اللقاء (٢٦): كامل بن إبراهيم المدني (*) (١)
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الأنْصَاريَّ، قَالَ: وَجَّهَ قَوْمٌ مِنَ الْمُفَوَّضَةِ وَالْمُقَصّرَةِ كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيَّ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، قَالَ كَامِلٌ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أسْألُهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَ مَعْرفَتِي وَقَالَ بِمَقَالَتِي، قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى سَيَّدِي أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام نَظَرْتُ إِلَى ثِيَابٍ بَيَاضٍ نَاعِمَةٍ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَلِيُّ اللهِ وَحُجَّتُهُ يَلْبَسُ النَّاعِمَ مِنَ الثّيَابِ، وَيَأمُرُنَا نَحْنُ بِمُوَاسَاةِ الإخْوَان، وَيَنْهَانَا عَنْ لُبْس مِثْلِهِ.
فَقَالَ مُتَبَسَّماً: «يَا كَامِلُ..» وَحَسَرَ (عَنْ) ذِرَاعَيْهِ، فَإذَا مِسْحٌ أسْوَدُ خَشِنٌ عَلَى جِلْدِهِ فَقَالَ: «هَذَا للهِ وَهَذَا لَكُمْ»، فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ إِلَى بَابٍ عَلَيْهِ سِتْرٌ مُرْخًى، فَجَاءَتِ الرَّيحُ فَكَشَفَتْ طَرَفَهُ فَإذَا أنَا بِفَتًى كَأنَّهُ فِلْقَةُ قَمَرٍ مِنْ أبْنَاءِ أرْبَع سِنِينَ أوْ مِثْلِهَا.
فَقَالَ لِي: «يَا كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ»، فَاقْشَعْرَرْتُ مِنْ ذَلِكَ وَاُلْهِمْتُ أنْ قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا سَيَّدِي، فَقَالَ: «جِئْتَ إِلَى وَلِيَّ اللهِ وَحُجَّتِهِ وَبَابِهِ تَسْألُهُ هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَ مَعْرفَتَكَ وَقَالَ بِمَقَالَتِكَ؟»، فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ، قَالَ: «إِذَنْ وَاللهِ يَقِلَّ دَاخِلُهَا، وَاللهِ إِنَّهُ لَيَدْخُلُهَا قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمُ: الْحَقّيَّةُ»، قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: «قَوْمٌ مِنْ حُبَّهِمْ لِعليًّ يَحْلِفُونَ بِحَقّهِ وَلاَ يَدْرُونَ مَا حَقُّهُ وَفَضْلُهُ».
ثُمَّ سَكَتَ عليه السلام عَنّي سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «وَجِئْتَ تَسْألُهُ عَنْ مَقَالَةِ الْمُفَوَّضَةِ، كَذَبُوا بَلْ قُلُوبُنَا أوْعِيَةٌ لِمَشِيَّةِ اللهِ، فَإذَا شَاءَ شِئْنَا، وَاللهُ يَقُولُ: ((وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ))».
ثُمَّ رَجَعَ السَّتْرُ إِلَى حَالَتِهِ فَلَمْ أسْتَطِعْ كَشْفَهُ، فَنَظَرَ إِلَيَّ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام مُتَبَسَّماً فَقَالَ: «يَا كَامِلُ مَا جُلُوسُكَ وَقَدْ أنْبَأكَ بِحَاجَتِكَ الْحُجَّةُ مِنْ بَعْدِي»، فَقُمْتُ وَخَرَجْتُ وَلَمْ اُعَايِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ أبُو نُعَيْم: فَلَقِيتُ كَامِلاً فَسَألْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنِي بِهِ.
الهوامش:
(*) موسوعة توقيعات الإمام المهدي عليه السلام لمحمد تقي أكبر نژاد
(١) الغيبة للطوسي ج ٢ ص ٢٤٦.
بحار الأنوار ص ٥٠ ج ٥٢ باب ١٨_ ذكر من رآه صلوات الله عليه.
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً