الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين ، من الأولين والآخرين.
وبعد : فهذه دراسة سريعة في « نهج البلاغة » لمعرفة أهل البيت وعترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كما وصفهم سيّدهم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
ونهج البلاغة للشريف الرضي ، وكل ما فيه مختاراته من خطب الإمام وكلماته ورسائله المشتملة على تعاليمه وأفكاره ونظراته وآرائه ، في مختلف الشؤون.
ولقد كاد أن يكون التشكيك في نسبة الكتاب إلى الشريف ، أو الكلمات الشريفة إلى الإمام ، على حدّ التشكيك في وجود الامام والشريف نفسهما.
وكان جديراً بنا أن نرجع إلى « نهج البلاغة » لمعرفة مكانة « أهل البيت » ومنزلتهم ، لأنّه عليه السّلام سيّدهم ورئيسهم ، وأعرف الناس بهم ، وهو ـ مع ذلك ـ البارع في الوصف والعادل في الحكم.
لقد جاء ذكر « أهل بيت » في مواضع كثيرة من « نهج البلاغة » ، ولأغراض مختلفة ، وهو ـ في الأغلب ـ يركّز بشتّى الأساليب على أفضليّتهم المطلقة وأولويّتهم بالكتاب والسنّة وتطبيقهما ، وأحقيّتهم بالإتّباع والطاعة.
وإذا ما راجعنا تلك الأوصاف ومعانيها ، ونظرنا في شواهدها من الكتاب والسنّة ومبانيها ، عرفنا عدم دخول من أجمع المسلمون على عدم عصمته ، تحت عنوان « آل النبيّ » و « أهل بيته » و « عترته ».
فهلم معي إلى « نهج البلاغة » لمعرفة جانب من شأن « أهل البيت ».
لا يقاس بآل محمّد من هذه الاُمّة أحد يقول عليه السلام : « لا يقاس بآل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم من هذه الاُمّة أحد ، ولا يسوّي بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً » (1).
وهذه كلمة جامعة وعبارة مطلقة :
« لا يقاس بآل محمّد ـ ص ـ » ، أي : في شيء من الأشياء.
« من هذه الاُمّة » ، أيّ : ومن غيرها بالاولوية ، لأنّ هذه الاُمّة « خير اُمّة اُخرجت للناس » (2).
« أحد » أي : كائناً من كان.
« ولا يسوّي بهم » ، أي : فضلاً عن أن يفضل عليهم.
« من جرت نعمتهم بهم » ، والنعمة هنا عامّة.
« أبدا » تأييد للنفي ، أو : إنّ كلّ ما كان وما يكون إلى الأبد من نعمة فهو منهم . وهذا معنى دقيق جليل سنتعرض له ببعض التوضيح في شرح قوله عليه السلام : « إنا صنائع ربّنا والناس صنائع لنا ».
وكلام الإمام هذا يسد باب المفاضلة بين « أهل البيت » وغيرهم من الأنبياء والمرسلين ، والملائكة المقرّبين ، فضلاً عن أصحاب رسول ربّ العالمين ، ولقد أنصف وأحسن بعض المحقّقين من أهل السنّة فقال بأنّ من يفضّل فلاناً على سائر الصحابة لا يقصد تفضيله على علي ، لأنّ عليّاً من أهل البيت.
فأفضل الخليفة بعد محمّد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ آلُهُ ، وهذا هو الواقع والحقيقة ، لأنّهم فاقوا كالنبي كلّ النبيّين ـ وهم أشرف المخلوقات ـ في الخلق والخلق والكمالات.
ما في « الخلق » فقد خلقوا والنبي صلى الله عليه وآله من نور واحد ومن شجرة واحدة ، كما في الأحاديث المستفيضة المتّفق عليها.
فقد روى أحمد بن حنبل ، عن عبد الرزاق ، عن معمّر ، عن الزهري ، عن خالد بن معدان ، عن زاذان ، عن سلمان ، قال : قال رسول الله ـ ص ـ : « كنت أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي الله تعالى ، قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام ، فلمّا خلق آدم قسم ذلك النور جزءين ، فجزء أنا وجزء علي » (3).
وروى الكنجي ، عن الخطيب البغدادي ؛ وابن عساكر ، عن ابن عبّاس ، قال : قال النبي ـ ص ـ : « خلق الله قضيباً من نور قبل أن يخلق الدنيا بأربعين ألف عام ، فجعله أمام العرش ، حتّى كان أوّل مبعثي ، فشقّ منه نصفاً فخلق منه نبيّكم ، والنصف الآخر علي بن أبي طالب » (4).
وأخرج الحاكم ، عن جابر بن عبدالله ، قال : « سمعت رسول الله ـ ص ـ يقول لعلي : يا علي ، الناس من شجر شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة ، ثمّ قرأ رسول الله ـ ص ـ : « وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ » ، هذا حديث صحيح الاسناد » (5) .
وروى الكنجي ، عن الطبراني وابن عساكر ، عن أبي اُمامة الباهلي ، قال : « قال رسول الله ـ ص ـ : إنّ الله خلق الأنبياء من شجر شتّى وخلقني وعليّاً من شجرة واحدة ، فأنا أصلها ، وعلي فرعها ، وفاطمة لقاحها ، والحسن والحسين ثمرها ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوى ، ولو أنّ عبداً عَبَدَ الله بين الصفا والمروة ألف عام ثمّ ألف عام ، ثمّ لم يدرك محبّتنا أكبّه الله على منخريه في النار ـ ثم قال : ـ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ » (6).
وإليه أشار عليه السلام بقوله : « عترته خير العِتَر ، واُسرته خير الاُسر ، وشجرته خير الشجر ، نبتت في حرم ، وبسقت في كرم ، لها فروع طوال ، وثمر لا ينال » (7).
وقال : « اُسرته خير أسرة ، وشجرته خير شجرة ، أغصانها معتدلة ، وثمارها متهدلة » (8).
وقال : « نحن شجرة النبوة » (9).
بل إنّ « آل محمّد » هم « بضعة » منه ، ففي الحديث المتّفق عليه : « علي منّي وأنا منه » (10) ، و « فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني » (11) ، واستناداً إلى هذا الحديث قال الحافظ السهيلي بأنّ فاطمة عليها الصلاة والسلام أفضل من أبي بكر وعمر (12) ، لكونها بضعة من النبي ، وكذا قال الحافظ البيهقي (13) ، ولا شكّ في أنّ ولديهما والأئمّة من ولد الحسين بضعة منهما ، فهم بضعة النبي الكريم.
بل إنّ « آل محمّد » هم « نفس » النبيّ ، فإنّ عليّاً عليه السلام نفسه لآية المباهلة (14). وقد خاطب ابنه الحسن بقوله : « وجدتك بعضي بل وجدتك كلّي » (15) . وكذلك الحسين والأئمّة من ولده …
وأمّا في « الخلق » ، فعند آل محمّد جميع كمالات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وفضائله ، لأنّهم تربّوا في حجره وتعلّموا على يديه ، يقول عليه السّلام :
« أنا وضعت في الصغر بكلاكل العرب ، وكسرت نواجم قرون ربيعة ومضر ، وقد علمتم موضعي من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمّني إلى صدره ويكنفني في فراشه ، ويمسّني جسده ، ويشمّني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل ، ولقد قرن الله به ـ صلى الله عليه وآله ـ من لدن أنْ كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره . ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر اُمّه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالإقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة وأشمّ ريح النبوّة ، ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنّة ؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته ، إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى ، إلاّ أنّك لست بنبيّ ، ولكنّك لوزير ، وإنّك لعلى خير.
… وإنّي لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم ، سيماهم سيّما الصدّيقين ، وكلامهم كلام الأبرار ، عمّار الليل ومنار النهار ، مستمسكون بحبل الله ، يحيون سنن الله وسنن رسوله ، لا يستكبرون ولا يعلون ، ولا يغلون ولا يفسدون ، قلوبهم في الجنان وأجسادهم في العمل » (16).
يركّز الامام عليه السلام في هذا الكلام على نقطة مهمّة جدّاً وهي : إنّ من يقوم مقام النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم في شؤون الرسالة لابدّ أن يكون أفضل المتخرّجين عليه والمتأدّبين منه ، ويؤكّد على أنّه هو الواجد لهذه المواصفات والحائز لتلك المقامات ، وإنّه ما من علم علمه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وأذّن في تعليمه ، وما من خلق وأدب كان الرسول عليه إلاّ وقد أخذه منه ، حتّى تأهّل لأن يسمع ما كان يسمع ويرى ما كان يرى ، ولولا ختم النبوّة بمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم لكان هو النبيّ من بعده ، ولذا استثنى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم النبوّة قائلاً له : « إلاّ أنّك لست بنبيّ ، ولكنّك لوزير » . وفي قوله : « ولكنّك لوزير » إشارة إلى قوله عزّ وجلّ حكاية عن موسى : « وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي » (17).
وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم له عليه السلام :
« أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي » (18).
ثمّ إنّه أشار إلى طرف من صفات أهل البيت المعنويّة التي خصّهم الله عزّ وجلّ بها ، قائلاً : « وإنّي لمن قوم لا تأخذهم … ».
وإن أشرف الأشياء التي أخذوها من النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأعلاها : علومه ومعارفه وأسراره ، وهذا ما كرّر الإمام ذكره وأعلن به فخره ، يقول عليه السلام : « هم موضع سرّه ، ولجأ أمره ، وعيبة علمه ، وموئل حكمه ، وكهوف كتبه ، وجبال دينه . بهم أقام انحناء ظهره ، وأذهب ارتعاد فرائصه » (19).
والضمائر كلّها راجعة إلى « الله » أو « النبيّ » ، إلاّ الضمير في « ظهره » و « فرائصه » فإنّهما عائدان إلى « الدين ».
والمراد من « السرّ » العلوم التي لا يحتملها أحد غيرهم ، ومن « الأمر » كلّ ما يحتاجه الناس لدينهم ودنياهم ، فالأئمّة هم المرجع والملاذ فيه ، قال تعالى : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ … » (20) وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام نفسه إلى هذا المعنى ، مستدلاً بالآية الكريمة ، في قوله الآتي ذكره : « إنا لم نحكم الرجال … ».
والمراد من « عيبة علمه » أنّ الأئمّة أوعية لعلوم الله التي أودعها النبي ، وإليه أشار هو بقوله : « … علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلاّ الله ، وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ، ودعا لي بأنّ يعيه صدري وتَضْطمّ عليه جوانحي » (21) وبه أخبار رواها الكليني في الكافي (22).
والمراد من « الحكم » مطلق الأحكام الشرعيّة أو خصوص الحكم بمعنى القضاء ، وقد تواتر عن أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله قولهم : « أقضانا علي » (23) والأخبار الواردة عنهم في النهي عن التحاكم إلى غيره كثيرة ، أورد بعضها الحرّ العاملي في الوسائل (24).
والمراد من « كتبه » هي الكتب السماوية إن كان مرجع الضمير « الله » والقرآن والسنّة وغيرهما من آثار النبيّ إن كان المرجع « النبيّ » ، أمّا علم القرآن فهم أهله والمرجع فيه ، ومنهم اُخذ وعنهم انتشر ، وناهيك بعبدالله بن العباس ونظرائه ، الذين إليهم تنتهي علوم القرآن ، وهم تلاميذ أمير المؤمنين ، وأمّا الكتب السماويّة فالأخبار عنهم في كونها عندهم كثيرة ، روى بعضها الكليني في الكافي (25) وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام :
« سلوني قبل أن تفقدوني ، فأنا عيبة رسول الله ، وأنا فقأت عين الفتنة بباطنها وظاهرها ، سلوا من عنده علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب ، سلوني فأنا يعسوب المؤمنين حقّاً ، وما من فئة تهدي مائة أو تضلّ مائة إلاّ وقد أتيت بقائدها وسائقها ، والذي نفسي بيده لو طوى لي الوسادة فأجلس عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم ، ولاهل الانجيل بإنجيلهم ، ولأهل الزبور بزبورهم ، ولأهل الفرقان بفرقانهم.
فقام ابن الكوا إلى أمير المؤمنين عليه السّلام وهو يخطب الناس فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن نفسك ، فقال : ويلك ، أتريد أن اُزكّي نفسي وقد نهى الله عن ذلك ؟! مع أنّي كنت إذا سألت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أعطاني ، وإذا سكت ابتداني ، وبين الجوانح منّي علم جمّ ، ونحن أهل البيت لا نقاس بأحد » (26).
والمراد من « جبال دينه » هو بقاء الدين ببقائهم كما سيأتي. ويقول : « هم عيش العلم وموت الجهل ، يخبركم حلمهم عن علمهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، وصمتهم عن حكم منطقهم ، لا يُخالفون الحقّ ولا يختلفون فيه ، وهم دعائم الإسلام وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحقّ إلى نصابه ، وانزاح الباطل عن مقامه ، وانقطع لسانه عن منبته ، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية ، لا عقل سماع ورواية ، فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل » (27).
وفي قوله : « لا يخالفون الحقّ ولا يختلفون فيه » أشار إلى حجّيّة قول الواحد منهم فكيف بإجماعهم !! وفي الخبر عن أبي الحسن عليه السلام : « نحن في العلم والشجاعة سواء » (28).
وفيه عن أبي عبدالله عليه السلام أنّ النبي وأمير المؤمنين وذريّته الأئمة « حجّتهم واحدة وطاعتهم واحدة » (29).
وفيه عنه : « نحن في الأمر والفهم والحلال والحرام نجري مجرى واحداً ، فأمّا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعلي فلهما فضلهما » (30).
ويقول عليه السلام : « نحن شجرة النبوّة ، ومحطّ الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومعادن العلم ، وينابيع الحكم »(31).
وبهذا أخبار رواها الكليني في الكافي عن أئمّة أهل البيت (32).
ويقول عليه السلام :
« تالله لقد علمت تبليغ الرسالات ، وإتمام العدات ، وتمام الكلمات ، وعندنا ـ أهل البيت ـ أبواب الحكم وصياء الأمر » (33).
أي : علّمه رسول الله صلّى الله عليه وآله طرق تبليغ المعارف والأحكام التي جاء بها النبيّون ، لا سيّما نبيّنا الكريم صلّى الله عليه وآله ، فإنَّ من كان أساساً للدّين ووعاء للعلوم ، لابدّ وأن يعرف كيفيّة حفظ الدين وتبليغه . وطريق نشر العلم وتعليمه ، فإنّ ذلك يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والاُمم والأشخاص ، فليس لأحد أن يعترض عليه في فعل أو ترك ، أو قول ، أو صمت.
وعلّمه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حقائق العدات التي كانت بين الله عزّ وجلّ وسفرائه الكرام إلى العباد ، وكيفيّة إنجازها وإتمامها ، أو علّمه رسول الله ـ ص ـ العدات التي وعدها للناس وكيفيّة إنجازها من بعده ، لكونه وصيّه ومنجز وعده ، كما في الأحاديث عند الفريقين.
وعلّمه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الكلمات التي كانت بين الله تعالى ورسله وتمامها « وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ » (34). ولعلّها أشياء غير الكتب السماويّة والصحف الإلهيّة .
قال : وعندنا أهل البيت أبواب الحكم وضياء الأمر ، و « الحكم » إمّا بضمّ الحاء وسكون الكاف وهو القضاء ، فلأهل البيت في أحكامهم هداية ربّانيّة قد لا تحصل إلاّ للمعصومين مثلهم ، قال تعالى : « إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ … » (35) أو المراد مطلق الأحكام ؛ وإمّا بكسرها وفتح الكاف ، وهو جمع الحكمة.
و « الأمر » الولاية والخلافة ، أو الأحكام ، أو مطلق الاُمور فإنّهم عالمون بها بإذن الله.
ويؤكّد في موضع آخر على أنّ حقائق الكتاب والسنّة عند أهل البيت ، وأنّهم أحقّ بها وأولى من غيرهم ، فيقول : « إنّا لم نحكم الرجال وإنّما حكمنا القرآن ، هذا القرآن إنّما هو خطّ مستور بين الدفّتين ، لا ينطق بلسان ، ولابدّ له من ترجمان ، وإنّما ينطق عنه الرجال ، ولمّا دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولّي عن كتاب الله سبحانه وتعالى ، وقد قال الله سبحانه : « فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ » ، فردّه إلى الله أن نحكم بكتابه ، وردّه إلى الرسول أن نأخذ بسنّته . فإذا حكم بالصدق في كتاب الله فنحن أحقّ الناس به ، وإنّ حكم بسنّة رسول الله فنحن أحقّ النّاس وأولاهم بها … فأين يُتاه بكم ! ومن أين أتيتم ! » (36).
في هذا المعنى روايات كثيرة عن أهل البيت ، رواها الكليني في الأبواب المختلفة من كتاب الحجّة من الكافي.
ويصرّح عليه السلام بأنّ أهل البيت ـ لا سواهم ـ هم الراسخون في العلم ، فيقول :
« أين الذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا ، أنْ رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرّمهم ، وأدخلنا وأخرجهم » (37).
ولعلّه يشير إلى قوله تعالى : « هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ .. » (38).
وعن أبي عبدالله عليه السلام : « نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله » ومثله غيره (39).
وأهل البيت يعلمون بما كان ويكون ـ إلاّ ما خصّ الله علمه بنفسه ، ولا يعلمه أحد إلاّ هو ـ يقول عليه السلام : « وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ، ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطمّ عليه جوانحي » (40). ويقول في موضع آخر : « والله لو شئت أن اُخبر كلّ رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت ، ولكن أخاف أن تكفروا فيَّ برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ألا وإنّي مفضيه إلى الخاصّة ممّن يؤمن ذلك منه ، والذي بعثه بالحقّ واصطفاه على الخلق ما أنطق إلاّ صادقاً ، وقد عهد إليّ بذلك كلّه ، وبمهلك من يهلك ، ومنجى من ينجو ، ومال هذا الأمر ، وما أبقى شيئاً يمرّ على رأسي إلاّ أفرغه في أذني وأفضى به إليّ » (41).
وعنه عليه السلام : « سلوني ، والله ما تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلاّ أخبرتكم … » (42) و « أهل البيت » هم « الأبواب » ، يقول عليه السلام :
« نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ، ولا تؤتى البيوت إلاّ من أبوابها ، فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقاً »(43).
وعن أبي عبدالله عليه السلام : « الأوصياء هم أبواب الله عزّ وجلّ التي يؤتى منها ، لولاهم ما عرف الله عزّ وجلّ ، وبهم احتجّ الله تبارك وتعالى على خلقه » (44).
ومن قبل جعل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نفسه « مدينة العلم » ، وجعل عليّاً « باب » تلك المدينة . أخرج الترمذي عن أمير المؤمنين عليه السلام : « إنّ رسول الله ـ ص ـ قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها » (45).
وأخرج الحاكم عن جابر بن عبدالله يقول : « سمعت رسول الله ـ ص ـ يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب » (46).
وأخرج الطبراني عن جابر قال : « قال رسول الله ـ ص ـ : أنا مدينة العلم وعلي بابها » (47).
وأخرج الخطيب عن ابن عبّاس « قال : سمعت رسول الله ـ ص ـ يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب » (48).
وأخرج الترمذي عن علي : « قال رسول الله ـ ص ـ : أنا دار الحكمة وعلي بابها » (49).
إنّهم صنائع ربّنا والناس صنائع لهم
ويقول عليه السلام في كتاب له إلى معاوية :
« إنّ قوماً استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار ـ ولكلّ فضل ـ ، حتّى إذا استشهد شهيدنا ، قيل : سيد الشهداء ، وخصّه رسول الله صلّى الله عليه وآله بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه ، أو لا ترى أنّ قوماً قطعت أيديهم في سبيل الله ـ ولكلّ فضل ـ حتّى إذا فعل بواحدنا ما فعل بواحدهم ، قيل : الطيّار في الجنّة وذو الجناحين.
ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمّة ، تعرفها قلوب المؤمنين ، ولا تمجّها آذان السامعين ، فدع عنك من مالت به الرمية.
فإنّا صنائع ربّنا والناس بعد صنائع لنا.
لم يمنعنا قديم عزّنا ولا عادي طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا ، فنكحنا وأنكحنا ، فعل الأكفاء ، ولستم هناك …
فنحن مرّة أولى بالقرابة ، وتارة أولى بالطاعة. ولمّا احتجّ المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله صلّى الله عليه وآله فلجوا عليهم ، فإن يكن الفلج به فالحقّ لنا دونكم ، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم » (50).
وقد اشتمل هذا الكتاب ـ فيما اشتمل من الفضل لأهل البيت ـ على جملة معناها عظيم ، وتحتها سرّ جليل ، قال عليه السلام : « إنا صنائع ربّنا والناس بعد صنائع لنا ».
وقد وردت هذه الجملة في كتاب لوليّ العصر والإمام الثاني عشر ـ عجل الله تعالى فرجه ـ إلى الشيعة قال عليه السلام :
« بسم الله الرحمن الرحيم ، عافانا الله وإيّاكم من الفتن ، ووهب لنا ولكم روح اليقين ، وأجارنا وإيّاكم من سوء المنقلب.
إنّه انهي إليّ ارتياب جماعة منكم في الدين ، وما دخلهم من الشكّ والحيرة في ولاة أمرهم ، فغمّنا ذلك لكم لا لنا ، وساءنا فيكم لا فينا ، لانّ الله معنا ، فلا فاقة بنا إلى غيره ، والحقّ معنا فلن يوحشنا من قعد عنّا ، ونحن صنائع ربّنا ، والخلق بعد صنائعنا.
يا هؤلاء ما لكم في الريب تتردّدون ، وفي الحيرة تنعكسون ، أو ما سمعتم الله يقول : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ » ؟! أوَ ما علمتم ما جاءت به الآثار ممّا يكون ويحدث في ائمّتكم ، على الماضين والباقين منهم السلام ؟! أوَ ما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها وأعلاماً تهتدون بها ، من لدن آدم ـ عليه السلام ـ إلى أن ظهر الماضي عليه السلام ؟! كلّما غاب علم بدأ علم ، وإذا أفل نجم طلع نجم » (51).
وصنيعة الملك من يصطنعه الملك لنفسه ويرفع قدره.
فيقول عليه السلام :
« ليس لأحد من البشر علينا نعمة ، بل الله عزّ وجلّ هو المنعم علينا ، فليس بيننا وبينه واسطة في شيء من نعمه ، ولكن الناس كلّهم وعلى جميع طبقاتهم صنائع لنا ، فنحن الواسطة بينهم وبين الله ونحن المنعمون لهم ، ونحن عبيد الله والناس عبيد لنا.
وإلى هذا المعنى أشار بقوله : « ولايسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا ».
وروى الكليني : « إنّ الله خلقنا فأحسن خلقنا ، وصورنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه في عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه ، وبابه الذي يدلّ عليه ، وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء ونبت عشب الأرض ، وبعبادتنا عُبد الله ، ولولا نحن ما عُبد الله » (52).
وخلاصة الكلام : إنّ ائمّة أهل البيت نعمة الله على الخلق ، وبهم فسّرت النعمة في قوله عزّ وجلّ : « يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا » (53) و « النعيم » في قوله : « ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ » (54) ، وهم الوسائط بين الله والموجودات في الخلق والايجاد والعلم والرزق ، وسائر الفيوضات النازلة والنعم الواصلة.
فالله هو الفاعل الذي منه الوجود ، والإمام هو الفاعل الذي به الوجود ، وهذه هي الولاية الكلّية.
فهل يقاس بآل محمّد من هذه الاُمّة أحد ؟! وهل يسوى بهم أحد من الخلائق ؟!
ومعصومون من الخطأ في جميع الأحوال
والعصمة اُولى الصفات المعتبرة في كلّ نبيّ وإمام ، ويدلّ على ذلك أدلّة كثيرة من الكتاب والسنّة والعقل ، ومن أوضح آيات الكتاب دلالة قوله تعالى : « أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ » (55) حتّى اعترف بذلك الفخر الرازي وغيره من المشكّكين ، إذ لا تجوز إطاعة من يجوز عليه الخطأ إطاعة مطلقة.
ولأمير المؤمنين عليه السلام كلام في حقّ « أهل البيت » ، يأمر الاُمّة فيه باتّباعهم وإطاعتهم في جميع الأحوال ، يقول :
« انظروا أهل بيت نبيّكم ، فالزموا سمتهم واتّبعوا أثرهم ، فلن يخرجوكم من هُدى ولن يعيدوكم في ردى ، فإن لبدوا فالبدوا ، وإن نهضوا فانهضوا ، ولاتسبقوهم فتضلّوا ، ولا تتأخّروا عنهم فتهلكوا » (56).
وهل ذلك إلاّ العصمة المستلزمة للامامة ؟
ولقد أوصى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عمّاراً بمثل ذلك ، إذ أمره باتّباع علي عليه السلام من بعده ، في جميع الحوادث ، وعلى كلّ الأحوال.
روى جماعة من الأعلام عن علقمة بن قيس والأسود بن يزيد ، قالا : « أتينا أبا أيّوب الأنصاري عند منصرفه من صفّين ، فقلنا له : يا أبا أيّوب ، إنّ الله أكرمك بنزول محمّد ـ ص ـ في بيتك ، وبمجيء ناقته ، تفضّلاً من الله تعالى وإكراماً لك ، حتّى أناخت ببابك دون الناس جميعاً ، ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلاّ الله ؟!.
فقال : يا هذا إنّ الرائد لا يكذب أهله ، إنّ رسول الله ـ ص ـ أمرنا بقتال ثلاثة مع علي رضي الله عنه ؛ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فأمّا الناكثون فقد قاتلناهم ، وهم أهل الجمل وطلحة والزبير وأمّا القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم ـ يعني معاوية وعمرو بن العاص ـ ، وأمّا المارقون فهم أهل الطرفاوات وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروانات ، والله ما أدري أين هم ؟ ولكن لابدّ من قتالهم إن شاء الله تعالى.
ثم قال : وسمعت رسول الله ـ ص ـ يقول لعمّار : يا عمّار تقتلك الفئة الباغية ، وأنت إذ ذاك مع الحقّ والحقّ معك.
يا عمّار بن ياسر ، إن رأيت عليّاً قد سلك وادياً وسلك النّاس كلّهم وادياً غيره ، فاسلك مع علي فإنّه لن يدلّيك في ردى ، ولن يخرجك من هدى.
يا عمّار ، من تقلّد سيفاً وأعان به عليّاً ـ رضي الله عنه ـ على عدوّه قلّده الله يوم القيامة وشاحين من درّ ، ومن تقلّد سيفاً أعان به عدوّ علي ـ رضي الله عنه ـ قلّده الله يوم القيامة وشاحين من نار.
قلنا : يا هذا ، حسبك رحمك الله ! حسبك رحمك الله ! » (57).
وهم أساس الدين وهداة الخلق
ووصف عليه السّلام آل محمّد بقوله : « هم أساس الدّين وعماد اليقين » ، وقد جاءت هذه الكلمة بعد قوله : « هم موضع سرّه … لا يقاس بآل محمّد ـ ص ـ من هذه الاُمّة أحد » (58).
وكأنّه يريد : إنّ الذين حازوا تلك الخصائص ، وفازوا بتلك الفضائل « هم أساس الدّين وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ».
وقال في موضع آخر : « هم دعائم الاسلام وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحقّ إلى نصابه ، وانزاح الباطل عن مقامه ، وإنقطع لسانه عن منبته » (59).
وقال في ثالث : « هم أزمّة الحقّ وأعلام الدّين وألسنة الصدق ، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن ، ورِدُوهُم ورودَ الهيم العطاش » (60).
ومعنى « إليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التالي » أنّهم الميزان بين الغلوّ والتقصير في الدين ، ولعلّ هذا معنى وصف أهل البيت ب « النمط الأوسط الذي لا يدركنا الغالي ولا يسبقنا التالي » (61) . ومعنى « هم أزمّة الحق » أنّ الحقّ معهم على كلّ حال ، يدور معهم حيثما داروا ، ومن قبل قال النبيّ صلّى الله عليه وآله في حقّ أمير المؤمنين عليه السّلام : « علي مع الحقّ والحقّ مع علي ، يدور معه حيث دار ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (62).
ووصفهم ب « ألسنة الصدق » ، وبهم فسّر قوله تعالى : « وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ».
وقوله : « فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن » يحتمل أن يريد : أنزلوهم بأحسن ما تنزلون القرآن من الإطاعة والإحترام ، ويحتمل أن يريد : أنزلوهم بأحسن ما أنزلهم القرآن من الولاية ، كما في قوله عزّ وجلّ : « إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ » (63) ، ومن الطهارة كما في قوله : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا » (64) ، ومن الطاعة المطلقة كما في قوله : « أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ » (65) ، ومن المودّة كما في قوله : « قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ » (66) ، إلى غير ذلك من المقامات والمنازل التي نزل بها القرآن لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
هذا ، وفي هذه الكلمات عدّة نقاط :
منها : إن بقاء الإسلام منوط ببقائهم ، وان الدين لا يزول ما داموا موجودين ، فهم قوام الدين واليقين ، وبقاؤهما محتاج اليهم ، كما ان بقاء البناء محتاج إلى الاساس والعماد ، ولعلّ هذا معنى قوله عليه السلام : « وجبال دينه »(67).
ومنها : إنّ الأرض لا تخلو منهم ، لأن الله كتب لدينه الخلود ، وهم الأدلاء عليه ، وأعلام الهداية إليه ، يقول أمير المؤمنين عليه السلام : « ألا ان مثل آل محمد صلّى الله عليه وآله كمثل نجوم السماء ، إذا خوى نجم طلع نجم »(68) ويصرح ببقائهم ما بقيت الأرض بقوله « اللهم بلى ، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة ، امّا ظاهراً مشهوراً وامّا خائفاً مغموراً ، لئلاّ تبطل حجج الله وبيناته ، وكم ذا ، وأين اُولئك ؟ اُولئك ـ والله ـ. الأقلّون عدداً ، والأعظمون عند الله قدراً ، يحفظ الله بهم حججه وبيناته ، حتّى يودعوها نظراءهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، اُولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه ، آه آه شوقاً إلى رؤيتهم » (69).
ومنها : انّه يجب أن يكون السؤال منهم (70) ، والنفر إليهم (71) ، يقول عليه السلام : « ردّوهم ورود الهيم العطاش »(72).
وهذه النقاط كلّها من مداليل « حديث الثقلين » المتواتر بين الفريقين كما سنشير إليه.
وفي تشبيه الإمام أهل البيت بنجوم السماء إشارة إلى حديث نبوي صحيح.
روى أحمد وغيره « النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء.
وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض » (73).
وقال السيوطي : « أخرج الحاكم عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله ـ ص ـ : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لاُمّتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة اختلفوا ، فصاروا حزب إبليس » (74).
ويشهد بهذا التشبيه قوله عزّ وجلّ : « هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ » (75) ، ففي الخبر عن الإمام عليه السلام : « النجوم آل محمّد عليه وعليهم السلام » (76).
ًوفي قوله : « وإمّا خائفاً مغموراً » إشارة إلى المهدي من آل محمّد صلى الله عليه وآله ، الذي « يملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ـ أو : كما ـ ملئت ظلما وجوراً » وهذا من الاُمور الضرورية والأدلّة عليه كثيرة والمؤلّفات حوله لا تحصى (77).
ثمّ إنّ أئمّة أهل البيت قاموا بواجب الإمامة ـ وهو حفظ الدين ورعايته وتعليمه والدعوة إليه ـ خير قيام ، قال عليه السلام :
« بنا اهتديتم في الظلماء ، وتسنّمتم ذروة العلياء ، وبنا أفجرتم عن السرار » (78) ، أي : خرجتم عن ظلمة الجهل والغواية إلى نور العلم والهداية ، وهذا معنى كلامه الآخر : « بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى » (79).
وروى الكليني في قوله عزّ وجلّ : « وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ».
قال : « هم الأئمّة صلوات الله عليهم » (80) ، وعن أبي عبدالله : « قال رسول الله ـ ص ـ : إنّ عند كلّ بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإيمان وليّاً من أهل بيتي موكّلاً به يذبّ عنه ، وينطق بإلهام من الله ، ويعلن الحقّ وينوّره ، ويرد كيد الكائدين … » (81).
وكم لهذا المعنى من مصداق !!
وما زال المتقمّصون للخلافة والمستولون على شؤون المسلمين يراجعون أئمّة أهل البيت في معضلاتهم ، قال الحافظ النووي في ترجمة أمير المؤمنين « ع » :
« وسؤال كبار الصحابة له ، ورجوعهم إلى فتاواه ، وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات مشهور » (82).
وكذا قال أعلامهم في ترجمة غيره من أئمّة أهل البيت ، وما زالوا سلام الله عليهم : ينفون عن الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، وشبهات الكفّار والملحدين ، فتلك احتجاجاتهم مع المخالفين ، ومواقفهم المشرفة في حفظ الدين ، مدوّنة في كتب المحدّثين والمؤرّخين ، وقد ذكر ابن حجر المكّي في صواعقه في ترجمة الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام انّه :
« لمّا حبسه المعتمد بن المتوكّل وقع قحط شديد ، فخرج المسلمون للإستسقاء ثلاثة أيّام فلم يستسقوا ، فخرج النصارى ومعهم راهب ، فلمّا مدّ يده إلى السماء غيمت ، فأمطرت في اليوم الأوّل ، ثمّ في اليوم الثاني كذلك ، فشكّ بعض جهلة المسلمين وارتدّ بعضهم ، فشقّ ذلك على المعتمد ، فأمر بإحضار الحسن العسكري وقال له أدرك اُمّة جدّك ـ ص ـ قبل أن يهلكوا . فقال الحسن في إطلاق أصحابه من السجن ، فاطلق كلّهم له ، فلمّا رفع الراهب يده مع النصارى غيّمت السماء ، فأمر الحسن رضي الله عنه رجلاً بالقبض بما في يد الراهب ، فإذا عظم آدمي في يده ، فأخذه من يده وقال : استسق ، فرفع يده إلى السماء فزال الغيم ، وظهرت الشمس ، فعجب الناس من ذلك.
فقال المعتمد : ما هذا يا أبا محمّد ؟
فقال : هذا عظم نبي قد ظفر به هذا الراهب ، وما كشف عظم نبي تحت السماء إلاّ هطلت بالمطر.
وزالت الشبهة عن الناس ورجع الحسن إلى داره ».
هذا شأن « أهل البيت » وهذه منزلتهم ، يقول أمير المؤمنين « ع » ، ـ ونقول معه لأهل الإسلام ـ : « فأين تذهبون ! وأنّى تؤفكون ! والإعلام قائمة ، والآيات واضحة ، والمنار منصوبة.
فأين يتاه بكم وكيف تعمهون !! وبينكم عترة نبيّكم ، وهم أزمة الحقّ ، وأعلام الدين ، وألسنة الصدق ، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن ، وردوهم ورود الهيم العطاش … ، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر ؟ »(83).
وهم أحد الثقلين
وأشار عليه السلام في آخر هذا الكلام إلى حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين :
أخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري ، قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إنّي قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله عزّ وجلّ ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (84).
وأخرج الترمذي عن جابر ، قال : « رأيت رسول الله ـ ص ـ في حجّته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب ، فسمعته يقول : يا أيّها الناس إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا ؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي » (85).
وعن زيد بن أرقم قال : « قال رسول الله ـ ص ـ إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما » (86).
وأخرج الحاكم عنه قال : « لمّا رجع رسول لله ـ ص ـ من حجّة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن فقال : كأنّي قد دعيت فأجبت ، إنّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله تعالى وعترتي ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ، فإنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض. ـ ثمّ قال ـ : الله عزّ وجلّ مولاي ، وأنا مولى كلّ مؤمن ، ثم أخذ بيد علي رضي الله عليه فقال : من كنت مولاه فهذا وليّه ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين … » (87).
وهم راية الحق ، من تقدّمها مرق ، ومن تخلّف عنها زهق
والتمسّك بالعترة هو : الإقتداء بهم والتسليم لأمرهم ، والإهتداء بهديهم ، والتعلّم منهم . وبذلك يظهر أن من يسبقهم يضلّ ومن يتأخّر عنهم يهلك ، يقول عليه السلام :
« لاتسبقوهم فتضلوّا ولاتتأخّروا عنهم فتهلكوا » (88).
ويقول : « وخلّف فينا راية الحق ، من تقدّمها مرق ، ومن تخلّف عنها زهق ، ومن لزمها لحق » (89).
ومن قبل نهى النبي صلى الله عليه وآله عن سبق أهل البيت والتأخّر عنهم ، ففي كلا الجانبين ضلالة وهلاك ، وقد جاء ذلك عنه في بعض ألفاظ حديث الثقلين.
وشبه « ص » أهل بيته بسفينة نوح ، فعن أبي ذر « انّه قال ـ وهو آخذ بباب الكعبة ـ : سمعت النبي ـ ص ـ يقول : ألا انّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك . رواه أحمد » (90).
وقال ابن حجر المكّي : « جاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً : إنّما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا. وفي رواية مسلم : ومن تخلّف عنها غرق . وفي رواية : هلك » (91).
ولهم خصائص حق الولاية وفيهم الوصية والوراثة
ويقول عليه السلام : « ولهم خصائص حق الولاية » ، أيّ : إنّ للإمامة شروطاً وصفات لم تتوفّر في أحد سواهم ، ومن ذلك : العصمة ، وقد عرفت ان لا معصوم في هذه الاُمّة بعد النبي إلاّ في أهل البيت ، ومن ذلك : العلم ، وقد عرفت انهم أوعية علم الله ، وانّ الناس عيال عليهم فيه.
« وفيهم الوصية والوراثة » (92).
أمّا « الوصيّة » فإنّ أمير المؤمنين كان وصي النبي صلّى الله عليه وآله بلا خلاف ، وإنّ الأئمّة من بعده أوصياء واحداً بعد واحد ، وامّا « الوراثة » فهي تعمّ الخلافة والعلم والمال.
وهم أحق الناس بهذا الأمر
يقول عليه السلام : « إنّ أحقّ الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه ، فإن شغب شاغب اُستعتب ، فإن أبى قوتل » (93).
وقد عرفت من الأقوى عليه والأعلم بأمر الله فيه ؟
وكذا أقربهم من رسول الله صلّى الله عليه وآله ، يقول عليه السلام : « فنحن مرّة أولى بالقرابة وتارة اولى بالطاعة »(94) ، ويقول : « امّا الإستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسباً والأشدون برسول الله ـ ص ـ نوطاً فإنّها كانت أثرة ، سخت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله والمعود إليه القيامة » (95).
ولما رجع الحق إليه قال : « الان إذ رجع إلى أهله ونقل إلى منتقله » (96).
ومن مات على معرفتهم وحبهم مات شهيداً
ويقول عليه السلام : « من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حقّ ربّه وحقّ رسوله وأهل بيته مات شهيداً ، ووقع أجره على الله ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النيّة مقام إصلاته لسيفه ، فإنّ لكل شيء مدة وأجلاً » (97).
وهذا الكلام وإن كان ناظراً إلى زمن المهدي المنتظر إلاّ أنّ مورده غير مخصّص له ، فإن هذا الأثر لمعرفة حق أهل البيت ثابت في كلّ زمان.
ومن هنا يقول عليه السلام : « ناصرنا ومحبنا ينتظر الرحمة وعدونا ومبغضنا ينتظر السطوة » (98).
وعن أبي جعفر عليه السلام : « إنّ الله عزّ وجلّ نصب عليّاً علماً بينه وبين خلقه ، فمن عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً ومن جهله كان ضالاً ، ومن نصب معه شيئاً كان مشركاً ، ومن جاء بولايته دخل الجنّة » (99).
وبهذا المعنى نصوص عن النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم كثيرة ونكتفي هنا بما ذكره جار الله الزمخشري في كشافه وأورده الرازي في تفسيره :
ّقال الرازي : « نقل صاحب الكشاف عن النبي ـ ص ـ أنّه قال : من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الايمان ، ألا ومن مات على حب آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ثمّ منكر ونكير ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد يزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حب آل محمّد مات على السنّة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة »(100). يقول الميلاني :
اللّهم أحينا على طاعة محمّد وآل محمّد ومعرفتهم ، وأمتنا على معرفتهم ومحبّتهم ، واحشرنا في زمرتهم ، وارزقنا شفاعتهم ، ووفّقنا لما وفّقتهم ، إنّك سميع مجيب.
الهوامش
(1) نهج البلاغة : 47 ، ط . صبحي الصالح.
(2) سورة آل عمران : 110.
(3) تذكرة خواص الامة : 46 ، الرياض النضرة 2 / 217.
(4) كفاية الطالب : 314.
(5) المستدرك على الصحيحين 2 / 241.
(6) كفاية الطالب : 220.
(7) نهج البلاغة : 139.
(8) نهج البلاغة : 229.
(9) نهج البلاغة : 162.
(10) أخرجه أصحاب الصحاح والمسانيد وغيرهم كأحمد بن حنبل ، والترمذي ، وابن ماجة ، والنسائي ، والطبراني ، والبغوي ، وغيرهم.
(11) أخرجه أصحاب الصحاح والمسانيد ، وعلى رأسهم البخاري صاحب الصحيح .
(12) ذكره العلامة المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير 4 / 421.
(13) ذكره العلامة العجيلي في ذخيرة المال كما في خلاصة عبقات الانوار 2 / 301 الطبعة الثانية.
(14) سورة آل عمران : 61.
(15) نهج البلاغة : 391.
(16) نهج البلاغة : 300 ـ 301.
(17) سورة طه : 29.
(18) هذا هو حديث المنزلة المتواتر المتفق عليه ، وقد أخرجه جميع أصحاب الصحاح والمسانيد والسنن والمعاجم وسائر المحدثين في جميع القرون ، وهو من أمتن الادلة على إمامة علي بعد النبي بلا فصل.
(19) نهج البلاغة : 47.
(20) سورة النساء : 59.
(21) نهج البلاغة : 186.
(22) الكافي 1 / 256.
(23) انظر : الرياض النضرة 2 / 198 ، فتح الباري 8 / 136 ، تاريخ الخلفاء : 115 ، الاستيعاب 3 / 40 ، حلية الاولياء 1 / 65 ، وغيرها.
(24) وسائل الشيعة 18 / 2 ـ 5.
(25) الكافي 1 / 223 ، 227.
(26) شرح نهج البلاغة للخوئي 2 / 325.
(27) نهج البلاغة : 357.
(28) الكافي : 1 / 275.
(29) الكافي : 1 / 275.
(30) الكافي : 1 / 275.
(31) نهج البلاغة : 162.
(32) الكافي 1 / 221.
(33) نهج البلاغة : 176.
(34) سورة الانعام : 115.
(35) سورة النساء : 105.
(36) نهج البلاغة : 182.
(37) نهج البلاغة : 201.
(38) سورة آل عمران : 7.
(39) الكافي 1 / 213 باب « إن الراسخين في العلم الائمة عليهم السلام » ، الصافي : 84 الطبعة القديمة.
(40) نهج البلاغة : 186.
(41) نهج البلاغة : 250.
(42) فتح الباري في شرح البخاري 8 / 485 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : 124 ، جامع بيان العلم لابن عبدالبر 1 / 11.
(43) نهج البلاغة : 215.
(44) الكافي 1 / 193.
(45) خلاصة عبقات الانوار عن جامع الاصول لابن الاثير.
(46) المصدر عن المستدرك.
(47) المصدر عن الصواعق المحرقة لابن حجر المكي.
(48) خلاصة عبقات الانوار عن تاريخ بغداد للخطيب.
(49) المصدر عن صحيح الترمذي.
(50) نهج البلاغة : 386.
(51) الاحتجاج 2 / 277 ، بحار الانوار 53 / 178.
(52) الكافي 1 / 144.
(53) سورة النحل : 85 ، انظر الصافي : 303.
(54) سورة التكاثر : 8 ، انظر الصافي : 573.
(55) سورة النساء : 62.
(56) نهج البلاغة : 143.
(57) تاريخ بغداد 13 / 186 ـ 187 ، فرائد السمطين 1 / 178 ، كنز العمال 12 / 212 ، مناقب الخوارزمي : 75 ، 124 ، وغيرها ، واللفظ للاول.
(58) نهج البلاغة : 47.
(59) نهج البلاغة : 357.
(60) نهج البلاغة : 118.
(61) الكافي 1 / 101.
(62) ممن رواه : الخطيب في تاريخ بغداد 14 / 321 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 236.
(63) سورة المائدة : 55.
(64) سورة الأحزاب : 33.
(65) سورة النساء : 59.
(66) سورة الشورى : 22.
(67) نهج البلاغة : 47.
(68) نهج البلاغة : 146.
(69) نهج البلاغة : 497.
(70) إشارة إلى قوله تعالى : « فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ » سورة النحل : 46 ، انظر الكافي 1 / 210.
(71) إشارة إلى قوله تعالى : « فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ » ـ سورة التوبة : 124 ـ ، وانظر : الصافي في تفسير القرآن : 243.
(72) نهج البلاغة : 118.
(73) الصواعق المحرقة : 140.
(74) إحياء الميت ، الحديث التاسع والعشرون.
(75) سورة الانعام : 97.
(76) الصافي في تفسير القرآن : 179.
(77) انظر منها : منتخب الاثر في الامام الثاني عشر ، كشف الاستار عن وجه الامام الغائب عن الابصار ، المحجة فيما نزل في القائم الحجة.
(78) نهج البلاغة : 51.
(79) نهج البلاغة : 201.
(80) الصافي في تفسير الميزان : 309.
(81) الكافي 1 / 54.
(82) تهذيب الاسماء واللغات ـ ترجمة أمير المؤمنين علي « ع ».
(83) نهج البلاغة : 118.
(84) مسند أحمد 3 / 14.
(85) صحيح الترمذي 2 / 219.
(86) صحيح الترمذي 2 / 220.
(87) المستدرك على الصحيحين 3 | 109.
(88) نهج البلاغة : 143.
(89) نهج البلاغة : 146.
(90) المشكاة : 523.
(91) الصواعق المحرقة : 234.
(92) نهج البلاغة : 47.
(93) نهج البلاغة : 247.
(94) نهج البلاغة : 386.
(95) نهج البلاغة : 231.
(96) نهج البلاغة : 47.
(97) نهج البلاغة : 283.
(98) نهج البلاغة : 162.
(99) الكافي : 1 / 437.
(100) تفسير الرازي 27 / 165 ـ 166.
مقتبس من مجلة تراثنا ـ العدد الخامس ـ السنة الأولى ـ 1406 ه.ق
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً