إنا غير مهملين لمراعاتكم
جاء في بحار الأنوار/ المجلد الثالث عشر/ ص ١٧٤: ذكر كتاب ورد من الناحية المقدسة حرسها الله ورعاها في أيام بقيت من صفر سنة عشر وأربعمائة على الشيخ ابي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدس سره، ذكر موصله أنه تحملّه من ناحية متصلة بالحجاز نسخته:
(للأخ السديد، والولي الرشيد، الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله إعزازه من مستودع العهد المأخوذ على العباد:
بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد: سلام عليك أيها المولى المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا نبيّنا محمد وآله الطاهرين، ونعلمك ـ أدام الله توفيقك لنصرة الحق وأجزل مثوبتك على نطقك عنّا بالصدق ـ أنّه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة وتكليــفـك مـا تؤدّيه عــنّا الى موالينا قبلك، أعزهم الله بطاعته وكفاهم المهمّ برعايته لهم وحراسته.فقف ـ أمدّك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه ـ على ما نذكره، واعمل في تأديته إلى مَن تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله، نحن وإن كنّا ثاوين بمكاننا النّائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح، ولشيعتنا المؤمنين في ذلك، ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنّا نحيط علما بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالزلل الذي أصابكم، مذجنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ منهم وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون.
إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولو لا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتّقوا الله جلّ جلاله، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها من حمَّ أجله، ويحمى عليه من أدرك أمله، وهي أمارة لأزوف حركتنا ومباثّتكم بأمرنا ونهينا، والله متمُّ نوره ولو كره المشركون.
اعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية، يحششها عصب أمويّة تهول بها فرقة مهديّة، أنا زعيم بنجاة من لم يرم منها في المواطن الخفية، وسلك في الطعن منها السبل الرضية، إذا حلّ جمادى الأولى من سنتكم هذه، فاعتبروا بما يحدث فيه، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون من الذي يليه، ستظهر لكم من السماء آية جليّة، ومن الأرض مثلها بالسويّة، ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق، ويغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مرّاق، يضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق.
ثمّ تتفرّج الغمّة من بعده، ببوار طاغوت من الأشرار، يسرّ بهلاكه المتّقون الأخيار، ويتّفق لمريدي الحج من الآفاق، ما يأملونه على توفير غلبة منهم واتّفاق، ولنا في تيسير حجّهم على الاختيار منهم والوفاق، شأن يظهر على نظام واتّساق. فليعمل كلّ امرئ منكم ما يقرب به من محبّتنا وليتجنّب ما يدنيه من كراهيتنا، وسخطنا، فإنّ امرءاً يبغته فجأة حين لا تنفعه توبة، ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة، والله يلهمك الرشد، ويلطف لكم بالتوفيق برحمته.
نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام:
هذا كتابنا إليك أيّها الأخ الوليّ، والمخلص في ودِّنا الصفيّ، والناصر لنا الوفيّ، حرسك الله بعينه التي لا تنام، فاحتفظ به ولا تظهر على خطّنا الذي سطرناه بماله ضمنّاه أحداً، وأدِّ ما فيه إلى من تسكن إليه، وأوص جماعتهم بالعمل عليه إن شاء الله، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً