حصلت على صورة لوثيقة «وقف» حسينية في كربلاء أوقفها أهالي الإحساء قبل ستين عام تقريبا، ويبدو أن نوعا من التنافس الايجابي كان سائدا في تلك الفترة حيث يتنافس أبناء كل مدينة في وضع بصمة لهم في كربلاء الحسين … ومن خلال هذه الوثيقة نتعرف عن قرب بمدى اهتمام بعض أسلافنا «الواعين» بالوقف وتوثيقه وسد كل الثغرات التي يمكن أن تؤدي إلى ضياعه، كما نتعرف أيضا على عدة جوانب منها:
1 – ثقافة كتابة الوقف في ذلك الزمان.
2 – تعاون أبناء المجتمع واتحاد كلمتهم وشعورهم بمسؤولية التكافل الاجتماعي.
3 – اهتمامهم الشديد بإحياء الشعائر الحسينية وبذل الغالي والنفيس لذلك.
3 – ممارسة الديمقراطية وترسيخ ثقافة المشاورة والانتخاب والتدوين.
4 – من أهم بنود هذه الوثيقة أن يتم انتخاب «عشرة» من الصالحين من أبناء المجتمع لإدارة هذا الوقف رغم وجود العدد الكبير من أهل الأيمان والنزاهة والورع الذي يمكن لواحد منهم أن يقوم بهذا الدور بمفرده.
5 – الاسترشاد بالأعلام من رجال الدين ووجهاء المجتمع وإطلاعهم على بنود الاتفاقية ووضع توقيعاتهم المباركة على الوثيقة «أكثر من عشرة أسماء من كبار شخصيات المجتمع الاحسائي بالإضافة إلى المرجع الأعلى للطائفة».
6 – من خلال هذا العدد الكبير… «عشرة منتخبين من خيار الناس إضافة إلى توقيع عشرة من الأعلام وتوقيع المرجع الأعلى» يكون اكبر عدد من أبناء المجتمع على اطمئنان بمستقبل هذا الوقف ومعرفة تامة بدوره ولمن له حق الانتفاع به، كما انه يقطع الطريق على أي رغبة للهيمنة والاستبداد بالرأي دون الآخرين ويمنع «توريث الولاية على الوقف لغير الأكفأ» في الحاضر والمستقبل.
7 – صمود وبقاء هذه الحسينية رغم ما مر على كربلاء من أهوال وحروب وتهجير لأهلها يعود – بعد الله – لتلك الوثيقة «المحبوكة» التي تحتوي على نص محكم وشهود عدول.
8 – يمكننا أن نتعرف على مصداقية «يد الله مع الجماعة» وروعة العمل الجماعي من خلال ملحق آخر لهذه الوثيقة يحتوي على أسماء بعض الذين تبرعوا وبعض من قاموا بجمع التبرعات وبعض المبالغ التي دفعت.
9 – نجاح المجتمع في تأسيس وقف عام مهما كان حجمه يمنح أفراده شعورا بالفخر والاعتزاز والمعنويات العالية مما يشجع على تكرار التجربة وبالعكس في حال فشل المشروع أو هيمنة إطراف أخرى عليه سيجعلهم يترددون كثير في المساهمة.
10 – يمكننا أن نستفيد من بنود هذه الوثيقة في المبادرة قبل فوات الأوان لحل مشكلة «مأساة وقف» التي سبق ان تطرقت لها في مقال يحمل هذا الاسم في هذا الموقع الموقر والى تصحيح مسار الكثير من قضايا الأوقاف العالقة.
11 – النزاهة والأمانة والتزكية لا يمنحها الإنسان لنفسه، الإنسان عليه أن يحصن نفسه لكي لا يتهم في نزاهته وأمانته ويترك للآخرين الحكم. وحتى لو وثق الناس في أمانته ونزاهته وسلموه مقاليد أمورهم فلا يكتفي بذلك بل عليه أن يدون ذلك في وثائق ومستندات يضع نسخ منها عند جهات يطمئن لها الناس.
نص الوثيقة
«بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله على هدايته والتوفيق لما دعا اليه من سبيله والصلاة والسلام على نبي الرحمة وينبوع الحكمة محمد واهل بيته الذين اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا….
وبعد فهذا ما اتفقت عليه كلمة الجماعة الاحسائيين وفقهم الله لما يحب ويرضى اتفقوا على ان الارض الواقعة في كربلاء المرقمة 9041 المشتراة من تبرعات الاحسائيين أن تسجل في دائرة الطابو ودائرة الاوقاف، أن هذه الارض بجميع حدودها وقفا للحسين حسينية للأحسائيين القاطنين في المشاهد المشرفة والخارجين بأن يقام فيها موكب عزاء يوم الاربعين ويقام فيها تعزية الحسين في عشرة محرم وغيره، ويأوي اليها زوار الاحسائيين القاطنين في المشاهد المشرفة الرجال فقط واذا كمل الطابق الاول في البناء يجعل حولها دكاكين وفوق الدكاكين والطارمة الامامية فندق مقابل الشارع العام ويعود وارد الفندق والدكاكين الى ما تحتاج اليه الحسينية من ترميم واصلاح وفراش واواني للموكب واضوية وأجور الخادم وثلاث وزنات تمن مع ثلاث ذبايح لموكب الاربعين فإن فضل منه شيء يصرف نصفه في المحتاجين من طلبة الاحسائيين ونصفه الثاني يرجع الى مريض محتاج او جنازة معطلة من الاحسائيين وينتخب من صالح الجماعة الاحسائيين عشرة اشخاص متولين لهذا الوقف يكونون مشرفين على الداخل والخارج وحساب العائد والنظر في هذا الوقف فإذا مات احدهم يجعل مكانه شخص آخر من صالح الاحسائيين وليس لأحد منهم أن يستبد برئيه دون رأي الجميع ونسأله تعالى حسن التوفيق والهداية الى سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
حرر بتاريخ 28شعبان من سنة 1374هـ»
الشهود على هذه الوثيقة
السيد محسن الطباطبائي الحكيم
السيد باقر الموسوي الشخص
الشيخ حسين الخليفه
السيد هاشم السيد حسين العلي
الشيخ باقر بوخمسين
الشيخ محمد بن سليمان الهاجري
الشيخ علي بن محمد العيثان
الشيخ محمد جواد موسى بوخمسين
…… أحمد بن حسن العبدالله ولد علي الوايل
…… ياسين احمد ياسين بوخمسين
…… عبدالله آل خليفه
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً