3.المعروفة بالشِّقْشِقِيَّة
أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها (1) فُلانٌ، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّيَ مِنهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَا، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ، فَسَدَلْتُ (2) دُونَهَا ثَوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً (3) وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ (4) أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ (5) عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فيهَا الكَبيرُ، وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ.
فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى (6) فَصَبَرتُ وَفي الْعَيْنِ قَذىً، وَفي الحَلْقِ شَجاً (7) أرى تُرَاثي (8)نَهْباً، حَتَّى مَضَى الاََْوَّلُ لِسَبِيلِهِ، فَأَدْلَى بِهَا (9) إِلَى فلانٍ بَعْدَهُ.
ثم تمثل بقول الاَعشى:
شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا (10) | وَيَوْمُ حَيَّان َ أَخِي جَابِرِ |
فَيَا عَجَباً!! بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُها (11) في حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ ـ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا (12) ـ فَصَيَّرَهَا في حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ، يَغْلُظُ كَلْمُهَا (13) وَيَخْشُنُ مَسُّهَا، وَيَكْثُرُ العِثَارُ (14) [فيها،] وَالاْعْتَذَارُ مِنْهَا، فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ (15) إِنْ أشْنَقَ (16) لَهَا خَرَمَ (17) وَإِنْ أَسْلَسَ (18)لَهَا تَقَحَّمَ (19) فَمُنِيَ النَّاسُ (20) ـ لَعَمْرُ اللهِ ـ بِخَبْطٍ (21) وَشِمَاسٍ (22) وَتَلَوُّنٍ وَاعْتِرَاضٍ (23) فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ، وَشِدَّةِ الِْمحْنَةِ، حَتَّى إِذا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا في جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنَّي أَحَدُهُمْ. فَيَاللهِ وَلِلشُّورَى (24) مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الاََْوَّلِ مِنْهُمْ، حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هذِهِ النَّظَائِرِ (25) لكِنِّي أَسفَفْتُ (26)ْ
إِذأَسَفُّوا، وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا، فَصَغَا (27) رَجُلُ مِنْهُمْ لِضِغْنِه (28) وَمَالَ الاَْخَرُ لِصِهْرهِ، مَعَ هَنٍ وَهَنٍ(29) إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ القَوْمِ، نَافِجَاً حِضْنَيْهِ (30) بَيْنَ نَثِيلهِ (31) وَمُعْتَلَفِهِ (32) وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ (33) مَالَ اللهِ خَضْمَ الاِِْبِل نِبْتَةَ (34) الرَّبِيعِ، إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ (35) وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ (36) وَكَبَتْ (37) بِهِ بِطْنَتُهُ (38)
فَمَا رَاعَنِي إلاَّ وَالنَّاسُ إليَّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ (39) يَنْثَالُونَ (40) عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، حَتَّى لَقَدْ وُطِىءَ الحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ (41) مُجْتَمِعِينَ حَوْلي
كَرَبِيضَةِ الغَنَمِ (42) فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالاََْمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ (43) َمَرَقَتْ أُخْرَى (44) وَفَسَقَ وقسطج آخَرُون (45) عس كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوااللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَاِللَّذِينَ لاَ يُريدُونَ عُلُوّاً في الاََرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بَلَى! وَاللهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا، وَلكِنَّهُمْ حَلِيَتَ الدُّنْيَا (46) في أَعْيُنِهمْ، وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا (47) أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ (48) لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ (49) وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ (50) وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا (51) عَلَى كِظَّةِ (52) ظَالِمٍ، وَلا سَغَبِ(53) مَظْلُومٍ، لاَََلقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا (54) وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلاَََلفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ (55)
قالوا: وقام إِليه رجل من أهل السواد (56) عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته، فناوله كتاباً، فأقبل ينظر فيه، فلمّا فرغ من قراءته قال له ابن عباس: يا أميرالمؤمنين، لو اطَّرَدت مَقالتكَ (57) من حيث أَفضيتَ (58) فَقَالَ عليه السلام : هَيْهَاتَ يَابْنَ عَبَّاسٍ! تِلْكَ شِقْشِقَةٌ (59) هَدَرَتْ (60) ثُمَّ قَرَّتْ (61)قال ابن عباس: فوالله ما أَسفت على كلامٍ قطّ كأَسفي على ذلك الكلام أَلاَّ يكون أميرالمؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أراد.
قوله عليه السلام في هذه الخطبة: «كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم» يريد: أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام وهي تنازعه رأسها خرم أنفها، وإن أرخى لها شيئاً مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها، يقال: أشنق الناقة: إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه، وشنقها أيضاً، ذكر ذلك ابن السكيت في «إصلاح المنطق».
وإنما قال عليه السلام : «أشنق لها» ولم يقل: «أشنقها»، لاَنه جعله في مقابلة قوله: «أسلس لها»، فكأنه عليه السلام قال: إن رفع لها رأسها بالزمام يعني أمسكه عليها.
وفي الحديث: أن رسولالله صلى الله عليه وآله خطب الناس وهو عل ناقة قد شنق لها وهي تقصع بجرّتها.
ومن الشاهد على أنّ أشنق بمعنى شنق قول عدي بن زيد العبادي: ساءها ما بنا تبيّن في الاَيديوأشناقها إلى الاَعناقِ
السلام عليك يامولاي ياأمير المؤمنين ع
لعن الله الظالمين لكم سيدي
كلمات يتفطر لها القلب 🙁