ومن خطبة له عليه السلام
وقد تواترت عليه الاََخبار (1)باستيلاءِ أصحاب معاوية على البلاد، وقدم عليه عاملاه على اليمن ـ وهما عبيدالله بن العباس وسعيد بن نمران ـ لمّا غلب عليها
بُسْرُ بن أبي أَرْطَاة، فقام عليه السلام إلى المنبر ضجراً بتثاقل أَصحابه عن الجهاد، ومخالفتهم له في الرأْي، وقال: مَا هِيَ إِلاَّ الكُوفَةُ، أقْبِضُهَا وَأَبْسُطُهَا
(2) إنْ لَمْ تَكُوني إِلاَّ أَنْتِ، تَهُبُّ أَعَاصِيرُك (3) ملا، فَقَبَّحَكِ اللهُ! وتمثّل: لَعَمْرُ أَبِيكَ الخَيْرِ يَا عَمْرُوإِنَّني عَلَى وَضَرٍ (4) ـ مِنْ ذَا الاِِْنَاءِ ـ قَلِيلِ ثم قال عليه السلام : أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ الَيمنَ (5) وَإِنِّي وَاللهِ لاَََظُنُّ هؤُلاءِ القَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُم ْ (6) بِاجْتِماعِهمْ عَلَى بَاطِلِهمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ، وَبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ في الحَقِّ، وَطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ في البَاطِلِ، وَبِأَدَائِهِمُ الاََْمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَخِيَانَتِكُمْ، وَبِصَلاَحِهمْ في بِلاَدِهِمْ وَفَسَادِكُمْ، فَلَو ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْب ٍ (7) لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلاَقَتِهِ (8) اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَمَلُّوني، وَسَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُوني، فَأَبْدِلنِي بِهِمْ خَيْراً;مِنْهُمْ، وأَبْدِلُهمْ بِي شَرَّاً مِنِّى، اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ (9)كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، أَمَاوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ..
هُنَالِكَ، لَوْ دَعَوْتَ، أَتَاكَ مِنْهُمْ فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الحَمِيم ثم نزل عليه السلام من المنبر..
قلتُ أنا: والاَرمية جمع رَميٍّ وهو: السحاب، والحميم في هذا الموضع: وقت الصيف، وإنما خصّ الشاعر سحاب الصيف بالذكر لاَنه أشد جفولاً، وَأسرع خُفوفا ً (10) ، لاَنه لا ماء فيه، وإنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء، وذلك لا يكون في الاَكثر إلا زمان الشتاء، وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دُعوا، والاِغاثة إذا استغيثوا، والدليل على ذلك قوله: «هنالك، لو دعوت، أتاك منهم…»..
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً