التوقيع الثاني للشيخ السعيد المفيد (*) (١)
وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ آخَرُ مِنْ قِبَلِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَمِيس الثَّالِثِ وَالْعِشْرينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأرْبَعِمِائَةٍ نُسْخَتُهُ:
«مِنْ عَبْدِ اللهِ الْمُرَابِطِ فِي سَبِيلِهِ إِلَى مُلْهَم الْحَقَّ وَدَلِيلِهِ.
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم سَلاَمٌ عَلَيْكَ أيُّهَا النَّاصِرُ لِلْحَقَّ الدَّاعِي إِلَى كَلِمَةِ الصّدْقِ، فَإنَّا نَحْمَدُ اللهَ إِلَيْكَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إِلَهَنَا وَإِلَهَ آبَائِنَا الأوَّلِينَ وَنَسْألُهُ الصَّلاَةَ عَلَى نَبِيَّنَا وَسَيَّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ خَاتَم النَّبِيَّينَ وَعَلَى أهْل بَيْتِهِ الطَّيَّبِينَ الطَّاهِرينَ.
وَبَعْدُ فَقَدْ كُنَّا نَظَرْنَا مُنَاجَاتَكَ عَصَمَك اللهُ بِالسَّبَبِ الَّذِي وَهَبَهُ لَكَ مِنْ أوْلِيَائِهِ وَحَرَسَكَ مِنْ كَيْدِ أعْدَائِهِ، وَشَفَّعَنَا ذَلِكَ الآنَ مِنْ مُسْتَقَرًّ لَنَا، يُنْصَبُ فِي شمْرَاخ مِنْ بَهْمَاءَ (بُهْمَى) صِرْنَا إِلَيْهِ آنِفاً مِنْ غَمَالِيلَ ألْجَأ إِلَيْهِ السَّبَاريتُ مِنَ الإيمَان، وَيُوشكُ أنْ يَكُونَ هُبُوطُنَا مِنْهُ إِلَى صَحْصَح مِنْ غَيْر بُعْدٍ مِنَ الدَّهْر، وَلاَ تَطَاوُلٍ مِنَ الزَّمَان، وَيَأتِيكَ نَبَأ مِنَّا بِمَا يَتَجَدَّدُ لَنَا مِنْ حَالٍ، فَتَعْرفُ بِذَلِكَ مَا تَعْتَمِدُهُ مِنَ الزُّلْفَةِ إِلَيْنَا بِالأعْمَال وَاللهُ مُوَفّقُكَ لِذَلِكَ بِرَحْمَتِهِ.
فَلْتَكُنْ حَرَسَكَ اللهُ بِعَيْنهِ الَّتِي لاَ تَنَامُ أنْ تُقَابِلَ بِذَلِكَ، فَفِيهِ تُبْسَلُ نُفُوسُ قَوْم حَرَثَتْ بَاطِلاً لاسْتِرْهَابِ الْمُبْطِلِينَ وَتَبْتَهِجُ لِدَمَارهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَيَحْزَنُ لِذَلِكَ الْمُجْرمُونَ.
وَآيَةُ حَرَكَتِنَا مِنْ هَذِهِ اللُّوثَةِ حَادِثَةٌ بِالْحَرَم الْمُعَظَّم، مِنْ رجْس مُنَافِقٍ مُذَمَّم، مُسْتَحِلّ لِلدَّم الْمُحَرَّم، يَعْمِدُ بِكَيْدِهِ أهْلَ الإيمَان، وَلاَ يَبْلُغُ بِذَلِكَ غَرَضَهُ مِنَ الظُّلْم لَهُمْ وَالْعُدْوَان، لأنَّنَا مِنْ وَرَاءِ حِفْظِهِمْ بِالدُّعَاءِ الَّذِي لاَ يُحْجَبُ عَنْ مَلِكِ الأرْض وَالسَّمَاءِ، فَلْيَطْمَئِنَّ بِذَلِكَ مِنْ أوْلِيَائِنَا الْقُلُوبُ وَلِيَثِقُوا بِالْكِفَايَةِ مِنْهُ، وَإِنْ رَاعَتْهُمْ بِهِمُ الْخُطُوبُ، وَالْعَاقِبَةُ لِجَمِيل صُنْع اللهِ سُبْحَانَهُ تَكُونُ حَمِيدَةً لَهُمْ، مَا اجْتَنَبُوا الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مِنَ الذُّنُوبِ.
وَنَحْنُ نَعْهَدُ إِلَيْكَ أيُّهَا الْوَلِيُّ الْمُخْلِصُ الْمُجَاهِدُ فِينَا الظَّالِمِينَ، أيَّدَكَ اللهُ بِنَصْرهِ الَّذِي أيَّدَ بِهِ السَّلَفَ مِنْ أوْلِيَائِنَا الصَّالِحِينَ، أنَّهُ مَن اتَّقَى رَبَّهُ مِنْ إِخْوَانِكَ فِي الدَّين وَخَرَجَ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مُسْتَحِقُّهُ كَانَ آمِناً مِنَ الْفِتْنَةِ الْمُظِلَّةِ، وَمِحَنِهَا الْمُظْلِمَةِ الْمُضِلَّةِ، وَمَنْ بَخِلَ مِنْهُمْ بِمَا أعَارَهُ اللهُ مِنْ نِعْمَتِهِ، عَلَى مَنْ أمَرَهُ بِصِلَتِهِ، فَإنَّهُ يَكُونُ خَاسِراً بِذَلِكَ لاولاَهُ وَآخِرَتِهِ، وَلَوْ أنَّ أشْيَاعَنَا وَفَّقَهُمُ اللهُ لِطَاعَتِهِ، عَلَى اجْتِمَاع مِنَ الْقُلُوبِ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ عَلَيْهِمْ، لَمَا تَأخَّرَ عَنْهُمُ الْيُمْنُ بِلِقَائِنَا، وَلَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ، السَّعَادَةُ بِمُشَاهَدَتِنَا، عَلَى حَقَّ الْمَعْرفَةِ وَصِدْقِهَا مِنْهُمْ بِنَا، فَمَا يَحْبِسُنَا عَنْهُمْ إِلاَّ مَا يَتَّصِلُ بِنَا مِمَّا نَكْرَهُهُ، وَلاَ نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ، وَاللهُ الْمُسْتَعانُ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيَّدِنَا الْبَشير النَّذِير، مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ».
الهوامش:
(*) موسوعة توقيعات الإمام المهدي عليه السلام لمحمد تقي أكبر نژاد
(١) الاحتجاج ج ٢ ص ٤٩٨ ذكر طرف مما خرج أيضاً عن صاحب الزمان.
بحار الأنوار ج ٥٣ ص ١٧٦ باب ٣١_ ما خرج من توقيعاته عليه السلام….
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً