قال ( عليه السلام ) : ( الحمد لله العزيز الجبّار ، الواحد القهّار ، الكبير المتعال ، سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ، أحمده على حسن البلاء ، وتظاهر النعماء ، وعلى ما أحببنا ، وكرهنا من شدّة ورخاء ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، أمتن علينا بنبوّته ، واختصّه برسالته ، وأنزل عليه وحيه ، واصطفاه على جميع خلقه ، وأرسله إلى الإنس والجن حين عبدت الأوثان ، وأطيع الشيطان ، وجحد الرحمان ، فصلّى الله عليه وآله ، وجزاه أفضل ما جزى المرسلين .
أمّا بعد : فإنّي لا أقول لكم إلاّ ما تعرفون : إنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أرشد الله أمره ، وأعزّه ونصره ، بعثني إليكم يدعوكم إلى الصواب ، والعمل بالكتاب ، والجهاد في سبيل الله ، وإن كان في عاجل ذلك ما تكرهون ، فإن في آجله ما تحبّون إن شاء الله .
ولقد علمتم أنّ علياً صلّى مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وحده ، وإنّه يوم صدّق به لفي عاشرة من سنّه ، ثمّ شهد مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جميع مشاهده ، وكان من اجتهاده في مرضاة الله وطاعة رسوله ، وآثاره الحسنة في الإسلام ما قد بلغكم .
ولم يزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) راضياً عنه حتّى غمّضه بيده ، وغسّله وحده ، والملائكة أعوانه ، والفضل ابن عمّه ينقل إليه الماء ، ثمّ أدخله حفرته ، وأوصاه بقضاء دينه ، وعداته ، وغير ذلك من أموره ، كل ذلك مَن الله عليه ، ثمّ والله ما دعا إلى نفسه ، ولقد تداكّ الناس عليه تداكّ الإبل الهيم عند ورودها ، فبايعوه طائعين .
ثمّ نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه ، ولا خلاف أتاه ، حسداً له وبغياً عليه ، فعليكم عباد الله بتقوى الله وطاعته ، والجد والصبر ، والاستعانة بالله ، والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين ، عصمنا الله وإيّاكم بما عصم به أولياءه وأهل طاعته ، وألهمنا وإيّاكم تقواه ، وأعاننا وإيّاكم على جهاد أعدائه ؛ واستغفر الله العظيم لي ولكم ) .
اترك تعليقاً