٤_ استفتاءات الحميري عن الحجة عليه السلام (*) (١)
وكتب إليه صلوات الله عليه أيضا في سنة ثمان وثلاثمائة كتابا سأله فيه عن مسائل أخرى، كتب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أطال الله بقاءك، وأدام عزك وكرامتك، وسعادتك وسلامتك، وأتم نعمته عليك، وزاد في إحسانه إليك، وجميل مواهبه لديك، وفضله عليك، وجزيل قسمه لك، وجعلني من السوء كله فداك، وقدمني قبلك، إن قبلنا مشايخ وعجايز يصومون رجب منذ ثلاثين سنة وأكثر، ويصلون شعبان بشهر رمضان، وروى لهم بعض أصحابنا أن صومه معصية . فأجاب: قال الفقيه عليه السلام: يصوم منه أياما إلى خمسة عشر يوما، ثم يقطعه إلا أن يصومه عن الثلاثة الأيام الفائتة للحديث أن ” نعم شهر القضاء رجب ” . وسأل عن رجل يكون في محمله، والثلج كثير بقامة رجل، فيتخوف إن نزل الغوص فيه، وربما يسقط الثلج وهو على تلك الحال، ولا يستوي له أن يلبد شيئا منه لكثرته وتهافته، هل يجوز له أن يصلي في المحمل الفريضة ؟ فقد فعلنا ذلك أياما فهل علينا في ذلك إعادة أم لا ؟ . فأجاب عليه السلام لا بأس به عند الضرورة والشدة . وسأل عن الرجل يلحق الامام وهو راكع، فيركع معه ويحتسب تلك الركعة، فان بعض أصحابنا قال: إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتد بتلك الركعة . فأجاب عليه السلام إذا لحق مع الامام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة، وإن لم يسمع تكبيرة الركوع . وسأل عن رجل صلى الظهر ودخل في صلاة العصر، فلما أن صلى من صلاة العصر ركعتين استيقن أنه صلى الظهر ركعتين، كيف يصنع ؟ . فأجاب عليه السلام: إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين، وإذا لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الأخيرتين تتمة لصلاة الظهر وصلى العصر بعد ذلك . وسأل عن أهل الجنة، هل يتوالدون إذا دخلوها أم لا ؟ فأجاب عليه السلام: إن الجنة لا حمل فيها للنساء، ولا ولادة، ولا طمث، ولا نفاس، ولا شقاء بالطفولية، وفيها ما تشتهي الأنفس، وتلذ الأعين كما قال سبحانه، فإذا اشتهى المؤمن ولدا خلقه الله عز وجل بغير حمل ولا ولادة على الصورة التي يريد كما خلق آدم عليه السلام عبرة . وسأل عن رجل تزوج امرأة بشئ معلوم إلى وقت معلوم، وبقي له عليها وقت فجعلها في حل مما بقي له عليها، وقد كانت طمثت قبل أن يجعلها في حل من أيامها بثلاثة أيام أيجوز أن يتزوجها رجل آخر بشئ معلوم إلى وقت معلوم عند طهرها من هذه الحيضة أو يستقبل بها حيضة أخرى؟ فأجاب عليه السلام يستقبل حيضة غير تلك الحيضة، لأن أقل تلك العدة حيضة وطهارة تامة . وسأل عن الأبرص والمجذوم، وصاحب الفالج، هل يجوز شهادتهم ؟ فقد روي لنا أنهم لا يؤمون الأصحاء ؟ فأجاب عليه السلام: إن كان ما بهم حادث، جازت شهادتهم، وإن كانت ولادة لم تجز . وسأل هل يجوز للرجل أن يتزوج ابنة امرأته . فأجاب عليه السلام: إن كانت ربيت في حجره فلا يجوز، وإن لم تكن ربيت في حجره وكانت أمها في غير حباله فقد روي أنه جائز . وسأل هل يجوز أن يتزوج بنت ابنة امرأة ثم يتزوج جدتها بعد ذلك أم لا ؟ . فأجاب عليه السلام: قد نهي عن ذلك . وسأل عن رجل ادعى على رجل ألف درهم، أقام بها البينة العادلة، وادعى عليه أيضا خمسمائة درهم في صك آخر وله بذلك كله بينة عادلة، وادعى عليه أيضا بثلاث مائة درهم في صك آخر، ومائتي درهم في صك آخر، وله بذلك كله بينة عادلة، ويزعم المدعى عليه أن هذه الصكاك كلها قد دخلت في الصك الذي بألف درهم، والمدعي ينكر أن يكون كما زعم، فهل تجب عليه الألف الدرهم مرة واحدة أو يجب عليه كما يقيم البينة به ؟ وليس في الصكاك استثناء إنما هي صكاك على وجهها ؟ فأجاب عليه السلام: يؤخذ من المدعى عليه ألف درهم، وهي التي لا شبهة فيها وترد اليمين في الألف الباقي على المدعي، فان نكل فلا حق له . وسأل عن طين القبر، يوضع مع الميت في قبره، هل يجوز ذلك أم لا ؟ فأجاب عليه السلام: يوضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه إنشاء الله . وسأل فقال روي لنا عن الصادق عليه السلام أنه كتب على إزار إسماعيل ابنه ” إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله ” فهل يجوز لنا أن نكتب مثل ذلك بطين القبر أم غيره ؟ فأجاب عليه السلام: يجوز ذلك . وسأل هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر وهل فيه فضل ؟ فأجاب عليه السلام يسبح به، فما من شئ من التسبيح أفضل منه، ومن فضله أن الرجل ينسى التسبيح، ويدير السبحة فيكتب له التسبيح . وسأل عن السجدة على لوح من طين القبر وهل فيه فضل ؟ فأجاب عليه السلام يجوز ذلك وفيه الفضل . وسأل عن الرجل يزور قبور الأئمة عليهم السلام هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا ؟ وهل يجوز لمن صلى عند بعض قبورهم عليهم السلام أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة أم يقوم عند رأسه أو رجليه ؟ وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعل القبر خلفه أم لا ؟ فأجاب عليه السلام أما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة والذي عليه العمل، أن يضع خده الأيمن على القبر، وأما الصلاة فإنها خلفه ويجعل القبر أمامه، ولا يجوز أن يصلي بين يديه، ولا عن يمينه، ولا عن يساره لأن الإمام عليه السلام لا يتقدم عليه، ولا يساوي . وسأل فقال: هل يجوز للرجل إذا صلى الفريضة أو النافلة وبيده السبحة أن يديرها وهو في الصلاة . فأجاب عليه السلام: يجوز ذلك إذا خاف السهو والغلط . وسأل هل يجوز أن يدير السبحة بيده اليسار إذا سبح أو لا يجوز ؟ فأجاب عليه السلام: يجوز ذلك والحمد لله. وسأل فقال: روي عن الفقيه في بيع الوقوف خبر مأثور ” إذا كان الوقف على قوم بأعيانهم وأعقابهم فاجتمع أهل الوقف على بيعه وكان ذلك أصلح، لهم أن يبيعوه ” فهل يجوز أن يشتري من بعضهم إن لم يجتمعوا كلهم على البيع؟ أم لا يجوز إلا أن يجتمعوا كلهم على ذلك وعن الوقف الذي لا يجوز بيعه . فأجاب عليه السلام إذا كان الوقف على إمام المسلمين فلا يجوز بيعه، وإن كان على قوم من المسلمين، فليبع كل قوم ما يقدرون على بيعه مجتمعين ومتفرقين إن شاء الله. وسأل هل يجوز للمحرم أن يصير على إبطه المرتك أو التوتيا لريح العرق أم لا يجوز ؟ . فأجابه يجوز ذلك. وسأل عن الضرير إذا اشهد في حال صحته على شهادة ثم كف بصره ولا يرى خطه فيعرفه، هل تجوز شهادته وبالله التوفيق أم لا وإن ذكر هذا الضرير الشهادة هل يجوز أن يشهد على شهادته أم لا يجوز ؟ فأجاب عليه السلام: إذا حفظ الشهادة وحفظ الوقت جازت شهادته . وسأل عن الرجل يوقف ضيعة أو دابة، ويشهد على نفسه باسم بعض وكلاء الوقف، ثم يموت هذا الوكيل أو يتغير أمره، ويتولى غيره، هل يجوز أن يشهد الشاهد لهذا الذي أقيم مقامه، إذا كان أصل الوقف لرجل واحد أم لا يجوز ذلك؟. فأجاب عليه السلام: لا يجوز غير ذلك لأن الشهادة لم تقم للوكيل وإنما قامت للمالك، وقد قال الله تعالى ” وأقيموا الشهادة لله”. وسأل عن الركعتين الأخراوين قد كثرت فيهما الروايات، فبعض يروي أن قراءة الحمد وحدها أفضل وبعض يروي أن التسبيح فيهما أفضل، فالفضل لأيهما لنستعمله؟.
فأجاب عليه السلام قد نسخت قراءة أم الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح، والذي نسخ التسبيح قول العالم عليه السلام كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج إلا للعليل أو من يكثر عليه السهو، فيتخوف بطلان الصلاة عليه . وسأل فقال: يتخذ عندنا رب الجوز لوجع الحلق والبحبحة يؤخذ الجوز الرطب من قبل أن ينعقد، ويدق دقا ناعما، ويعصر ماؤه، ويصفى ويطبخ على النصف، ويترك يوما وليلة، ثم ينصب على النار، ويلقى على كل ستة أرطال منه رطل عسل، ويغلى وينزع رغوته، ويسحق من النوشادر والشب اليماني من كل واحد نصف مثقال، ويداف بذلك إلى الماء، ويلقى فيه درهم زعفران مسحوق ويغلى ويؤخذ رغوته، ويطبخ حتى يصير مثل العسل ثخينا ثم ينزل عن النار، ويبرد ويشرب منه، فهل يجوز شربه أم لا ؟ . فأجاب عليه السلام إذا كان كثيره يسكر أو يغير فقليله وكثيره حرام، وإن كان لا يسكر فهو حلال . وسأل عن الرجل تعرض له حاجة مما لا يدري أن يفعلها أم لا ؟ فيأخذ خاتمين فيكتب في أحدهما ” نعم افعل ” وفي الآخر ” لا تفعل ” فيستخير الله مرارا ثم يرى فيهما فيخرج أحدهما فيعمل بما يخرج، فهل يجوز ذلك أم لا ؟ والعامل به والتارك له، أهو يجوز مثل الاستخارة أم هو سوى ذلك ؟ فأجاب عليه السلام الذي سنه العالم عليه السلام في هذه الاستخارة بالرقاع والصلاة . وسأل عن صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام في أي أوقاتها أفضل أن تصلي فيه وهل فيها قنوت ؟ وإن كان ففي أي ركعة منها ؟ . فأجاب عليه السلام: أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة، ثم في أي الأيام شئت، وأي وقت صليتها من ليل أو نهار، فهو جائز، والقنوت مرتان في الثانية قبل الركوع والرابعة . وسأل عن الرجل ينوي اخراج شئ من ماله، وأن يدفعه إلى رجل من إخوانه، ثم يجد في أقربائه محتاجا أيصرف ذلك عمن نواه له إلى قرابته ؟ فأجاب عليه السلام: يصرفه إلى أدناهما وأقربهما من مذهبه، فان ذهب إلى قول العالم عليه السلام ” لا يقبل الله الصدقة وذو رحم محتاج ” فليقسم بين القرابة، وبين الذي نوى حتى يكون قد أخذ بالفضل كله . وسأل فقال: قد اختلف أصحابنا في مهر المرأة فقال بعضهم: إذا دخل بها سقط المهر، ولا شئ لها، وقال بعضهم: هو لازم في الدنيا والآخرة، فكيف ذلك ؟ وما الذي يجب فيه ؟ فأجاب عليه السلام: إن كان عليه بالمهر كتاب فيه دين، فهو لازم له في الدنيا والآخرة، وإن كان عليه كتاب فيه ذكر الصدقات سقط إذا دخل بها، وإن لم يكن عليه كتاب فإذا دخل بها سقط باقي الصداق. وسأل فقال: روي عن صاحب العسكر عليه السلام أنه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغش بوبر الأرانب، فوقع يجوز وروي عنه أيضا أنه لا يجوز فأي الأمرين نعمل به ؟ . فأجاب عليه السلام: إنما حرم في هذه الأوبار والجلود فأما الأوبار وحدها فحلال وقد سئل بعض العلماء عن معنى قول الصادق عليه السلام لا يصلى في الثعلب ولا في الثوب الذي يليه، فقال: إنما عنى الجلود دون غيره . وسأل فقال: نجد بأصفهان ثياب عنابية على عمل الوشي من قز وأبريسم هل تجوز الصلاة فيها أم لا ؟ فأجاب عليه السلام: لا تجوز الصلاة إلا في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان . وسأل عن المسح على الرجلين بأيهما يبدأ باليمين أو يمسح عليهما جميعا ؟ فأجاب عليه السلام يمسح عليهما جميعا معا فان بدأ بإحداهما قبل الأخرى فلا يبتدئ إلا باليمين . وسأل عن صلاة جعفر في السفر هل يجوز أن تصلى أم لا ؟ فأجاب عليه السلام: يجوز ذلك . وسأل عن تسبيح فاطمة عليها السلام من سها فجاز التكبير أكثر من أربع وثلاثين هل يرجع إلى أربع وثلاثين أو يستأنف ؟ وإذا سبح تمام سبعة وستين هل يرجع إلى ستة وستين أو يستأنف ؟ وما الذي يجب في ذلك ؟ . فأجاب عليه السلام: إذا سها في التكبير حتى تجاوز أربع وثلاثين عاد إلى ثلاث وثلاثين ويبني عليها، وإذا سها في التسبيح فتجاوز سبعا وستين تسبيحة، عاد إلى ست وستين، وبنى عليها، فإذا جاوز التحميد مائة فلا شئ عليه.
الهوامش:
(*) موسوعة توقيعات الإمام المهدي عليه السلام لمحمد تقي أكبر نژاد
(١) الاحتجاج ص ٤٨٧ ج ٢ ذكر طرف مما خرج أيضا عن صاحب الزمان.
بحار الأنوار ١٦٢ ٥٣ باب ٣١_ ما خرج من توقيعاته عليه السلام…
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً