للإمام الكاظم ( عليه السلام ) مناظرات واحتجاجات هامّة وبليغة مع خصومه المناوئين له ، كما جرت له مناظرات أخرى مع علماء النصارى واليهود ، وقد برع فيها جميعها وأفلج الجميع بما أقامه من الأدلّة الدامغة على صحّة ما يقول ، وبطلان ما ذهبوا إليه ، وقد اعترفوا كلّهم بالعجز والفشل معجبين بغزارة علم الإمام ، وتفوّقه عليهم ، منها :
مناظرته(عليه السلام) مع راهب نصراني:
كان في الشام راهب معروف تقدّسه النصارى وتعظّمه ، وتسمع منه ، وكان يخرج لهم في كل يوم يوماً يعظهم ، التقى به الإمام الكاظم ( عليه السلام ) في ذلك اليوم الذي يعظ به ، وقد طافت به الرهبان ، فلمّا استقر المجلس بالإمام التفت إليه الراهب قائلاً : يا هذا ، أنت غريب ؟ قال ( عليه السلام ) : ( نعم ) .
فقال : منّا أو علينا ؟ قال ( عليه السلام ) : ( لست منكم ) .
فقال : أنت من الأمّة المرحومة ؟ قال ( عليه السلام ) : ( نعم ) .
فقال : أمن علمائها أمن جهّالها ؟ قال ( عليه السلام ) : ( لست من جهّالها ) .
فاضطرب الراهب ، وتقدّم إلى الإمام ( عليه السلام ) يسأله عن أعقد المسائل عنده ، قائلاً : كيف طوبى أصلها في دار عيسى عندنا ، وعندكم في دار محمّد ، وأغصانها في كل دار ؟ قال ( عليه السلام ) : ( إنّها كالشمس يصل ضوؤها إلى كل مكان وموضع ، وهي في السماء ) .
قال الراهب : إنّ الجنّة كيف لا ينفذ طعامها وإن أكلوا منه ؟ وكيف لا ينقص شيء منه ؟ قال ( عليه السلام ) : ( أنّه كالسراج في الدنيا ، ولا ينقص منه شيء ) .
قال الراهب : إنّ في الجنّة ظلاً ممدوداً ، ما هو ؟ قال ( عليه السلام ) : ( الوقت الذي قبل طلوع الشمس ، هو الظل الممدود ) ، ثمّ تلا قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً).
قال الراهب : إنّ أهل الجنّة يأكلون ويشربون ، كيف لا يكون لهم غائط ولا بول ؟ قال ( عليه السلام ) : ( إنّهم كالجنين في بطن أمّه ) .
قال الراهب : إنّ لأهل الجنّة خدماً يأتونهم بما أرادوا بلا أمر ؟ قال ( عليه السلام ) : ( إنّ الإنسان إذا احتاج إلى شيء عرفت أعضاؤه ذلك ، فتعرفه الخدم فيحقّقون مراده من غير أمر ) .
قال الراهب : مفاتيح الجنّة من ذهب أو فضة ؟ قال ( عليه السلام ) : ( مفاتيح الجنّة قول العبد : لا اله إلاّ الله ) ، قال الراهب : صدقت ، ثمّ أسلم هو وقومه .
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً