددية ووقتية فنسيتها ففيها صور:
الأولى: أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد والحكم فيها هو الرجوع في العدد إلى عادتها وفي الوقت إلى التمييز على التفصيل المتقدم في المسألة السابقة، ومع عدم إمكان الرجوع إليه تجعل العدد في أول رؤية الدم إذا أمكن جعله حيضاً، وإلا فتجعله بعده كما إذا رأت الدم المتجاوز عن العشرة بعد الحيض السابق من دون فصل عشرة أيام بينهما.
الثانية: أن تكون حافظة للوقت وناسية للعدد، ففي هذه الصورة مع تذكّرها مبدأ الوقت تجعل ما تراه من الدم في وقتها المعتاد ــ بصفة الحيض أو بدونها ــ حيضاً، فإن لم يتجاوز العشرة فجميعه حيض، وإن تجاوزها فعليها أن ترجع في تعيين العدد إلى التمييز إن أمكن، وإلا فإلى بعض أقاربها، وإن لم يمكن الرجوع إلى الأقارب أيضاً فعليها أن تختار عدداً مخيرة بين الثلاثة إلى العشرة، نعم لا عبرة بشيء من الضوابط الثلاثة في موردين تقدم بيانهما في المسألة (223).
الثالثة: أن تكون ناسية للوقت والعدد معاً، والحكم في هذه الصورة وإن كان يظهر مما سبق إلا أنّا نذكر فروعاً للتوضيح:
الأول: إذا رأت الدم بصفة الحيض أياماً ــ لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة ــ كان جميعه حيضاً، وأما إذا كان أزيد من عشرة ــ ولم تعلم بمصادفته لأيام عادتها ــ تحيضت به وترجع في تعيين عدده إلى بعض أقاربها، وإلا فتختار عدداً بين الثلاثة والعشرة على التفصيل المشار إليه في الصورة الثانية.
الثاني: إذا رأت الدم بصفة الحيض أياماً لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة، وأياماً بصفة الاستحاضة ولم تعلم بمصادفة ما رأته من الدم مع أيام عادتها جعلت ما بصفة الحيض حيضاً وما بصفة الاستحاضة استحاضة إلا في موردين تقدم بيانهما في المسألة (223).
الثالث: إذا رأت الدم وتجاوز عشرة أيام وعلمت بمصادفته لأيام عادتها فوظيفتها الرجوع إلى التمييز إن أمكن وإلا فإلى بعض نسائها، فإن لم يمكن الرجوع إليهن أيضاً فعليها أن تختار عدداً بين الثلاثة والعشرة، ولا أثر للعلم بالمصادفة مع الوقت إلا في موردين تقدم التعرض لهما في المسألة (224) وإنما ترجع إلى العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط الثلاثة المتقدمة فيما إذا لم يكن أقل من القدر المتيقن من عددها المنسي ولا أزيد من أكبر عدد تحتمل أن تكون عليه عادتها، وأما في هذين الموردين فحكمها ما تقدم في المسألة (223).
مسألة 226: لا تثبت العادة الشرعية المركبة، فإذا رأت المرأة الدم في الشهر الأول ثلاثة وفي الشهر الثاني أربعة وفي الشهر الثالث ثلاثة وفي الشهر الرابع أربعة لا تكون بذلك ذات عادة في شهر الفرد ثلاثة وفي شهر الزوج أربعة بل حكمها حكم المضطربة المتقدم في المسألة (222)، نعم لو تكررت رؤية الدم بالكيفية المذكورة أو ما يشبهها مراراً كثيرة بحيث صدق عرفاً أنها عادتها وأيامها لزم الأخذ بها.
اترك تعليقاً