نحمدك اللهم وبك نستعين ونسألك أن تصلي على محمد وآله الطاهرين، وأن توفقنا لطاعتك وشكرك يا رب العالمين.
أما بعد فيقول العبد الفقير العاصي القاصر الأثيم المحتاج إلى عفو ربه الكريم محمد بن سليمان الهاجري الأحسائي مولدًا:-
كثيرًا ما وقع النزاع والتشاجر بين أهل الفضل والعلم في جواز الصلاة أمام قبر المعصوم والمساواة، وعدمه وحيث إني شاهدت كثرة النزاع والاختلاف في الموضوع المذكور في الحرم الحسيني على مشرفه وجده وأبيه وأمه وأخيه وبنيه آلاف التحية والسلام وقع في نفسي بأن اكتب ما سنح لي على نحو الاستدلال وأسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى والقبول وإن كنت قاصر الباع والمسألة المذكورة حُررت بأقلام الأعلام وبناناتهم، ولكن لما وردت الأخبار الكثيرة في الحث على فعل الخير أحببت أن أكون من الممتثلين، وقال مولنا أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:- ( افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئا ، فإن صغيره كبير ، وقليله كثير ، ولا يقولن أحدكم : إن أحدا أولى بفعل الخير مني فيكون والله كذلك ، إن للخير وللشر أهلا . فمهما تركتموه كفاكموه أهله) ( 5).
وقال الإمام الصادق عليه السلام:- (ولا تستقل ما يتقرب به إلى الله عز وجل)، وفي هذا المعنى أخبار كثير ة(6 ).
ثم لا يخفى على الفاضل الكامل أن أكثر المسائل الفقهية وقع الخلاف فيها بين الأعلام ومنها:- مسألة الصلاة أمام قبر المعصوم ومساواته بل وكونه أمام المصلي فهنا مقامات ثلاثة كل منها وقع الخلاف فيه فلنذكر قبل بيان موضع الخلاف مقدمة:
لا إشكال ولا خلاف بين الفرقة المحقة في استحباب الصلاة عند قبور المعصومين ومطلوبيتها في الجملة بل يمكن أن يقال أن الصلاة عند قبور المعصومين أفضل من المساجد ويدل على أصل المطلوبية والمحبوبية القرآن المجيد وهو قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}( 7) والأخبار المستفيضة (الدالة على المحبوبية) بل في بعض الأخبار ما يدل على أن الصلاة في بعض المشاهد أفضل من جميع المساجد ما عدا المسجد الحرام كمشهد أمير المؤمنين عليه السلام فإن الصلاة عنده بمائتي ألف صلاة ويدل على ذلك ما عن تحفة العالم السيد جعفر آل بحر العلوم عن مدينة العلم للصدوق عن منصور بن حازم أنه سئل الصادق عليه السلام عن مجاورة -النجف الأشرف- عند قبر أمير المؤمنين وعند قبر أبي عبدالله الحسين عليهما السلام فقال:- ( إن مجاورة ليلة عند قبر أمير المؤمنين أفضل من عبادة سبعمائة عام وعند قبر الحسين من عبادة عامًا) ، وسئل عن الصلاة عند قبر أمير المؤمنين فقال: ( الصلاة عند قبر أمير المؤمنين بمئتي ألف صلاة وسكت عن الصلاة عند قبر الحسين عليه السلام) (8 ).
وأما ما يدل على فضل الصلاة عند الحسين عليه السلام منها: ما رواه كامل الزيارات بإسناده إلى شعيب العقرقوفي عن الصادق عليه السلام قال:- قلت له: من أتي قبر الحسين عليه السلام: ماله من الثواب والأجر جعلت فداك قال عليه السلام:- ( يا شعيب ما صلى عنده أحد الصلاة إلا قبلها الله منه ولادعى عنده أحد دعوة إلا استجبت له عاجلة وآجلة) الحديث(9 ).
ومنها: ما رواه أيضًا بسنده عن جابر الجعفي عن الصادق عليه السلام في حديث في فضل زيارة الحسين عليه السلام وكيفية زيارته إلى أن قال:- ( ثم تمضي إلى صلاتك ولك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حج ألف حجة واعتمر ألف عمرة واعتق ألف رقبة وكأنما وقف في سبيل الله ألف مرة مع نبي مرسل) ( 10)، إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة، ومن الأخبار الدالة على محبوبية الصلاة عند قبر المعصوم ما رواه أيضًا صاحب كامل الزيارات بإسناده عن أبي علي الحراني قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: ما لمن زار قبر الحسين؟ قال:- ( من أتاه وزاره وصلى عنده ركعتين أو أربع ركعات كتب الله له حجة وعمرة) ، قلت: جعلت فداك وكذلك لكل من أتى قبر إمام مفترض طاعته: قال عليه السلام:- ( لكل من أتى قبر إمام مفترض طاعته) (11 ).
ومنها: ما عن مصباح الزائر في حديث عن الصادق (أن من زار إماما مفترض الطاعة بعد وفاته وصلى عنده أربع ركعات كتبت له حجة وعمرة) (12 ).
ومنها: ما رواه المجلسي في مزاره عن الهروي عن الرضا عليه السلام في خبر منه قال الرضا عليه السلام (لا يصلي احد منكم عند قبري ركعتين إلا استحق المغفرة من الله عز وجل يوم يلقاه)”( 13) إلى غير ذلك من الأخبار.
وما ذكرنا فيه كفاية ذكرتها لأجل التبرك والتيمن فبعد هذه المقدمة نتكلم في الموضوع.
المقام الأول: في الصلاة أمام القبر الشريف
فذهب بعض الأعلام إلى عدم الجواز وبطلان الصلاة بتقدم المصلي على القبر الشريف وجعله خلفه منهم العلامة البهائي( 14)، والمجلسي(15 )، وصاحب الحدائق(16 )، وغيرهم من المتأخرين وتردد بعض الأعلام وجعله أحوطًا كصاحب العروة( 17)، وغيره من المحشين على العروة، وبعض استظهر الجواز في كتابه الاستدلالي على العروة واحتاط في رسالته العملية(18 ).
وكيف كان فلنذكر الأخبار الشريفة التي استدل بها القائل بعدم الجواز ونتكلم في دلالتها وسندها منها: صحيحة الحميري المروية في التهذيب بسنده إلى محمد بن أحمد بن داوود عن أبيه عن محمد ابن عبدالله الحميري قال كتبت إلى الفقيه عليه السلام أسأله عن الرجل يزور قبور الأئمة هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا وهل يجوز لمن صلى عند قبورهم أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ويقوم عند رأسه ورجليه وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعله خلفه أم لا فأجاب وقرأت التوقيع ومنه نسخت (( وأما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيادة بل يضع خده الأيمن على القبر وأما الصلاة فإنها خلفه ويجعله الإمام ولا يجوز أن يصلي بين يديه لأن الإمام لا يتقدم ويصلي عن يمينه وشماله)) (19 ). ورواها في الاحتجاج مرسلة مع زيادة النفي قبل ويصلي عن يمينه وشماله وزيادة التعليل في عدم الجواز عن اليمين واليسار هكذا، ولا عن يمينه ولا عن يساره لأن الإمام لا يتقدم ولا يساوى)) (20).
ومنها: رواية هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث طويل عن كامل الزيارة بسنده إلى المذكور قال: أتاه رجل فقال: له يا بن رسول الله هل يزار والدك؟ فقال: ( نعم ويصلى عنده، وقال: يصلى خلفه ولا يتقدم عليه)( 21).
ومنها: ما في الكافي وكامل الزيارات بإسنادهما عن الحسن بن عطية عن الصادق عليه السلام في حديث وفيه:- (إذا فرغت من التسليم على الشهداء أتيت قبر أبي عبدالله الحسين عليه السلام تجعله بين يديك ثم تصلي ما بدا لك) ( 22).
وقريب منه رواية الحسين المروية في الكافي(23 )، وكامل الزيارات(24 )، وهاتان الروايتان وإن كان ظاهرهما تعيين جعل القبر الشريف أمام المصلي ولكن لوجود الدليل على جواز الصلاة إلى جانبيه كما سيأتي وتقدم بعض ذلك أوجب الخروج عن الظاهر المذكور والمتتبع للأخبار يظفر بأكثر مما ذكرنا والمناقشة في ما ذكر من الأخبار الشريفة من جهة السند والطريق تارة، وتارة من جهة العمل والهجر، وثالثة من جهة الدلالة مدفوعة.
أما المناقشة في جهة سند رواية الحميري على رواية الشيخ أن الشيخ نقلها ورواها عن محمد بن أحمد بن داوود والشيخ لم يأخذ عنه بنفسه ولم يذكر طريقه إليه في مشيخته في التذهيب فعلى هذا لا يمكن الاستناد إلى هذه الرواية لأنها أما داخلة في المرسل أو المجهول، وتدفع هذه المناقشة بأن الشيخ وإن لم يذكر طريقه إلى المشار إليه في المشيخة لكن ذكر طريقه في الفهرست، قال فيه اخبرنا بكتبه ورواياته جماعة منهم الشيخ المفيد والحسين ابن عبدالله واحمد ابن عبدون(25 ) فعلى هذا يكون بكون الطريق إليه في غاية الصحة ومتصل غير مرسل ومعلوم غير مجهول وإن صرح الأردبيلي في جامع الرواه بأن طريق الشيخ في المشيخة والفهرست إليه صحيح.
وقد يشكل في طريق الرواية بوجه آخر وهو أنه وإن ثبت صحة طريق الشيخ إلى الحميري الذي كان في زمن الغيبة الصغرى واسمه محمد بن عبدالله وأبوه كان من رجال الإمام العسكري ومن رواة الحديث لكن الشأن والإشكال في رواية الحميري عن الفقيه الذي هو عند الإطلاق في ألسنة الحديث والرواة ينصرف إلى الإمام السابع عليه السلام والحميري لم يعاصره فتكون الرواية مرسلة بالنسبة إلى الحميري لأنه رواها ولم يذكر الواسطة فهذا الإشكال ضعيف إلى الغاية إذ الظاهر من الرواية أن الحميري هو الكاتب والسائل لا أنه ينقل عن سائل آخر وكون الفقيه من ألقاب الإمام الكاظم عليه السلام لا يمنع من إطلاقه على الإمام المنتظر الثاني عشر عجل الله فرجه وقد أطلق الفقيه على الإمام المنتظر الثاني عشر عجل الله فرجه وقد أطلق الفقيه على الإمام الثاني عشر كما في حديث طين القبر في رواية الشيخ أيضًا عن الحميري قال كتبت إلى الفقيه أسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر وهل فيه فضل فأجاب وقرأت التوقيع ومنه نسخت سبح به فما من شيء من التسبيح أفضل منه إلى آخر الحديث)(26 ) فيكون إطلاق الفقيه على الإمام المنتظر إما لكونه أيضًا من ألقابه أو لكون المراد منه المعنى الوصفي.
بقي شيء وهو أنه هل (أن) رواية الاحتجاج المروية عن الحميري ورواية الشيخ عنه واحدة وقضية واحدة أو روايتان صدرت من الحميري مرتين لتغاير ما في ذيليهما.
الظاهر إنها رواية واحدة والمتعين ما في التهذيب ووجهه ظاهر فبهذا يندفع ما قد يقال أن الإضطراب في الرواية يوقفها عن الحجية وما نحن فيه كذلك لأن متن رواية التهذيب مؤداها يخالف ما في الإحتجاج وعلى تقدير تعدد الروايتين هما متفقتان فيما نحن فيه ومحل الكلام من عدم جواز التقدم والاختلاف في جواز الصلاة عن اليمين واليسار لا يقدح مع انه يمكن الجمع بينهما لو سلم حجية رواية الإحتجاج على تقدير التقدم بالتقييد لذيل رواية التهذيب بذيل رواية الإحتجاج.
وأما المناقشة في العمل بدعوى أن المتقدمين وأكثر المتأخرين لم يقولوا بعدم جواز الصلاة أمام قبر المعصوم وإنما نسب المنع إلى بعض المتأخرين والرواية وإن كانت صحيحة السند واضحة الدلالة لكن تكون بالإعراض ساقطة عن الحجية كما هو الأصح المشهور والمعروف بين الأصحاب فيدفع هذه المناقشة أن الإعراض المؤثر في عدم الحجية لم يثبت لان غاية هذه الدعوى أن المتقدمين لم يتعرضوا لهذا الحكم وعدم التعرض أعم من الإعراض عن الحجية والقادح في الحجية إحراز الإعراض وهو التصريح منهم بجواز الصلاة أمام القبر الشريف فلو صرحوا بذلك (لكشف) عن إطلاعهم على عيب في الرواية من عدم الصدور أو في وجه الصدور بأنه ليس لبيان الحكم الواقعي أو على قرينة تقتضي خلاف الظاهر بحيث لو علمنا بها لكانت قرينة عندنا على خلاف الظاهر كما عندهم وحيث لم يثبت ذلك ولم يتحقق لا وجه لطرح الدليل بلا وجه.
ولعل الوجه في عدم تصريحهم بعدم جواز الصلاة أمام القبر عدم فهمهم من الرواية ذلك فيرجع إلى الدلالة لا إلى السند, ولا إلى وجود قرينة تقتضي خلاف الظاهر كما يظهر من بعض الأصحاب عدم ظهور الرواية في المنع الإلزامي, وقد نقل عن المنتهى للصلاة التصريح بعد أن ذكر صحيحة الحميري المذكورة قال: (واعلم أن المراد بقوله لايجوز أن يصلي بين يديه الكراهة لا التحريم ويفهم من ذلك كراهة الإستدبار له في غير الصلاة) ( 27) انتهى.
وصرح بالكراهة أيضًا صاحب المفاتيح ثم بعد ذلك نفى البعد عن الحرمة لظاهر النهي(28 ) ويظهر الكراهة من المحقق الأردبيلي على ما حكي في شرح الإرشاد(29 )، وقال الشهيد في الدروس: “ولو استدبر القبر وصلى جاز وان كان غير مستحسن”(30 ) ومنهم من رمى الرواية بالضعف فلم يعمل بظاهرها كالمحقق قدس الله نفسه. ( 31)
وأما المناقشة في سند رواية هشام بن سالم بان في طريقها علي بن محمد بن سالم وهو مجهول وعبدالله بن حماد وهو كما قال ابن الغضائري حديثه نعرفه تارة وننكره أخرى( 32).
وفي طريقها أيضًا الأصم الذي ضعفه النجاشي( 33) والغضائري(34 ) فترفع هذه المناقشة بان علي بن سالم وان كان أن أهل الرجال لم يتعرضوا لقدحه أو مدحه ولكن كثرة رواية الحميري الثقة العظيم عنه يدل على وثاقته لاسيما إذا كان بلا واسطة كما هو الشأن فيمن ذكر. ولذا يستدلون ويستظهرون أهل الفن على وثاقة بعض الرجال برواية بعض الأعيان عن الحميري ومن شابه وإن أبيت ولم تسلم ذلك فنقول: قد صرح بوثاقته إبن قولويه في أول مزاره بقوله: ولم اخرج فيه حديثا روي عن غيرهم إذا كان فيما روينا عنهم من أحاديثهم صلوات الله عليهم كفاية عن أحاديث غيرهم وقد علمنا المراد نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيرهم ولكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته , ولا أخرجت فيه حديثًا روي من الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم (35 )انتهى.
فتأمل في كلام المزار فإنه لم يذكر في كتابه إلا ما أخذه عن الثقات من الأصحاب المعروفين بالعلم والحديث.
وقد قال النجاشي في شأن صاحب المزار إنه أبو القاسم الشيخ جعفر بن قولويه من ثقات أصحابنا وأجلائهم في الحديث والفقه وعليه قرأ شيخنا أبو عبدالله -يعني المفيد- الفقه ومنه حمل، وكل ما يوصف به الناس من جميل وثقة وفقه فهو فوقه( 36).
وأما ابن حماد وإن جرحه ابن الغضائري(37 ) إلا أن قدح ابن الغضائر لا يقدح مع عدم المعارض فكيف مع وجود المعارض، فإن النجاشي عده من شيوخ أصحابنا له كتابان(38 )، وعن إتقان المقال عن رجال ابن داوود ذكره من وجوه أصحابنا(39 )، وعن الشيخ في الفهرست له كتاب(40)، وفي رجاله عدّه من أصحاب الصادق عليه السلام(41 )، وابن عقدة وثقه لكونه من الأربعة الآلاف الذين هم من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام وقد روي عن الثقات من أصحابنا مثل ابن أبي عمير، وأحمد بن محمد بن عيسى، وإبراهيم بن هاشم وقد وثقه أيضًا صاحب المزار ابن قولويه( 42).
وأما عبدالله الأصم فان النجاشي ضعفه حيث قال ضعيف غالي ليس بشيء له كتاب المزار سمعت ممن رأوه فقال لي هو تخليط( 43)، وقال ابن الغضائري ضعيف مرتفع القول له كتاب الزيارات(44 )، وضعفه العلامة تبعا لهما (45 )، فأقول أن النجاشي وإن كان محل اعتماد في الجرح والتعديل ولكن حيث ذكر أنه له كتاب سمع ممن رأوه أن فيه تخليط يمكن أنه ضعف لأجل ذلك فيوجب التوقف في تضعيفه مع حصول التوثيق من الثقة له كما ستعرف، وأما تضعيف ابن الغضائري فلا يوجب الضعف والغلو.
قال المامقاني في رجاله ما لفظه: وضعفه العلّامة تبعًا للغضائري والنجاشي وللفاضل المجلسي وسبطه الوحيد مناقشة فيما قالوه فيه قال في التعليقة -يعني الوحيد- قال جدي يمكن أن يكون حكم النجاشي بالضعف لما نقله عمن رأوه من أنه تخليط ويشكل الجزم بذلك والحال أن أكثر أصحابنا رووا عنه ولم نجد في أخباره ما يدل على الغلو والله أعلم. والظاهر أن القائل بذلك ابن الغضائري، وما روى في كتاب الأخبار يدل على خلاف الغلو، وأنه ما كان غاليًا وهي كثيرة، نعم في أخباره ما هو عند ابن الغضائري غلو مثل أنه روى عن الباقر عليه السلام بالواسطة نحن جنب الله ونحن صفوته ونحن خيرة الله إلى أن قال: ((بنا يفتح وبنا يختم)) إلى آخر الحديث”(46 ).
والكل تعظيم لهم مثل قوله عليه السلام بنا تنزل الرحمة وبنا ينزل الغيث وهي طويلة انتهى.ما في التعليقة من الشاهد، ثم قال المامقاني رحمه الله:- وأقول ما ذكره هو وجده متين؛ لأن ما هو من ضروريات مذهبنا اليوم كانت القدماء ومنهم ابن الغضائري يعدونه غلوًا وارتفاعًا وتخليطًا( 47) انتهى كلامه. ثم إن المتأمل في حال الرجل يحصِّل الوثوق بروايته لاعتماد الأعلام على النقل عنه كما ذكر العلامة المجلسي انظر إلى كثرة رواية الثقة صاحب كامل الزيارة عنه وتصريحه بأنه لم ينقل إلا من جهة الثقات من الأصحاب فاعتماد ابن قولويه عليه ونقله عنه يدل على الوثوق بما نقله فكيف وقد صرح بوثاقته وإن كان على نحو العموم وأيضًا روى عنه عبدالله بن المغيرة الذي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه(48 )، وروى عنه الحسين بن سعيد.
وأما المناقشة في سند رواية الحسن بن عطية ففي طريقه يزيد بن إسحاق الذي قيل فيه بأنه يقول بحياة الإمام السابع( 49)، فعلى هذا يكون من الواقفية فهذه المناقشة غير واردة؛ لأنه رجع إلى الحق واعترف به ببركات دعاء الإمام الثامن، فدعاء الإمام له حتى رجع إلى الحق يدل على حسنه وعلو قدره، وقد روى أعيان الشيعة عنه مثل ابن الوليد والصفار ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب والحميري فرواية هؤلاء الأجلاء يدل على الاعتماد بل الوثاقة وقد صحح العلامة في الخلاصة طريق الصدوق إلى هارون وهو فيه ابن حمزة كما عن إتقان المقال، وصرح الشهيد في شرح الدراية بتوثيقه كما عن إتقان المقال(50)، والمناقشة في طرق الروايات المذكورة ساقط.
وأما المناقشة في الدلالة على المنع الإلزامي كما عن الجواهر وغيره من الأعيان، ففي الجواهر أن الذي يظهر من الأصل وإطلاق الأدلة عدم البطلان بالتقدم عليها بل لعل سكوت المعظم عن ذكر ذلك مع ظهور استقصائهم في المندوبات والمكروهات كالصريح في ذلك إلى أن قال:- ((خصوصًا مع ظهور التعليل في غير الواجب من الأدب إن كان المراد من الإمام فيه المعصوم إذ حرمة التقدم عليه في المكان الذي هو غير مناف للاحترام الواجب في زمن الحياة غير معلومة، فضلًا عما بعد الموت، وفضلًا عن كونه شرطًا في صحة الصلاة، بل معلوم عدمها)) ( 51)انتهى. موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه فيظهر من كلامه أمران:-
* الأول:- إعراض الأصحاب عن القول بالحرمة والمنع.
والثاني:- عدم الدلالة على المنع الإلزامي بل الدلالة على الحكم الأولي، ودعوى الإعراض قد ذكرنا عدم تحققه وقد عرفت أن عدم تعرضهم للصلاة أمام القبر الشريف أعم من الإعراض نعم لو صرحوا بصحة الصلاة وعدم الكراهة ثبت الإعراض لكون الرواية لديهم بمنظر وهي ظاهرة في عدم الجواز أو مرجوحيته مطلقًا، وتقدم ما له نفع في المقام عند ذكر صحيحة الحميري فلاحظ.
وأما الأمر الثاني: وهو عدم الدلالة على المنع الإلزامي فتقريره هو أن صحيحة الحميري اشتملت على تعليل وهو قوله عليه السلام؛ لأن الإمام لا يتقدم مع إن التقدم عليه في المكان غير محرم فلا بد من كون عدم التقدم حكمًا أدبيًا غير إلزامي فيكون قوله عليه السلام في الصحيحة (( وأما الصلاة فإنها خلفه ويجعله الإمام)) وقوله:(( ولا يجوز أن يصلي بين يديه)) وكذلك النهي الوارد في غير هذه الصحيحة والأمر في خبر حسن بن عطية ونحوه كل هذه الألفاظ الموضوعة للحرمة والوجوب غير مستعملة في معانيها الحقيقية وظواهرها بقرينة التعليل الظاهر في الجواز الصارف لها عن المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي كلفظة يرمي في مثل قولك:(رأيت أسدًا يرمي) الصارف للفظة أسد عن المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي، فظهور التعليل في صحيحة الحميري في الجواز، وأنه للأدب أقوى من ظهور النهي والأمر في الحرمة والوجوب كما أن ظهور يرمي في الرجل الشجاع أقوى من ظهور أسد في الحيوان المفترس فيكون حاكمًا ومقدمًا عليه، وإن كان فرقًا بين ظهور كلمة يرمي والتعليل المذكور في الصحيحة؛ لأن ظهور كلمة يرمي في الرجل الشجاع بنفسها وظهور التعليل في الحكم غير إلزامي ليست بنفسها بل بسبب آخر كما سيأتي الكلام فيه وتعرف الحال إن شاء الله.
وقد ذكر الفقيه الهمداني مناقشة في الدلالة ما لفظها قد علل المنع في الخبر بأن الإمام لا يتقدم فلو كان المنع تحريميًا لوجب أن يكون التقدم على القبر الشريف في حد ذاته حراما مطلقًا حتى لا ينافيه البرهان وهو ليس كذلك في سائر الأحوال ما لم يكن عن استخفاف وإنما هو مناف للآداب التي ينبغي رعايتها في حال الصلاة وغيرها فهذه العلة لا تصلح علة إلا للكراهة انتهى(52 ).
وقد منع الدلالة أيضًا وناقش في الأخبار الشريفة بعض المعاصرين من الأعلام( 53) في كتابه الاستدلالي على العروة عند ذكر صاحبها السابع الشروط أن لا يكون متقدمًا على قبر معصوم إلى آخره( 54) في ذكر شرائط مكان المصلي مناقشته قريبة من المناقشتين المتقدمتين قال مد ظله:وحيث أن التقدم على المعصوم في الموقف ليس حكما إلزاميًا بلا أدبيًا قطعًا يكون التعليل قرينة على الكراهة ودعوى: أن التقدم على المعصوم في الموقف في غير الصلاة وإن كان أدبيًا لكن التقدم فيه في الصلاة غير ظاهر كونه أدبيًا. مندفعة بأن الظاهر من التعليل مطلق التقدم لا في خصوص الصلاة، لعدم القرينة عليه. وبالجملة ظهور التعليل وفي كونه أدبيًا لا إلزاميًا صرف قوله عليه السلام ((لا يجوز إلى آخره)) إلى الكراهة انتهى( 55).
موضع الحاجة من كلامه، فمناقشة هؤلاء الأعلام الثلاثة ترجع إلى معنى واحد وهو عدم الدلالة على التحريم، نعم زاد شيخنا صاحب الجواهر المناقشة في الحجية(56 )، وقد عرفت دفعها، كما ستعرف إن شاء الله دفع هذه المناقشة أيضًا فأقول استفادة معلومية كون التقدم مطلقًا على المعصوم غير محرم وكونه حكمًا أدبيًا وحصول القطع بذلك ليكون التعليل الذي في الصحيحة قرينة على الكراهة إن كان مدرك هذا هو المتعارف بحسب العادة فهذان ليس بواضح ولا ظاهر ومعلوم ودعوى أنه لو كان غير جائز لوجود الابتلاء في زمن المعصومين عليهم السلام مع المعاصرين لهم ولو كان لنقل إلينا مدفوعة بأنه كذلك لو كان مكروها لنقل إلينا ودعوى أنه نقل إلينا كما في التعليل الذي في الصحيح مردودة بأنا لا نسلم بأن التعليل ظاهر في الكراهة حتى يتم ذلك أو يكون قرينة على منع ظهور ما قبله من الجمل وغيرها فهل هذا إلا دور أو مصادرة فلا يجوز طرح الدليل بلا موجب كما أنه لا يجوز في الدليل الظاهر في نجاسة الناصبي والمعادي لأهل البيت عليهم السلام بأنه بحسب العادة والمتعارف من أن الأئمة وأصحابهم الخواص يساورون مثل مروان ومعاوية وأشباههم من المحاربين لله ورسوله وإن كان لدليل نقلي لفظي فهو غير معلوم، بل ورد ما يدل على العكس، بل ذكر الصافي في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}( 57)،أنها نزلت في وفد بني تميم حيث كانوا إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقفوا على باب حجرته فنادوا يا محمد: اخرج إلينا وكانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقدموه في المشي وكانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته( 58)، وقال في الكتاب المذكور قيل لا تقدموا في المشي( 59)، وعن تفسير منهاج الصادقين فارسي عن جماعة النهي عن المشي قدام النبي صلى الله عليه وآله وسلم(60 )، وقد قرئ بفتح التاء وحذف تاء المضارعة وكون المنع من خواص النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير معلوم مع أنه منع عن الموجبة الكلية كما أن النهي عن رفع الصوت فوق صوت النبي هو فيه إشعار عن النهي عن التقدم، فإن قيل لا نسلم أن النهي هنا يفيد الحرمة قيل هل بعدما بنيتم عليه من أن النهي ظاهر في الحرمة هدم ويكفي في كون النهي هنا ظاهر في الحرمة، وأن لم نقل بأنه حقيقة فيها بأن مخالفيه موجبة للإحباط فإن قيل أنّا لا نسلم ولا نقول بالإحباط إلا في الكفر وأما في سائر الأعمال فلا؛ فالمشي أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يكن عن استخفاف لا يوجب الإحباط الذي هو إبطال للأعمال السابقة، نعم يكون ذلك إذا كان المشي ورفع الصوت عن استخفاف. قلنا الإحباط الذي هو موجب لأبطال الأعمال السابقة هو الكفر كما قلتم ولكن قد يطلق الإحباط على فوات ثواب العمل الذي فاجئه أو أعقبه موجب الإحباط كالرياء والعجب والمن والأذى في قوله تعالى: {لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى}(61 )، وكما قال الإمام الصادق عليه السلام لأم إسماعيل:- (( ههنا حبط عملك))(62 )، وتقييد التقدم ورفع الصوت بما إذ كان عن استخفاف بلا موجب بل في الآية الكريمة ما فيه إشعار إن لم يكن ظهور على حصول الإحباط بمطلق رفع الصوت ما لم يكن عن عذر كالصمم وربما يدل على ذلك بعض الأخبار.
وإن كان مدرك القطع بجواز التقدم على المعصوم في المكان هي السيرة والإجماع فذلك أيضًا في حيز المنع وعلى تقدير التنزل يكون ذلك مخصصًا للعموم المستفاد من التعليل مانع من عمومه؛ لأنه على ما يظهر من كلمات المانعين من الظهور في الحرمة أن المعلوم الجائز من التقدم في غير الصلاة لا فيها وغيرها نأمل فيما ذكره الأخير منهم أدام الله ظله( 63) تجد صحة ذلك وإن أدّعي أن التعليل بنفسه غير ظاهر في الجواز فهذه الدعوى في غاية الضعف وقد تقدم ما له نفع في بيان الضعف المشار إليه.
فإن قيل ما ذكرت على هذا المبنى من التخصيص لا يمكن القول به على الأصح؛ لأنه يلزم تخصيص الأكثر قلنا لا يلزم من ذلك تخصيص الأكثر وإنما يلزم تخصيص المساوي وهذا لا ضير فيه، لأن الإخراج ليس إفراديًا حتى يلزم ذلك بل باعتبار النوع لكون التقدم له نوعان وعنوانان وحالان صلاتي وغير صلاتي أو قل عبادتي وغير عبادتي، فالإخراج والتخصيص هنا كالإخراج والتخصيص في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}( 64)، فالعباد نوعان: مخلصون وغير مخلصين بضميمة الآية الأخرى وهي قوله تعالى: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ،إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}( 65)، ولا يلزم أن يقال بجواز تخصيص الأكثر؛ لأن غير المخلصين أكثر، فالتخصيص باعتبار النوع لا الأفراد.
وربما يقال بأن لا عموم في التعليل لاكتنافه بما يصلح للقرينة كقوله عليه السلام:(( وأما الصلاة فإنها خلفه ))(66 )، وقوله: (( ولا تجوز أن يصلي بين يديه ويصلي عن يمينه وشماله ))(67 ).
وأما الأخبار الأخيرة فقد ناقش في دلالتها على المنع الإلزامي المعاصر المشار إليه(68 ) في شرحه(69 )بعد أن ذكر الخدشة في صحيحة الحميري قال:(( وأضعف من ذلك الاستدلال بما ورد من الأمر بالصلاة خلف القبر كما في رواية هشام أو خلفه وعند رأسه كما في غيرها فإن ذلك كله وارد مورد أدب الزيارة فهو محمول على الفضل )) (70 )انتهى.
وما ذكر من الأضعفية في الاستدلال بما في الأخبار المتقدمة، وذكر وجهها أضعف مما ذكر من المناقشة في الصحيحة بيان وجه أضعفية مناقشة الأخيرة في الأخبار المشار إليها أنه ذكر أن الأمر بالصلاة خلف القبر وارد مورد آداب الزيارة فيكون محمولًا على الفضل فإن الظاهر بأن الحكم على الأخبار المذكورة بورودها مورد الآداب من جهة اشتمال بعضها على الآداب كالأمر بالغسل ولبس الثياب الطاهرة وزيارة الشهداء والصلاة المستحبة، ولكن هذه الأمور المذكورة ليست موجودة في رواية هشام، نعم اشتملت على أسئلة كثيرة فيها عن أمور مستحبة فحمل الأمر فيها بالصلاة خلف القبر والنهي عن التقدم على الفضل والكراهة خلاف الظاهر، فإن جَعَلَ التعليل الوارد في الصحيحة هو القرينة على خلاف الظاهر كما تقدمت الإشارة إلى ذلك دَخَلَ في المناقشة الأولى ولا معنى لقوله: ((وأضعف من ذلك )) إلى آخر كلامه وقد عرفت دفع المناقشة الأولى، نعم ما ذكر من الاشتمال على الأمور المستحبة والآداب موجود في رواية الحسن بن عطية وابن ثوير وعلى تقدير أن اشتمال الرواية على أوامر وهي مستحبة قام الدليل على استحبابها بموجب الوهن في ظهور الأمر الخالي عن القرينة على الوجوب لوحدة السياق هذا غير وارد على رواية هشام بن سالم وبهذا ظهر وجه أضعفية هذه المناقشة من سابقتها فيا ليت أن هذا المعاصر أيده الله استكفى بالمناقشة الأولى فإنها لو تمت شملت جميع ما ذكر من الظواهر وربما يقال بأنا لا نسلم عدم الظهور في الألفاظ الموضوعة لمعانيها بلا قيام قرينة تدل على خلاف الظاهر واشتمال الكلام على ألفاظ قام الدليل على عدم الوجوب فيها لا يصلح للقرينة الصارفة لغير ما قام الدليل عليها فخروج بعض الكلمات عن معناها الحقيقي بقرينة لا يوجب خروج الألفاظ الأخرى عن الظهور ووحدة السياق لا دليل على اعتبارها فالتفيك في الأخبار المشتملة على حكمين بلفظ واحد فضلًا عن لفظين لوجود قرينتين على كون استعمال اللفظ في أحدهما على خلاف وضعه غير عزيز ولذلك تجد أن أكثر الفقهاء استدلوا على قرينة استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي بمرفوعة ابن إبراهيم وهي سؤال أبي حنيفة لمولانا الكاظم عليه السلام حيث قال أبو حنيفة:((أين يضع الغريب ببلدكم؟)) إلى آخر الحديث(71 )،مع كونها مشتملة على مكروهات وإرشاديات فليتأمل، وربما يتوهم أن صحيحة حماد المعروفة مع الإمام الصادق عليه السلام يستفاد منها جواز الصلاة أمام الإمام المعصوم حيث فيها أن الإمام أمره بالصلاة بمحضره الشريف، قال حماد:(( فقمت بين يديه متوجهًا إلى القبلة فاستفتحت الصلاة وركعت وسجدت)) إلى آخره( 72)، ولكن هذه التوهم ضعيف لا يلتفت إليه؛ لأن قوله:(( فقمت بين يديه)) لا يدل ولا يشعر منه بكون حماد قام يصلي والإمام خلفه وكونه متقدمًا عليه في المكان فإذا عرفت ما تقدم ظهر أن الأقوى عدم الجواز كما عن البهائي والمجلسي والكاشاني وصاحب الحدائق وغيرهم من المتأخرين.
القول الثالث:هو الاحتياط كما عن صاحب العروة وغيره والمتوقف والمحتاط لعل وجهه أن الرواية كانت بين أيدي القدماء بمرأى ومنظر ولم يتعرضوا لحكم الصلاة أمام القبر وإن كانت الرواية ظاهرة في المنع الإلزامي وحيث أنهم لم يقولوا بعدم الجواز يحتمل إعراضهم عنها، واحتمال الإعراض ما لم يصل إلى مرتبة العلم يوجب التوقف والاحتياط، ويحتمل أن وجه التوقف اقتران الصحيحة بالتعليل الصالح لصرف الظاهر عن ظهوره أو لكون التقدم على المعصوم في الموقف جائزًا كما ذكر بعض الأساطين المتقدم ذكره وكون الصحيحة [ظاهرة] في المنع الإلزامي يوجب الاحتياط في الصلاة ولكن بما ذكر تعرف الحال الرافع للتوقف والتردد، [ويمكن] أن صاحب العروة لم يجعل احتياطه من توقف وتردد بل احتياطه غير إلزامي بقرينة قوله: لسوء الأدب.
المقام الثاني: في الصلاة مع المساواة للقبر الشريف
قد ذكرنا الأخبار الواردة في هذا الباب وما ذكرنا لا يدل على المنع من المساواة للقبر الشريف إلا رواية الحميري عن الاحتجاج(73 )، وهي غير صالحة للمنع الإلزامي لعدم حجيتها بالإرسال وعدم الجابر وإطلاق الصحيحة المتقدمة يدل على الجواز.
ويدل أيضًا على الجواز معتبرة الثمالي عن الإمام الصادق عليه السلام وفيها بعد فعل الزيارة:((وتدعو بما أحببت ثم تدور من خلف الحسين عليه السلام إلى عند رأسه وصل عند رأسه ركعتين)) (74 ) الحديث، وغير ذلك في الأخبار.
ودعوى أنه لا تعارض بين الأخبار المذكورة وبين رواية الاحتجاج إلا بالإطلاق والتقييد والمقيد حاكم على المطلق وشارح له لان الأخبار المذكورة دلالتها على جواز الصلاة على اليمين واليسار وعند الرأس أعم من المساواة فالتخصيص برواية الحميري المروية في الاحتجاج مدفوعة بأن رواية الاحتجاج على تقدير كونها غير رواية التهذيب غير صالحة للتخصيص لعدم حجيتها كما ذكرنا ذلك سابقًا مع أن المحتمل قويًا أنها هي مع رواية الشيخ رواية واحدة لا أخرى بل يستأنس لجواز الصلاة مع المساواة للقبر الشريف بما روى ابن فضال عن الإمام الرضا في وداعه لقبره النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيها ثم انصرف حتى أتى القبر فقام إلى جانبيه يصلي فالزق منكبه الأيسر بالقبر قريبًا من الإسطوانة المخلقة التي عند رأس النبي صلى الله عليه وآله وصلى ست ركعات أو ثمان ركعات(75 ).
نعم ربما يقال أو قيل بأن صحيحة الحميري المروية في التهذيب تدل على عدم الجواز مع المساواة لا على الجواز وجه الاستدلال أنه عليه السلام قال: (( أما الصلاة فإنها خلفه))( 76) لظهوره في الحصر ولا ينافيه قوله عليه السلام وتصلي عن يمينه ويساره لكون ذلك أعم فيحمل على عدم المساواة بموجب الحصر حتى يتحقق كون الصلاة خلف القبر؛ لأن كون المصلي خلف القبر ما يقابل التقدم والمساواة وكون المصلي عن اليمين أو اليسار لا يستلزم المساواة ويدفع هذا التوهم وهذا الاستدلال مع أنه خلاف الظاهر للمساواة منافاته للسؤال؛ لأن السؤال وقع عن الصلاة عن اليمين واليسار والشامل للمساواة فلا بد أن يكون الجواب طبق السؤال والحصر بقوله عليه السلام، وأما الصلاة فإنها خلفه حصر إضافي بالنسبة إلى التقدم وجواب لمورد السؤال.
وأضعف من هذا دعوى استفادة عدم جواز الصلاة عن اليمين واليسار في الصحيحة المذكورة بجعل يصلى عن اليمين واليسار مبني للمجهول معطوف على قوله لا يتقدم فيفيد النفي أو معطوف على يصلي في قوله (( ولا يجوز أن يصلي بين يديه)) فمع كونه خلاف في الظاهر لا يمكن القول به لورود الأخبار المستفيضة بالأمر بالصلاة عند الرأس وقد تقدم بعض منها فليتأمل.
وعلى كل حال لم يعثر على دليل يدل على عدم [الجواز] الصلاة مع المساواة للقبر الشريف، بل ولا على دليل يدل على الكراهة وإن قلنا بجريان قاعدة التسامح في المكروهات.
ورواية الاحتجاج وإن كان ظاهرها المنع من المساواة فهي تصلح لإثبات النزاهة لعدم إحراز كونها رواية غير رواية التهذيب بل من المحتمل قويا أنهما رواية واحدة، نعم لو قلنا بشمول أدلة التسامح لفتوى الفقيه أمكن القول بها فليتأمل.
وذكر السيد اليزدي في العروة عدم المساواة في الشرط السابع في مكان المصلي احتياطا مطلقًا كالتقدم وفي الأمكنة المكرومة جعل الأولى عدم المساواة وعلى كل حال سواء قلنا بأنه يظهر من كلامه لمخالفة الأخير للأول أم لا فقد عرفت عدم الدليل على الأولوية فضلا عما يوجب التوقف والاحتياط والله اعلم.
المقام الثالث: في بيان أن الصلاة على القبر وبين القبور والى القبر هل تكره
مطلقًا أو تحرم مطلقًا أو التفصيل؟.
أما الصلاة على القبر فمكروهة ويدل على الكراهة بعض الأخبار التي لا تقوم بأكثر من الكراهة كرواية يونس بن ظبيان عن أبي عبدالله عليه السلام:(( وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يصل على قبر أو يقعد عليه أو يبني عليه)) ( 77)، وغيرها من الأخبار.
وأما الصلاة بين القبور فالمشهور الكراهة بل حتى المحكي عن ظاهر العلامة في المنتهى والغنية( 78) الإجماع على الكراهة ويدل على المنع موثقة عمار عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث قال: سألته عن الرجل يصلي بين القبور، قال:(( لا يجوز ذلك إلا أن يجعل بينه وبين القبور إذا صلى عشر أذرع من بين يديه وعشرة أذرع من خلفه وعشرة أذرع عن يمينه وعشرة أذرع عن يساره ثم يصلي إن شاء))( 79) وغيرها من الأخبار.
وهذه الموثقة وظاهر بعض أخبار المسألة الحرمة لا الكراهة بتعين حملها على الكراهة كما هو المشهور المدعى الإجماع عليه جمعًا بينها وبين ما هو أظهر منها في الجواز كصحيح علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن الماضي عن الصلاة بين القبور هل تصلح؟ قال:(( لا بأس))(80 ) وقريب منه صحيح علي بن جعفر عليه السلام وصحيح ابن خلاد عن الرضا عليه السلام قال:(( لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة))(81 )، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قلت: له الصلاة بين القبور، قال:(( بين خللها ولا تتخذ شيئًا منها قبلة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلك، وقال: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدًا فإن الله عز وجل لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))( 82)، ودعوى أنه يمكن الجمع بين هذه الطائفة من الأخبار وبين الطائفة الأولى بالتقييد: فتقيَّد الطائفة الأخيرة الظاهرة في الجواز مطلقًا بالموثقة المتقدمة الدالة على الجواز بما إذا كان بينه وبين القبور من كل جهة مقدار عشرة أذرع مدفوعة لا لعدم المكافأة كما قيل حتى يدفع بأنه جمع بين الدليلين فترتفع المعارضة، لحجية الموثقة، بل لبعد هذا الجمع بالنسبة إلى بعض أخبار الطائفة الأخيرة كصحيح زرارة وابن خلاد، وإن أمكن بالنسبة إلى غيرها فإن ظهور صحيح زرارة في الجواز مطلقًا فيما إذا لم يتخذ القبر قبلة أقوى من ظهور الموثقة في التقيد وإنما نقدم الخاص على العام والمطلق على المقيد للأظهرية وهي في المقام مفقودة، فإن قوله عليه السلام في جواب السائل حيث قال: قلت: له الصلاة بين القبور، قال:((بين خللها ولا يتخذ شيئًا منها قبلة)) ظاهر ظهورًا قويًا في الجواز مطلقا في غير إتخاذ شيء منها قبله فلا يصلح حمل التحديد المذكور في الموثقة لتقييده لاسيما بملاحظة تخصيص المنع بإتخاذها قبلة في الصحيح الأخير وما قبله فما حكي عن الديلمي القول بالمنع( 83) ضعيف.
وأما الصلاة إلى القبر بان يكون القبر أمام المصلي فالظاهر أن المشهور هو القول بالكراهة ويدل على أصل المنع في الجملة والمرجوحية موثقة عمار( 84) الشاملة لذلك، وأما الاستدلال عليه بقوله عليه السلام في صحيح ابن خلاد ما لم يتخذ القبر قبلة، فلا يخلو من إشكال لإجمال المراد من الإتخاذ لاحتمال أن يكون هو مجرد جعل القبر أمام المصلي أو الاعتماد على كونه قبلة وميزانًا لها كما في قوله تعالى: {لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء}(85 )، فإن الظاهر من الإتخاذ هو هذا المعنى وإن كان بحسب صدر الحديث هو المعنى الأول وهذا الإجمال يجري في صحيحة زرارة أيضًا، وتزيد الصحيحة الأخيرة على سابقتها باحتمال ثالث في معنى الإتخاذ بأن يكون المعني من النهي عن إتخاذ قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبلة معاملته معاملة الكعبة فليتأمل.
وقد عرفت أن ظاهر الموثقة معارض بما هو أظهر منها فيتعين القول بالكراهة، فما حكي من القول بالحرمة فيما لو كان القبر أمام المصلي عن المفيد، والصدوق، والحلبي(86 )، وصاحب الحدائق( 87) لا يخلو من ضعف لعدم دليل يدل عليه سوى صحيح زرارة وصحيح ابن خلاد، وذكرنا عدم دلالتها لإجمالهما في محل الكلام.
وأضعف منه تعميم الحكم بالحرمة لقبور المعصومين عليهم السلام استنادًا إلى العموم المستفاد من صحيحة ابن خلاد ولخصوص صحيح زرارة المتقدم ولمرسل الفقيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدًا))(88 ) الحديث، والظاهر أن هذا المرسل هو صحيح زرارة(89 )، وهذا التعميم منسوب إلى الشيخ المفيد والحلبي ولكن المتأمل في كلام الشيخ المفيد أولًا وآخرًا لا يستظهر منه المنع الإلزامي وهذه لفظ عبارته على ما في الجواهر، قال -بعد إطلاق المنع-:(( وقد قيل لا بأس بالصلاة إلى قبلة فيها قبر إمام والأصل ما ذكرناه))، ثم قال -بعد ذلك-: (( بلا فصل ويصلي الزائر مما يلي رأس الإمام فهو أفضل من أن يصلي إلى القبر من غير حائل بينه وبينه))( 90)، فإن الظاهر من كلامه الأخير الكراهة وكيف كان فعلى القول باستفادة المنع الإلزامي من الصحيحتين المذكورتين في عن صاحب الحدائق لكن هذا في غير قبر المعصوم لتخصيصهما بما دل على الجواز خلف قبر المعصوم ففيه أن الصحيحة المذكورة التي هي لابن خلاد لا تدل على الحرمة؛ لأن مفادها ثبوت البأس عند إتخاذ القبر قبلة وهو أعم من الحرمة وثبوت البأس في غير صورة الإتخاذ قبلة في استفيد من الجمع بين الأخبار لا ينافيه بأن يقال أن الكراهة في صورة الإتخاذ قبلة أقوى من غيرها ومثل هذا غير عزيز في الأحكام.
وأما صحيحة زرارة فلا يمكن تخصيصها بما دل على الجواز في قبور المعصومين؛ لأن مورد النهي الذي في الصحيحة علته نهي النبي صلى الله عليه وآله عن إتخاذ قبره قبلة فلا يمكن التفكيك بين الموردين؛ لأن صحيح زرارة على القول باستفادة الحرمة منه على نحو العموم والخصوص الذي هو قبر النبي صلى الله عليه وآله فيتحقق المعارضة بين الصحيحة وبين ما دل على رجحان الصلاة خلف قبور المعصومين لا العموم والخصوص كما حكي عن صاحب الحدائق بل لا بد من العلاج للطائفتين على تقدير ظهور الإتخاذ في معنى كون القبر أمام المصلي والصلاة إليه كما هو مدعى القائل فقد يقال بحمل الصحيحة التي موردها النهي عن إتخاذ قبر النبي وغيره قبلة على التقية فيتعين العمل بالأخبار الدالة على المحبوبة فضلًا عن الجواز بالمعنى الأخص وفيه أن هذا العمل بعيد؛ لأن الإمام حكى أن النهي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا عنه حتى يمكن حمله على التقية حيث أن بعض العامة قائل بعدم الجواز كما قيل ورووا ما يدل على عدم الجواز، ويمكن أن يقال بتعيين طرح الصحيحة بالنسبة إلى قبر النبي لورود الأخبار المستفضية الدالة على مطلوبية الصلاة خلف قبر الحسين وخلف المعصوم كصحيحة الحميري لدخول ذلك تحت قوله عليه السلام خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ( 91).
ودعوى أن الأخبار الواردة في رجحان الصلاة خلف قبر الحسين لا تعارض الصحيحة بالنسبة إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لاحتمال الخصوصية لقبر الحسين عليه السلام كمورد تخيير المصلي إذا كان مسافرًا بين القصر والإتمام مع أنه لا يلتزم المشهور بالتخيير عند قبر أبيه علي عليه السلام مدفوعة بأن قياس ما نحن فيه على مورد التخيير قياس مع الفارق وقد ورد ما يدل على عموم الحكم لقبور الأئمة عليهم السلام كصحيحة الحميري المتقدمة وكون قبر النبي صلى الله عليه وآله خارجا عن هذا الحكم والتخصيص لقبور الأحد عشر عليهم السلام مستبشع جدًا لا يمكن أن يقول به أحد من المؤمنين فضلًا عن العلماء والمجتهدين، والرسول الأكرم هو سيد الأولين والآخرين وإمام جميع المخلوقين، وقد قال أمير المؤمنين عليه أفضل صلاة رب العالمين:(( رسول الله إمامنا حيًا وميتًا))( 92).
ويتلو هذه الدعوى في الضعف دعوى الجمع بتخصيص الأخبار الواردة في مطلوبية ومحبوبية الصلاة خلف قبر الحسين أو قبور الأئمة عليهم السلام بصحيحة زرارة المتقدمة لكونها أخص مطلقًا من الأخبار المذكورة لكون الأخبار الدالة على الجواز بالمعنى الأعم موردها خلف القبر وعدم التقدم وصحيحة زرارة موردها كون القبر قبلة المصلي وهي أخص مطلقًا من مورد الأخبار الدالة على المطلوبية للصلاة خلف القبر أو على عدم التقدم وجه الضعف أن الأخبار المشار إليها ليس موردها ما ذكر المتوهم فقط بل مورد بعضها كخبر الحسن بن عطية ((تجعله بين يديك))(93 )، ونحوه مرسل سعدان بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام وفيه:((ثم اجعل القبر بين يديك وصل ما بدا لك))( 94)، فإن ظهور كون القبر بين اليدين في كون القبر قدام المصلي ومحاذاته مما لا إشكال فيه وذكر صاحب الرسائل بأن النهي الذي في صحيحة زرارة يحتمل نسخه، نعم يمكن أن يقال بأن صحيحة زرارة التي تضمنت النهي عن إتخاذ قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبلة لا تعارض الأخبار الدالة على رجحان كون الصلاة خلف القبر أو كونه بين يدي المصلي لأن النهي عن إتخاذ قبره قبلة جرى على العنوان الثانوي لعلمه صلى الله عليه وآله بما يكون بجواره والإمام أخبره به بعد وقوعه والأخبار الدالة على مطلوبية كون الصلاة خلف قبور المعصومين على مقتضى العنوان الأولي هذا غاية ما يمكن أن يقال بناء على ظهور إتخاذ القبر قبلة بمجرد كونه أمام المصلي مطلقًا ولكن عرفت أنه غير ظاهر في هذا المعنى فلا يمكن القول بحرمة الصلاة إلى القبر بالنسبة إلى قبور غير المعصومين لكن الكراهة فقط.
وأما قبور المعصومين عليهم السلام فالصلاة خلف القبر وكون القبر بين يدي المصلي مطلوب ومحبوب قد تقدم من الأخبار ما يدل عليه وقد جاء -كما روي كامل الزيارات- مسندًا عن محمد البصري عن أبي عبدالله عليه السلام قال:((من صلى خلف الحسين عليه السلام صلاة واحدة يريد بها الله لقى الله يوم يلقاه وعليه من النور ما يغشي كل شيء يراه))( 95) الحديث.
وأما رواية أبي اليسع الصحيحة على الظاهر قال: سأل رجل أبا عبدالله عليه السلام وأنا أسمع، قال إذا أتيت قبر الحسين أجعله قبلة إذا صليت؟ قال:((تنح هكذا ناحية))(96 )، فيحمل قوله عليه السلام ((تنح هكذا ناحية)) على الإرشاد إلى الأفضل كما في رواية الثمالي عن الصادق عليه السلام:((وإن شئت صليت خلف القبر وعند رأسه أفضل))( 97)، أو يحمل على التقية والله أعلم.
تذييل:في فقه ذيل صحيحة زرارة المتقدمة وهو قوله:((ولا تتخذوا قبري مسجدًا))(98 ) الحديث، فما المراد من النهي وإتخاذه مسجدًا؟ يحتمل أن النهي على ظاهره والإتخاذ والسجود عليه، وإن كان لله سبحانه وتعالى والنهى عنه تعبدي مولوي لا إحاطة لنا بالسر، والمصلحة والمفسدة ويؤيده إطلاق النهي عن السجود على قبر المعصوم كما في صحيحة الحميري المتقدمة.
ويحتمل أن معنى المسجد السجود لصاحب القبر تعظيمًا وهو وضع الجبهة على القبر لصاحب القبر تعظيمًا، وهذا لا إشكال في حرمته.
الاحتمال الثالث: أن يكون معنى الإتخاذ مسجدًا الصلاة فوقه، ويكون من مصاديق الصلاة على القبر كما في رواية عبيد بن زرارة:((الأرض كلها مسجد إلا بئر غائط، أو مقبرة، أو حمام))( 99)، وكما في رواية يونس بن ظبيان عن أبي عبدالله عليه السلام: قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلى على قبر، أو يقعد عليه، أو يبنى عليه))( 100)، ويكون النهي فيه على الكراهة ويحتمل أن يكون النهي فيه على ظاهره، وإن قلنا في غير قبر المعصوم كما هو الأظهر هو الكراهة لاستلزامه لهتك بالنسبة إلى قبر المعصوم، ولا يستلزم ذلك في غيره، والدليل الوارد كخبر ابن ظبيان وخبر ابن زرارة لا يدل ولا يثبت أكثر من الكراهة كما ذكرنا سابقًا، فراجع.
وأما ذيل صحيحة زرارة( 101) فظاهرها الحرمة بل معارض ولا منافاة بين القول بالكراهة فيها ما عدا قبر المعصوم والحرمة فيه لتعدد الدليل والاستلزام الصلاة على قبر المعصوم الهتك بخلاف غيره فليتأمل.
الاحتمال الرابع: أن المراد من الإتخاذ مسجدًا بناء المسجد عند قبره الشريف كما يظهر من الوسائل حيث ذكر هذا في الباب الخامس والستين من أحكام الدفن حيث ذكر هناك كراهة بناء المساجد عند القبور وذكر موثقة سماعة:أنه سأل أبا عبدالله عليه السلام عن زيارة القبور وبناء المساجد عندها، فقال:(( أما زيارة القبور فلا بأس بها ولا يبنى عندها مساجد))( 102)، وذكر مرسلة الفقيه المتقدمة التي هي إما نفس ذيل صحيحة زرارة كما هو غير بعيد أو مثلها ولكن هذا الاحتمال وإن كان يظهر من الوسائل القول به بعيد جدًا ضعيف إلى الغاية بالنسبة إلى قبور المعصومين وإن قلنا بالكراهة بالنسبة إلى قبور غيرهم للموثقة المذكورة.
وأما كون قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام كذلك بل قبور سائر الأنبياء والأوصياء فينافيه ما عن ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام:((فما من مسجد بنى إلا على قبر نبي أو وصي نبي مثل ما أصاب تلك البقعة رشة من دمه فأحب الله أن يذكر فيها))( 103)، ولأن بناء المساجد عند قبور المعصومين والصلاة عندهم من المشاعر التي أمر الله بتعظيمها وعبادة الله عندها من مظاهر التعظيم لكون المساجد في خير بقاع الأرض كما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:((خير بقاع الأرض المساجد))( 104)، ومدفن النبي صلى الله عليه وآله والإمام من خير بقاع الأرض كما ورد في الأخبار الشريفة وكذا قبور الأئمة عليهم السلام.
الاحتمال الخامس: أن يكون النهي على ظاهره لكنه إرشادي ومعنى المسجدية السجود على القبر مع كون المصلي على غير القبر والسجود عليه والنهي عنه لكونه مرتفعًا عن محل المصلي ارتفعًا غير مغتفر في السجود كما احتمله بعض الأعلام في رواية الحميري فليتأمل والله العالم بحقائق الأمور، ثم معها مسائل:
الأولى: الشباك والصندوق اللذان على القبر الشريف لا يرفعان المنع تحريمًا أو كراهة لكونهما عرفا يعدان من أجزاء القبر وتوابعه كالثياب الملبوسة على الإنسان، وإن كانت غير معتادة اللبس للمصلي لا ترفع المنع بين الرجل والمرأة حال الصلاة سواء قلنا بالكراهة في المحاذاة أو الحرمة فما دل من النصوص المتقدمة على عدم التقدم على القبر الشريف شاملة بإطلاقها لحالة وجود الشباك والصندوق، نعم يمكن أن يقال أنّا نسلم عدم صدق الحيلولة بين القبر الشريف والمصلى بالشباك والصندوق لكن إذا كان القبر الشريف في السرداب تحت الأرض والشباك والصندوق فوق السرداب ولم يتصل الشباك بالقبر الشريف لصدقت الحيلولة لكون القبر حقيقة تحت الشباك وصدق القبر على الصندوق الفوقاني مسامحة، نعم لو اتصل الصندوق بالقبر الشريف والشباك لعد بالعرف تابعا للقبر ومن أجزائه، وأما الانفصال فلا.
الثانية:لا فرق في عدم جواز الصلاة أمام القبر الشريف بين الفريضة والنافلة وصلاة الزيارة وكذا على القول بالكراهة.
الثالثة: عدم جواز التقدم على قبر المعصوم على القول به مانع من صحة الصلاة لا شرط وتعبير صاحب العروة بالشرط من باب المسامحة لان الظاهر من قوله عليه السلام:((ولا يجوز أن يصلي بين يديه))( 105)، وكذا قول الصادق عليه السلام:((ولا يتقدم عليه))(106 ) الإرشاد إلى المانعية بل لو قلنا بحرمة التقدم على الإمام أو القبر مطلقًا تكون المانعية أوضح لكون التقدم على هذا المبنى حرام على كل تقدير والفرق بين الشرط والمانع ثمرته واضحة.
الرابعة: لو صلى إنسان أمام القبر عن جهل أو نسيان للحكم أو الموضوع صحت صلاته لحديث:((لا تعاد الصلاة إلا من خمسة))(107 )، نعم شمول الحكم للمقصر لا يخلو من إشكال وكذ لو قلنا بعدم شمول الحديث الشريف للجاهل مطلقًا فيتعين الإعادة أو القضاء إلا أن يقال بكون التقدم مطلقًا حرامًا لا في خصوص الصلاة فعليه لا تجب الإعادة فضلًا عن القضاء فيتأمل.
الخامسة: هل يجب على من يرى عدم جواز التقدم حال الصلاة على القبر الشريف اجتهاد أو تقليدًا نهي المصلى المتقدم أو إرشاده لو كان جاهلًا، أو لا؟ فيه صور وتفصيل نشير إلى بعض الصور التي يجب فيها ما ذكر.
منها: ما لو كان المصلي أمام القبر الشريف مقلدًا لمن يرى عدم الجواز فيجب نهبه أو إرشاده لدخوله تحت عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الجاهل بالإرشاد.
ومنها: ما لو كان المصلي غير مقلد وكون من يتعين تقليده يرى عدم الجواز ومنها ما لو كان المصلي اعتمد على قول من أفتى له بالجواز مع عدم أهليته للفتوى أو التقليد.
هذا في الفريضة وأما النافلة يتأخر ويكملها ولو ماشيًا ويلزمه( 108) استدبار القبلة حال المشي وهو مشتغل بالصلاة إذ استدبار القبلة حال الصلاة ما شيًا لا يضر، والله اعلم.
تذييل: إذا كان المصلي أمام القبر الشريف جاهلًا أو ناسيًا للحكم أو الموضوع فتنجز التكليف في حقه أثناء الصلاة بأن أخبره من يثق بقوله بأنه لا تجوز الصلاة أمام القبر الشريف أو التفت في الأثناء فالظاهر أنه إن تمكن من التأخر ولم يكن وجود مناف للصلاة من الاستدبار للقبلة أو الفعل الكثير الماحي للصلاة يبني على صحة ما مضى ويتم ما بقى أجزأته وإلا فتبطل، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
__________
الهوامش
(1) ( شبكة يامهدي الإسلامية )شبكة تعنى بنتاج اية الله المقدس الشيخ محمد الهاجري قدس سره
(2) للإطلاع على سيرة الشيخ الهاجري من هنا
(4 ) تقدم مشكورًا العلامة الشيخ عبدالأمير الخرس (دامت بركاته) بإعداد بعض أبحاث أستاذه كالرسالة الأولى والثانية والثالثة (إن شاء الله).
( 5) نهج البلاغة: ج4، ص99 .
(6 ) أصول الكافي: ج2، ص150، ح5 (باب 251 من أبواب الإيمان والكفر) .
( 7) النور: 36 .
( 8) تحفة العالم: .
( 9) كامل الزيارات: ص435، ح5، باب 83 .
( 10) كامل الزيارات: ص433، ح2، باب 83 .
( 11) كامل الزيارات: ص433، ح3، باب 83 .
(12 ) مصباح الزائر. وراجع مزار الشيخ المفيد: ص185، ح3 (باب فضل زيارة الإمام علي بن الحسين والإمام محمد بن علي والإمام جعفر بن محمد).
( 13) بحار الأنوار: ج99، ص36، ح23 (باب 53 / 4) .
(14 ) الحبل المتين: ص 517 (المقصد الرابع، الفصل الأول).
(15 ) بحار الأنوار: ج80، ص315، ح80 (باب 5 / 27) .
(16 ) الحدائق الناضرة: ج7، ص220، المقدمة:6، المسألة:4 .
(17 ) العروة الوثقى: ص259، الشرط:7 (شرائط مكان المصلي).
(18 ) ذهب إلى ذلك السيد الحكيم في المستمسك انظر تعليقته على الشرط السابع من شرائط مكان المصلي: ص462، واحتاط في التقدم. أنظر منهاج الصالحين المقصد الرابع: في مكان المصلي، المسألة (11) ص124 .
(19 ) التهذيب: ج2، ص202، ح106 (باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز(11) .
( 20) الإحتجاج: ج2، ص312 .
( 21) كامل الزيارات: ص426، ح6 (باب80).
( 22) الكافي: ج4، ص375، ح4 (باب 355)، وكامل الزيارات: ص425، ح3 (باب80). ولا توجد فيه لفظة (أبي عبدالله).
( 23) الكافي: ج4، ص575، ح2 (باب زيارة قبر أبي عبدالله عليه السلام) ولا توجد فيه لفظة (أبي عبدالله).
(24 ) كامل الزيارات: ص362، ح2 (باب79).
( 25) الفهرست: ص166، باب (محمد) رقم: 604.
(26 ) تهذيب الأحكام: ج6، ص76، ح18 (باب حد حرم الحسين عليه السلام).
( 27) منتهى المطلب: ج2، ص319 (البحث فيما تجوز الصلاة فيه من المكان الفرع السادس).
( 28) مفاتيح الشرائع الجزء الأول مفتاح 116, ص102, (نشر مجمع الدخاء الاسلامية طبع مطبعة الخيام رقم سنة 1401هــ ) .
(29 ).
(30 )الدروس الشرعية، ج2,ص31,احكام المشاهد المقدسة التاسع من آداب الزيارة,( مؤسسة الطبع والنشر التابعة للاستاته الرضويه) .
(31 )المعتبر: ج2,ص115، الأماكن التي بكر الصلاة فيها .
(32 )ص78 , رجال ابن الغضائري حرف العين (92) 17 .
( 33)ص15 , رجال النجاشي الجزء الثاني الرقم 564 , (تحقيق محمد جواد النائيني), (طبع مطبعة الأضواء) .
(34 ) ص76, رجال ابن الغضائري حرف العين (87)12 .
(35 ) كامل الزيارات: ص37، مقدمة المؤلف .
(36 ) راجع: رجال النجاشي: ج1، ص305، رقم الراوي (316).
(37 ) رجال ابن الغضائري: ص78، باب العين، رقم الراوي (92 – 17 ).
(38 ) رجال النجاشي: ج2، ص15، باب العين، رقم الراوي (566).
(39 ) كتاب الرجال: ص118، باب العين ، رقم الراوي (857).
(40 ) الفهرست: ص133، باب العين، رقم الراوي (447).
(41 ) المعدود من رجال الصادق عليه السلام هو عبدالله بن أبي محمد البصري، وأما بعنوان عبدالله بن حماد الأنصاري فقد ذكره في أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام، ولم يشر السيد الخوئي إلى أنهما متحدان.
( 42) كامل الزيارات: ص37، مقدمة المؤلف .
( 43) رجال النجاشي: ج2، ص15، باب العين، رقم الراوي (564).
( 44) رجال ابن الغضائري: ص77، باب العين، رقم الراوي [92] 130، وفيه:له كتابان في الزيارات.
(45 ) خلاصة الأقوال: ص372، القسم الثاني، باب العين، رقم الراوي: [ 1475 ] 12 .
(46 ) راجع تعليقه على منهاج المقال، ص227.
(47 ) رجال المامقاني .
(48 ) رجال الكشي: ص599، الرقم [1050] تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم، وأبي الحسن الرضا عليهما السلام.
(49 )رجال الكشي: ص641، الرقم [1126] ما روي في يزيد ومحمد ابني إسحاق شعر.
(50 ) إتقان المقال: ص393، ذكر هذا الكلام عند الحديث عن يزيد بن إسحاق شعر.
(51 ) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام: ج8، ص362، حكم تقدم المصلي على قبر المعصوم.
(52 ) مصباح الفقيه: ج1، ص191 (حكم التقدم على قبر الإمام عليه السلام).
( 53) هو المرحوم السيد محسن الحكيم (قدس سره) .
(54 ) العروة الوثقى: ج1، ص259 (شرائط مكان المصلي) .
( 55) مستمسك العروة الوثقى: ج5، ص464.
( 56) جواهر الكلام: ج8، ص362 (حكم تقدم المصلي على قبر المعصوم).
( 57) سورة الحجرات، الآية:1.
(58 ) تفسير الصافي: ج5، ص47 (تفسير سورة الحجرات) .
(59 ) نفس المصدر .
(60 ) منهاج الصادقين.
( 61) سورة البقرة: الآية 264 .
(62 ) وسائل الشيعة: ج1، ص507، ح4 (باب 28 من أبواب الجنابة) والمذكور فيه: >هذا الموضع الذي أحبط الله فيه حجك عام أول<.
( 63) هو السيد الحكيم في المستمسك: ج5، ص465 (حكم التقدم على قبر المعصوم في الصلاة).
( 64) سورة الحجر، الآية: 42.
( 65) سورة الحجر، الآيتان: 39 – 40.
(66 ) التهذيب: ج2، ص202، ح106 (باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز).
( 67) التهذيب: ج2، ص202، ح106 (باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز).
( 68) هو السيد الحكيم.
(69 ) هو كتاب مستمسك العروة الوثقى.
(70 ) مستمسك العروة الوثقى: ج5، ص465 (حكم التقدم على قبر المعصوم في الصلاة).
( 71) وسائل الشيعة: ج1، ص212، ح1 (باب: 2 من أبواب أحكام الخلوة).
( 72) وسائل الشيعة: ج4، ص673، ح1 (باب: 1 من أبواب أفعال الصلاة).
(73 ) تقدم الإشارة لها.
(74 ) مستدرك الوسائل: ج10، ص327، ح3 (باب 52 من أبواب المزار وما يناسبه) والمذكور فيها: >ثم تدور من خلفه إلى عند رأس الحسين عليه السلام<.
(75 ) كامل الزيارات: ص69 (باب 7 وداع قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم).
(76 ) التهذيب:ج2، ص202، ح106 (باب 11 من أبواب ما يجوز الصلاة فيه).
( 77) وسائل الشيعة: ج3، ص454، ح8 (باب 26 من أبواب مكان المصلي) .
(78 ) جواهر الكلام: ج8، ص352 (كراهة الصلاة بين القبور).
(79 ) وسائل الشيعة: ج3، ص453، ح5 (باب 25 من أبواب مكان المصلي) .
(80 ) وسائل الشيعة: ج3، ص453، ح3 (باب 25 من أبواب مكان المصلي) .
(81 ) وسائل الشيعة: ج3، ص453، ح3 (باب 25 من أبواب مكان المصلي) .
(82 ) وسائل الشيعة: ج3، ص455، ح5 (باب 26 من أبواب مكان المصلي) .
(83 ) لم أعثر على الحاكي وجعل في المراسم متعلق المنع في الصلاة عنوان (إلى القبور) والذي حكي عنه المنع بعنوان مطلق أبو الصلاح الحلبي، انظر الحدائق: ج7، ص216 (المواضع التي نهى عن الصلاة فيها).
(84 ) وسائل الشيعة: ج3، ص453، ح5 (باب 25 من أبواب مكان المصلي) .
(85 ) سورة المائدة، الآية: 51 .
(86 ) انظر: الحدائق الناضرة: ج7، ص216 (المواضع التي نهى عن الصلاة فيها).
( 87) انظر: الحدائق الناضرة: ج7، ص226 المقام الثاني (حكم سائر القبور).
(88 ) من لا يحضره الفقيه: ج1، ص185، ح31 (باب التعزية والجزع عند المصيبة).
(89 ) تقدم الإشارة إليه.
(90 ) جواهر الكلام: ج8، ص356، (كراهة الصلاة بين القبور)، وانظر المقنعة: ص152 (باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا تجوز الصلاة فيه من ذلك).
( 91) عوالي اللئالي: ج4، ص132، ح229، ورواه في مستدرك الوسائل عنه: ج17، ص303 (باب 9 من أبواب صفات القاضي).
( 92) مستدرك الوسائل: ج2، ص486، ح29 (باب 79 من أبواب الدفن، وما يناسبه).
( 93) تقدم الإشارة إليه.
( 94) كامل الزيارات: ص385، ح17 (باب زيارات الحسين بن علي عليه السلام).
(95 ) وسائل الشيعة: ج3، ص456، ح6 (باب 26 من أبواب مكان المصلي) .
( 96) وسائل الشيعة: ج10، ص407، ح6 (باب 69 من أبواب المزار).
(97 ) مستدرك الوسائل: ج10، ص327، ح3 (باب 52 من أبواب المزار).
(98 ) وسائل الشيعة: ج3، ص455، ح5 (باب 26 من أبواب مكان المصلي) .
(99 ) وسائل الشيعة: ج3، ص461، ح2 (باب 31 من أبواب مكان المصلي) .
(100 ) وسائل الشيعة: ج3، ص454، ح8 (باب 25 من أبواب مكان المصلي) .
(101 ) قد سبق الإشارة إليه .
(102 ) وسائل الشيعة: ج2، ص887، ح1 (باب 65 من أبواب الدفن).
(103 ) وسائل الشيعة: ج3، ص501، ح1 (باب 21 من أبواب أحكام المساجد) .
(104 ) وسائل الشيعة: ج3، ص553 – 554، ح1+2 (باب 68 من أبواب مكان المصلي) .
(105 ) هذه الفقرة في صحيحة الحميري المتقدمة.
(106 ) هذه الفقرة في رواية هشام بن سالم المتقدمة.
(107 ) وسائل الشيعة: ج1، ص260، ح8 (باب 3 من أبواب وجوب إعادة الصلاة) .
(108 ) لزوم الاستدبار للقبلة لأجل أن لا يصدق على المصلي الذي انكشف تقدمه على القبر أنه تقدم عليه. والله أعلم .
جميع الحقوق محفوظة لشبكة يامهدي الاسلامية
www.yamahdi.us
((نسألكم الدعاء ))
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً