آية الله الشيخ محمد بن سلمان الهاجري والقضاء
برز بمجتمعنا الأحسائي علماء خلال القرون الماضية تصدوا لإبراز مسائل الحلال والحرام، وإيجاد الحلول الفقهية للنزاعات العائلية ، والاصلاح بين الأزواج،وتقسيم التركات ،والفصل في المنازعات ،ومتابعة مستجدات الوقفيات والوكالات ،بما يسهم من نشر العدالة ،وحماية الحقوق ، وتطبيق الأحكام،وغير ذلك من المهام التي قديؤديها القاضي على نحو الوقاية من المحذور ، أو من باب تنمية العلاقات الاجتماعية والتي أصبحت في وقتنا الحالي ضمن مهام المراكز الاستشارية الأسرية.وهناك جملة من علمائنا السابقين تصدوا لتلك المسؤولية بهدف إقامة العدل،وإبراز الحق ، ودمغ الباطل، في ظل المساحة المتاحة لهم لتطبيق الأحكام الشرعية وغير ذلك من المهام التي كانت تؤدى من علماء العصر وبعدة صور منها : أن يرجع الحاكم الرسمي لمرجع الدين في الاستشارة في الأمور الاستراتيجية التي ترتبط بمصالح المجتمع كما قيل عن بعض الولاة العثمانيين الذين راجعوا في ذلك الشيخ محمد آل أبي خمسين ، ومنها إعطاء مساحة معينة لمرجع الدين من قبل الحاكم في التصدي للقضاءوالفصل في المنازعات بين الأفراد كما كانت تلك المسؤولية للشيخ موسى آل أبي خمسين وبأمر من أمير الأحساء آنذاك عبد الله بن جلوي ، ومنها أن يرسل الحاكم بعض القضايا المستعصية والتي تحتاج لنكهة فقهية متعمقة ،كما ارسل أمير الأحساء سعود بن جلوي بعض الملفات المعقدة بين متخاصمين إلى الشيخ حبيب القرين ، ومنها إشراك العلماء في بعض ملفات النزاع بين المتخاصمين ، كما هو توجه بعض القضاة بمحاكمنا عندما يتم تحويل بعض القضايا إلى أصحاب الفضل بالمنطقة .ومن باب الانصاف يمكن القول أن معظم علماء الدين السابقين تصدوا لتلك المهام ، بل وحتى في زماننا الحالي يؤدي بعض فضلاء المنطقة دور الصلح بين الناس وحل الخصومات متى ما تم الرجوع إليهم وطلب منهم التشخيص والعلاج في الملفات التي تقدم إليهم .
- أما من كان يؤدي ذلك دور القضاء بشكل رسمي خلال المائتين سنة بالأحساء فكان على النحو التالي :
1- السيد حسين بن السيد محمد العلي السلمان (1280-1369هـ) حيث استمر في القضاء لحين وفاته 1369هـ.
2- السيد محمد بن السيد حسين العلي السلمان (1320-1388هـ) مدة قضائه من عام 1361- 1388هـ
3- الشيخ باقر بن الشيخ موسى آل أبي خمسين ( 1336-1413هـ ) مدة قضائه من عام 1388- 1413هـ.
4- الشيخ حسن بن الشيخ باقر آل أبي خمسين .
فقد تم ترشيح الشيخ محمد الهاجري لهذا المنصب في مرحلة مرض الشيخ باقر آل أبي خمسين من قبل أعيان المنطقة وبإشراف من بعض العلماء بعدما تقدم الشيخ باقر آل أبي خمسين إلى أمير المحافظة بطلب إعفائه عن القيام بمهام القضاء لمرضه وتدهور صحته ولم يستجب لطلبه حتى ما انتقل إلى الرفيق الأعلى في شهر صفر من عام 1413هـ ، بعدها تم تكليف الشيخ حسن آل أبي خمسين من قبل الإمارة للقيام بتلك المهام القضائية إلى حين تعيين القاضي الرسمي.(1)فاستمر الشيخ حسن في ذلك المنصب لحين توفر الشخص المناسب لذلك المقعد،وقد قيل على لسانه بأنه لن يجعل القضاء بوابة دخوله النار فكتب خطاباً موجهاً لأمير الأحساء آنذاك يطلب منه إعفائه عن تلك المسؤولية ويرشح فيه لذلك المنصب الشيخ محمد الهاجري ، بالمقابل لما طلب بعض المتصدين من الشيخ محمد الهاجري أن يقبل بتلك المسؤولية رفض ذلك ورشح ستة من العلماء لذلك المنصب منهم : الشيخ حسين الخليفة ،والسيد طاهر السلمان والسيد علي الناصر ، والشيخ محمد اللويم،والسيد عبد الله الصالح العبد المحسن ،ثم قال أنه متى ما رفضوا الفضلاء المعنيين تلك المسؤولية سيقبل بذلك الدور،فقيل له أنت أولى بهذا المنصب، فبادر الحاج حسين بن عيسى البن الشيخ بكتابة خطاب ذكر فيه ترشيح الشيخ محمد الهاجري للقضاء الجعفريووقع عليه من بعض الشخصيات الدينية والاجتماعية والرسمية في حدود أربعين شخصية وأرسلت البرقية إلى أصحاب القرار بالرياض وجاءت الموافقة فيما بعد(2) .
5- تولى الشيخ محمد الهاجري كرسي القضاء في شهر جمادى الأولى من عام ألف وأربع مائة وثلاثة عشر بعد وفاة الشيخ باقر بثلاثة أشهر تقريباً. ومع تلك الأحداث والتأثيرات عليه بقبول ذلك المنصب ألح عليه : السيد عبد الله بن السيد علي الصالح العبد المحسن فقد قال له : أنت متعين القضاء في شخصك لأنك مجتهد ، وكذلك ممن طلب منه الموافقة على تلك المسؤولية رفيق دربه الشيخ عبد الوهاب بن سعود الغريري الذي قال له أنت شجاع ومثلك مؤهل لذلك مع رفض الفضلاء التصدي لتلك المسؤولية علماً بأنه كان يؤدي مهام القضاء من بعد رجوعه من رحلته العلمية من كربلاء المقدسة فقد كان يرجع له بعض أفراد المجتمع ، كما كان الشيخ باقر يحيل له بعض القضايا التي تحتاج لتشخيص مثله وما ذلك إلا لعمقه الفقهي ، وتمكنه العلمي ، وقد ضم له مساعداً له وهو الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله اللويم ، والذي أصبح فيما بعد قاضياً بشكل رسمي.ويرجع الشيخ أحمد الخليفة والذي عمل معه داخل دهليز المحكمة ، أسباب نجاح الشيخ محمد الهاجري في ذلك الموقع إلى عدة أسباب منها : قوة في الالتفات المجتمع حوله ، وانصياع الناس له ،وعمق علمي ، وقوة الشخصية ، والذكاء ، والفراسة ، وتسالم الحوزات العلمية على علميته ، ونفوذه في الجهات الرسمية حيث كان يحظى بقبول بالرغم من قلة تواصله.
6- الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله اللويم وضم له بشكل رسمي الشيخ حسن بن الشيخ باقر آل أبي خمسين .
7- الشيخ حسن بن الشيخ باقر آل أبي خمسين .
8- الشيخ محمد بن الشيخ حسن الجزيري ثم ضم له السيد علي بن السيد طاهر السلمان .
الشيخ محمد الهاجري على كرسي القضاء
وفي هذا نتناول أهم صفات الشيخ في القضاء ومنها :
1- غزارة علمية مكنته من إيجاد مخارج علمية للمشاكل المعقدة والتي تحتاج لفقيه مثله . وفي هذا وصفه تلميذه السيد عبد الأمير بن السيد ناصر السلمان ( …. كان مستحضراً للقواعد والمطالب ، فقد كان لا يتردد في الإجابة عن أي مسألة فقهية ….)، كما أشار لذلك تلميذه الشيخ محمد بن صادق الشهاب وهو يصف أستاذه إلى أن أشار إلى ( …. غزارة علمه ودقة فهمه …. ) ، كما أبانه في ذلكالشيخ حسن بن الشيخ باقر آل أبي خمسين( ….أن حضوره كان دائماً ثرياً بالمناقشة العلمية في المسائل الفقهية والأصولية والإجابة عليها بالسرعة والبديهية الحاضرة….. )، كما وصفه الأستاذ عبد المجيد السليمان في ذلك إذ يقول ( …..يملك قدرة على فك أصعب المسائل تعقيداً بسهولة فكل مسألة يوجد لها حل عند سماحته …..) .
2- قوة فراسته والقدرة على القراءة الشاملة للقضية المتخاصم عليها من جميع أطرافها وزواياها الخفية .
وفي هذا أشار فقيدنا في آخر مقابلة أجريت معه إلى أن أهم الصفات التي يجب توفرها في القاضي وهي تقوى الله ومخافته ثم الحنكة وعدم التسرع والحذر ، فقد جاء في الحديث الشريف تحذيراً للقاضي ( أن القاضي على شفير جهنم ) وغير ذلك من الأحاديث التي تحذر القاضي حتى يكون على قدر من اليقظة والحذر وتجعل الله أمامه في جميع الأحوال .كما وصفه تلاميذه في البيان الذي قرأ بمجلس عزائه حيث مما وصفوه به ( …. مع فراسة ودقة نظر منقطعة النظير في جميع القضايا التي كانت تعرض عليه… )، وفي هذا الشأن يشير الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله اللويم ( ……فقد كان من حيطته لدينه أن جعل الطلاق بتحويل من القاضي حذراً من وقوع الطلاق الثلاث في طهر حيث أنه محل خلاف عند الفقهاء وليس إنكاراً لفتوى من يرجع إليه من يصدر منه مثل هذه القضية أو ازدراءً بها بل حيطة منه حيث يطلب منه التصديق على ذلك وهو محل اختلاف )، كما يصفه في ذلك تلميذه الشيخ حسين بن أحمد الشرجي ( كان ملتفتاً لكثير من النكات العلمية التي قد تغيب عن الكثير من الفضلاء ) ، كما ذكره تلميذه الشيخ حبيب الهديبيومن جملة ما ذكره من صفات عن أستاذه بأنه يملك ( …. دقة التشخيص …..)،كما أشار الشيخ عادل الأميرلتلك الصفة في الشيخ الهاجري حيثما قال ( …. وبعد النظر والخبرة المتنوعة واستحضار أكبر كم من الحيثيات التي تمس القضية محط اهتمامه ومعالجته سواء ما يتعلق منها بالجوانب الفقهية أو الاجتماعية أو النفسية ….. )، ويقول في ذلك الشيخ حسن الفضلي ( كان للشيخ الهاجري أسلوب مميز في معرفة الحقائق في القضايا، وله فراسة في معرفة الأشخاص حسنهم وسيئهم وله هيبة عظيمة يلزم انتقاء الكلمات لمخاطبته ).
3- الابتعاد عن الحكم وبذل قصارى جهده للصلح بين المتخاصمين . فقد ذكر في المقابلة التي أجريت معه عن طريق مجلة فجر الأحساء (…أن فقهاء الإمامية يتورعون من الحكم ويفضلون بين المتحاكمين غالباً بالصلح ما أمكن ونحن على رأي سلفنا الصالح ، وإذا لم يمكن الصلح فيلجأ إلى ما يحكم به الكتاب والسنة المطهرة بعد النظر إلى أمهات أسباب الحكم والخصومات وهي ثلاثة : الإقرار ، والبينة ، واليمين ). وفي ذلك يصفه القاضي الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله اللويم ( تولى منصب القضاء قرابة اثني عشر عاماً ومن أبرز شؤون القاضي حسم رأيه فكان رحمه الله يحاول الفرار من ذلك ويلجأ إلى الصلح ما استطاع إليه سبيلا لا تؤثر فيه العواطف والميولات ) ويصفه في هذا الشأن الشيخ عادل الأمير ( الذي يحرص أن يجعل المصالحة هي النهاية لكل قضية خلاله تكون المصالحة هي الأجمل فيها ما استطاع إلى ذلك من سبيل )،وفي ذلك يقول تلميذه الشيخ عبد الأمير الخرس أن المشاكل الزوجية كانت غالباً ما تحسم بالطلاق ولكن الشيخ كان يبذل قصارى جهده للإصلاح والتوفيق بين الزوجين ولم يكن يندفع وراء أي مغر من المغريات ، فلم يكن ليباشر الطلاق إلا بعد أن يتأكد أنه لا مجال للتوفيق والإصلاح ، وبعد ذلك يطلق ، وكان حريصاً جداً في أن يقع الطلاق صحيحاً ، فكان يتأكد من توفر وأحكام وكل الأمور التي لها علاقة في صحة إيقاع الطلاق ، فكان لا يطلق إلا بعد أن يتأكد ، من ذلك كان في بعض الأحيان لا يكفي بالإخبار ، كان يطلب حضور المرأة حتى يسمع كلامها وكان أحياناً يرسل بعض طلبة العلوم الدينية إلى المنازل حتى يستعلموا عن حال المرأة ، وفي ذلك يقول الشيخ عبد الله الياسين طلبت منه أن أكون الولي على أحد الأوقاف لكنه رفض ذلك ولم أعرف صوب نظرة الشيخ الهاجري إلا بعد فترة بسبب المشاكل التي نتجت من ذلك الوقف، ومنها ما نقله عبد المجيد السليمان من مواقفه في المحكمة والتي منها أن جاءه رجل كبير السن ومعه طالب علم وشهود يرغب هذا الرجل في أن يوقف بيته الذي يملكه على حسينية في منطقته فسأله الشيخ عما إذا كان له أولاد فأجاب بأن له بنتاً واحدة فقط فطلب الشيخ إحضارها للاطلاع على ذلك قطعاً للتنازع مستقبلاً فأعترض طالب العلم على طلب الشيخ إحضار البنت قائلاً أن ذلك ليس من الشرع وأخذ يصرخ ويقول إننا سوف نعمل وقفية للبيت في المحكمة الكبرى وطلب من الحضور عدم الاستجابة لطلب الشيخ وخرج معهم وهو غضبان فقال الشيخ : إن هذا الموضوع لا يخلو من مشكلة وفعلاً تبين أنه في نفس اليوم تقدم أخوه للمحكمةباعتراض يفيد فيه أن أخاه مجبور من طالب العلم المذكور . وذكر الأستاذ عبد الكريم بن موسى الهاجري في ذلك كان أحد الأشخاص لا يتواصل مع الشيخ محمد الهاجري إطلاقاً وبعدما كانت له قضية في المحكمة كان أحد أطرافها أصبح يزور الشيخ الهاجري بشكل يومي فقال له الشيخ محمد لا تأتي لزيارتنا حتى تنته القضية فإذا انتهت فمرحباً بك.
4- عدم التهاون من الهفوات التي تصدر من طلبة العلوم الدينية .وفي ذلك يصفه الشيخ محمد اللويم (وكان من حبه للمؤمنين خصوصاً طلبة العلم – وفقهم الله تعالى – محاولة حملهم على التأدب في كتاباتهم وألفاظهم حذراً من أن يوصموا بعدم المعرفة من جهات أخرى ….) ، وينقل لنا الأستاذ عبد المجيد السليمان أن أحد قضاة المحكمة الكبرى أبلغه بأن الشيخ محمد الهاجري ساهم في تطوير الكتابة عند طلبة العلوم الدينية .
5- الصدع بالحق وعدم المجاملة فكان لا تأخذه في الله لومة لائم . وفي ذلك يصفه طلبته في بيانهم بمجلس عزائه ( لم تكن تأخذه في الله لومة لائم أو قرابة إذا شخص الحق ) ، كما ذكره السيد هاشم بن السيد محمد السلمان بأن قال عنه( … خلال فترة عمله بالقضاء ولمدة قاربت العقد والنصف إزدان به القضاء فهو من نوع الرجال الذين يضفي على المكان رونقاً وبهاءاً ، ولا يأخذ من المكان شيئاً، إنه النبع الرائق الصافي الذي ينشر النسمة الباردة واللمسة الحانية حيث يكون وحيثما يحل ….) ، كما ذكر الشيخ عقيل الشبعان هذا الموقف لشخصهوالذي نقل عنأحد طلبة العلوم الدينية بأن الشيخ محمد الهاجري كان لديه رقما شاغراً للمأذونية يريد يسلمه لأحد الطلبة ، فسأل الشيخ محمد من هم بمجلسه على نحو الاستشارة عن طالب العلم الذي اقترحه لتسليمه المأذونية ، فذكره أحدهم بكلام لا يليق فأوقفه الشيخ محمد الهاجري ، وقال له مهلاً أنت عندي ثقة إلا أن هذا التعليق لا يليق بشأنك ولا أود أن اسمعه منك مع أن ذلك الشيخ المقترح لاستلام المأذونية كان ممن لا يسترضي الشيخ الهاجري ويعلم به ولكنه لم يلتفت إلى ذاته بقدر التفاتة لإحقاق الحق وإبطال الباطل وما جعل نفسه معياراً للتقريب والتبعيد.كما يجسد تلك الصفةما ذكره الدكتور أحمد بن معتوق الشبعان ( …رجل لا تأخذه في الله لومة لائم ، لا تزيده كثرة الناس عزة ولا تفرقهم عنه ذلة …. )
6- الحافظة القوية لكل ما ذكر وكتب في قضية ما .وفي ذلك يقول عبد المجيد السليمان ( كانت عند الشيخ ذاكرة قوية يعلم أين كتبت تلك المعاملة بل ويقول لي أفتح الجانب الأيمن من الدفتر لترى المعاملة وإذا هي كما قال .
- أبرز التطورات التي تمت في المحكمة في عصره
1- تعيين مساعد له وهو الشيخ محمد اللويم.
فقد أشار في آخر مقابلة أجريت معه أنه تم اختيار الشيخ محمد اللويم في عام 1415هـ كمساعد له ، ثم سعى لتثبيته كقاضي رسمي ، ومن أهم أسباب اختياره هو ما يملكه الشيخ محمد اللويم من خبرة في التعامل وتحصيل علمي رفيع وتقوى وصبر ، إضافة إلى العدد الكبير الذي تواجهه من قضايا مما يصعب على قاض واحد مواجهتها .
2- إدخال جميع المعاملات عن طريق الكمبيوتر .
3- ضبط الأوقاف وتنظيمها .
حيث يقول في آخر مقابلة أن الأوقاف في المنطقة كثيرة ولكنها مهملة وغير موظفة بأسلوب صحيح ولو تم استثمارها بأسلوب صحيح لعالجت الكثير من المشاكل الاقتصادية التي تواجه المجتمع ، تنظيم المأذونين .
كما أشار لذلك الشيخ محمد بن علي الحرز حيث قام بحصر المأذونين بعد أن كانوا غير معروف عددهم والمتابعة معهم والتأكد من أهليتهم واستبدال من تكون له الأهلية لذلك ممن توفي منهم.
4- تردده للمسؤولين للبحث عن علاج لمشاكل المجتمع بالمنطقة ومن ضمنها قضايا المحكمة . يصفه تلاميذه في بيانه ( كان لا يتردد في فعل كل ما من شانه حفظ مصلحة هذه الطائفة ، وقد صرف من عمره الكثير في هذا الشأن . ويذكره الشيخ عادل الأمير ( التفاعل الواضح مع قضايا الشأن العام وهمومه سواء كانت فكرية الطابع أو عمليته ، والتعاطي الإيجابي مع كل فكرة أو مشروع يسهم في المعالجة أو الوقاية أو التفوق خصوصاً إذا استوضح رجحان الغاية وطيب الوسيلة ومناسبتها لمقتضى الحال والنوعية التي يثق فيه ويؤمل بها من القائمين ) ويصفه المهندس محمد بن الشيخ محمد الجبران بما يلي ( … وبقي جانب هام في شخصية هذا الرجل وهو اهتمامه بقضايا الناس في الشأن العام وتبني مطالبهم فكان مسموع الكلمة من قبل المسؤولين وقد شارك الشيخ في إعداد وتبني الكثير من العرائض التي رفعت إلى كبار المسؤولين فكان من أهمها البيان الذي شمل تصوراً للعلاقة بين الشيعة والحكومة والشيعة وبقية الطوائف بالمملكة وهو بيان شركاء في الوطن الذي قدمه وفد من الطائفة لسمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني …)
5- سعى مع مجموعة من المختصين لتطوير اللائحة المرتبطة بالمحكمة الجعفرية . ويصف ذلك المهندس محمد الجبران ( ….واهتم كثيراً رحمه الله بوضع المحكمة الجعفرية ونظامها الذي أقره مجلس الوزراء عام 1394هـ وبذل الكثير من الجهد لتغير هذا النظام والذي أثار الكثير من المشاكل وقدم دراسة لتنظيم جديد على قرار نظام بعض دول الخليج في القضاء الجعفري وقدمت الدراسة لمعالي وزير العدل ، وتبنى رحمه الله وجماعة من القانونين مناقشة ومراجعة اللائحة الجديدة المقدمة من وزارة العدل بشان المحكمة الجعفرية والواردة في 17 صفحة ، وقد تم مراجعتها وبيان رأي الطائفة فيها ورفض ما ورد فيها من بنود لا تتفق مع المصلحة الوطنية ….)
6- وضع لجنة لإحصاء الأوقاف المهجورة والتي ليس عليها ولي شرعي .
وقد ذكر في آخر مقابلة لنا معه بأنه (… كلف الشيخ محمد اللويم لحصر ما يمكن حصره منها ). وقد ذكره الشيخ أحمد بن جاسم المهينيفي ذلك ( ….فقد فقدنا عالماً مجاهداً قد أدى رسالته في مجتمعه على الوجه الأكمل ، ولو لم يكن إلا دوره الريادي في القضاء لكفى …) ، وينقل عبد المجيد السليمان بأنه قال للشيخ محمد الهاجري بأنهسيرفع له إلى الجهة المختصةبطلب تحديدراتب له ،فرفض ذلكوقال أنا أطلب ذلك من خالقي أفضل .
قال فيه الشاعر السيد حسين الياسين:
واتخذت القضاء جسراً إلى العدل ونهجاً به يزاح الشقاء
ما ترى غير أن تحقق عدلاً أمنته في كفك الأوصياء
وتؤم الورى إلى منبع الفيض إلى حيث تهدف الأنبياء
همك الحق ليس تبغي سواه في مقام تدافع الخصماء
واضح النهج ثابت الخطو حراً لم تحم حول نهجك الأهواء.
كما قال في حقه الشاعر السيد محمد رضا بن السيد عبد الله السلمان في 20/ 8/ 1416هــ
زهر اللوز وغنت طرباً بلدة الأحساء مذ لاح القمر
ودنا من منصب العدل الذي شاءه الرحمن في لوح القدر
لابن سلمان جموع أنصتت تبتغي الحكم ولم تخش الضرر
حيث أن العدل في ساحته نظرة تسمو على نقد البشر
سلمت كف ودامت طلعة برؤاها ينجلي عنا الكدر
فأجلها حكمة في ظلها يحفظ الحق لأبناء هجر(3)
إلى روح الشيخ محمد الهاجري ومن ذكرنا من الموتى وموتانا وموتاكم وموتى المسلمين مع الصلاة على محمد وآله .
(1) ذكر ذلك رئيس كتّاب الضباط بالمحكمة عبد المجيد بن موسى السليمان.
(2) والذي قام بتلك المبادرة الحاج حسين بن عيسى البن الشيخ.
(3) المصدر : كتاب سيرة آية الله الشيخ محمد الهاجري . سلمان الحجي
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً