٢_ استفتاءات الحميري عن الحجة عليه السلام (*) (١)
في كتاب آخر لمحمد بن عبد الله الحميري إلى صاحب الزمان عليه السلام من جوابات مسائله التي سأله عنها في سنة سبع وثلاثمائة . سأل عن المحرم يجوز أن يشد المئزر من خلفه إلى عنقه بالطول، ويرفع طرفيه إلى حقويه، ويجمعهما في خاصرته ويعقدهما، ويخرج الطرفين الآخرين من بين رجليه ويرفعهما إلى خاصرته، ويشد طرفيه إلى وركيه، فيكون مثل السراويل يستر ما هناك، فان المئزر الأول كنا نتزر به إذا ركب الرجل جملة يكشف ما هناك وهذا أستر . فأجاب عليه السلام جائز أن يتزر الانسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثا بمقراض ولا أبرة يخرجه به عن حد المئزر، وغرزه غرزا، ولم يعقده ولم يشد بعضه ببعض، إذا غطى سرته وركبتيه كلاهما، فان السنة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرة والركبتين، والأحب إلينا والأفضل لكل أحد شده على السبيل المعروفة للناس جميعا إن شاء الله . وسأل رحمه الله هل يجوز أن يشد عليه مكان العقد تكة ؟ فأجاب عليه السلام لا يجوز شد المئزر بشئ سواه من تكة ولا غيرها . وسأل عن التوجه للصلاة أيقول: ” على ملة إبراهيم، ودين محمد ” ؟ فان بعض أصحابنا ذكر أنه إذا قال على دين محمد ” فقد أبدع، لأنا لم نجده في شئ من كتب الصلاة خلا حديثا في كتاب القاسم بن محمد عن جده الحسن بن راشد أن الصادق عليه السلام قال للحسن: كيف تتوجه ؟ قال: أقول ” لبيك وسعديك ” فقال له الصادق عليه السلام: ليس عن هذا أسألك كيف تقول: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما ؟ قال الحسن: أقوله فقال له الصادق عليه السلام: إذا قلت ذلك فقل ” على ملة إبراهيم، ودين محمد، ومنهاج علي بن أبي طالب والائتمام بآل محمد حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ” . فأجاب عليه السلام التوجه كله ليس بفريضة والسنة المؤكدة فيه التي هي كالاجماع الذي لا خلاف فيه: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما على ملة إبراهيم، ودين محمد، وهدى أمير المؤمنين، وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم اجعلني من المسلمين أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ثم يقرأ الحمد . قال الفقيه الذي لا يشك في علمه: ” الدين لمحمد، والهداية لعلي أمير المؤمنين، لأنها له وفي عقبه باقية إلى يوم القيامة، فمن كان كذلك فهو من المهتدين، ومن شك فلا دين له ” ونعوذ بالله في ذلك من الضلالة بعد الهدى . وسأله عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه أن يرد يديه على وجهه و صدره للحديث الذي روي أن الله عز وجل أجل من أن يرد يدي عبده صفرا بل يملاها من رحمته أم لا يجوز ؟ فان بعض أصحابنا ذكر أنه عمل في الصلاة . فأجاب عليه السلام رد اليدين من القنوت على الرأس والوجه غير جائز في الفرائض والذي عليه العمل فيه إذا رفع يده في قنوت الفريضة، وفرغ من الدعاء أن يرد بطن راحتيه مع صدره تلقاء ركبتيه على تمهل، ويكبر ويركع، والخبر صحيح وهو في نوافل النهار والليل، دون الفرائض، والعمل به فيها أفضل . وسأل عن سجدة الشكر بعد الفريضة، فان بعض أصحابنا ذكر أنها بدعة فهل يجوز أن يسجدها الرجل بعد الفريضة ؟ وإن جاز ففي صلاة المغرب هي بعد الفريضة أو بعد الأربع ركعات النافلة . فأجاب عليه السلام: سجدة الشكر من ألزم السنن وأوجبها، ولم يقل إن هذه السجدة بدعة إلا من أراد أن يحدث في دين الله بدعة، وأما الخبر المروي فيها بعد صلاة المغرب والاختلاف في أنها بعد الثلاث أو بعد الأربع، فان فضل الدعاء والتسبيح بعد الفرائض على الدعاء بعقيب النوافل، كفضل الفرائض على النوافل والسجدة دعاء وتسبيح، والأفضل أن يكون بعد الفرض، فان جعلت بعد النوافل أيضا جاز . وسأل أن لبعض إخواننا ممن نعرفه ضيعة جديدة بجنب ضيعة خراب للسلطان فيها حصة، وأكرته ربما زرعوا حدودها، وتؤذيهم عمال السلطان، ويتعرض في الأكل من غلات ضيعته، وليس لها قيمة لخرابها، وإنما هي بائرة منذ عشرين سنة، وهو يتحرج من شرائها لأنه يقال: إن هذه الحصة من هذه الضيعة، كانت قبضت عن الوقف قديما للسلطان، فان جاز شراؤها من السلطان، وكان ذلك صوابا كان ذلك صلاحا له، وعمارة لضيعته، وإنه يزرع هذه الحصة من القرية البائرة لفضل ماء ضيعته العامرة، وينحسم عنه طمع أولياء السلطان، وإن لم يجز ذلك عمل بما تأمره إن شاء الله . فأجابه عليه السلام الضيعة لا يجوز ابتياعها إلا من مالكها أو بأمره ورضا منه . وسأل عن رجل استحل بامرأة من حجابها، وكان يتحرز من أن يقع ولد فجاءت بابن فتحرج الرجل أن لا يقبله فقبله وهو شاك فيه، ليس يخلطه بنفسه، فإن كان ممن يجب أن يخلطه بنفسه، ويجعله كسائر ولده فعل ذلك، وإن جاز أن يجعل له شيئا من ماله دون حقه فعل . فأجاب عليه السلام الاستحلال بالمرأة يقع على وجوه، والجواب يختلف فيها، فليذكر الوجه الذي وقع الاستحلال به مشروحا ليعرف الجواب فيما يسأل عنه من أمر الولد إن شاء الله . وسأله الدعاء له، فخرج الجواب: جاد الله عليه بما هو أهله إيجابنا لحقه ورعايتنا لأبيه رحمه الله، وقربه منا بما علمناه من جميل نيته، ووقفنا عليه من مخالطته المقربة له من الله التي ترضي الله عز وجل ورسوله وأولياءه عليهم السلام بما بدأنا نسأل الله بمسألته ما أمله من كل خير عاجل وآجل، وأن يصلح له من أمر دينه ودنياه ما يحب صلاحه إنه ولي قدير.
الهوامش:
(*) موسوعة توقيعات الإمام المهدي عليه السلام لمحمد تقي أكبر نژاد
(١) الاحتجاج ص ٤٨٥ ج ٢ ذكر طرف مما خرج أيضاً عن صاحب الزمان.
بحار الأنوار ص ١٥٩ ج ٥٣ باب ٣١_ ما خرج من توقيعاته عليه السلام…
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً