السؤال:
في أحد القروبات طرح أحد من يسمون بالحداثيين شبهة يقول فيها: إن النبي (صلى الله عليه وآله) أرسل إلى قوم مخصوصين، وهم العرب فغير العرب غير معني برسالته، والدليل على ذلك الآية المباركة من سورة إبراهيم:
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوالْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة إبراهيم: 4]
ثم قال هذا الحداثي: إن القران كذلك ليس حجة على غير العربي بدليل… قوله تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) [سورة النحل: 103] فقال لن يكون مبيناً مع من لا يتكلم العربية إذن تسقط حجيته، إذن رسالة الإسلام ليس لكل البشر، ثم قال بعد ذلك: وأنت العربي المولود في هذا العصر لا تعرف لغة العرب جيدا التي نزل بها فما بالك بالغير.
الجواب:
فقد اشتمل كلام هذا القائل على شبهتين أساسيتين:
الشبهة الأولى: ومفادها أن رسالة النبي (صلى الله عليه وآله) خاصة بالعرب بدلالة قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوالْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
وخلاصة الرد عليها:
أولا: كيف يستدل هذا القائل بقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوالْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) على أن الشريعة خاصة بالعرب، مع انه يقول بعدم حجية القرآن في زماننا هذا ، لأنه الحجية ما كان بين والقرآن ليس بيناً لأنه بحسب تعبيره ( لن يكون مبينا مع من لا يتكلم العربية إذن تسقط حجيته، إذن رسالة الإسلام ليس لكل البشر…. وأنت العربي المولود في هذا العصر لا تعرف لغة العرب جيدا التي نزل بها فما بالك بالغير.)، فإذا كان باعترافه لا يفهم القرآن جيداً فكيف فهم هذه الآية واستدل بها على دعواه ! إن هذا من اغرب التناقض !
وثانيا: قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوالْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة إبراهيم: 4]
لا يدل على أن الله لا يبعث النبي إلا إلى قومه فقط، وإنما يدل على انه لا يبعث إلا بلسان قومه، فكم فرق بين أن يقول تعالى: ( إلا بلسان قومه ) وبين أن يقول (إلا لقومه ).
نعم بين تبارك وتعالى علة بعثة النبي بلسان قومه، وهي أن يبين لقومه ، وهذا التعليل ليس تعليلا لأصل رسالته لكي يقال رسالته خاصة، وإنما هوتعليل لجعل الرسالة بلسان القوم، وهذا الفرق يدركه الفطن الملتفت إلى كيفية التعبيرات والمحاورات العرفية.
وبعبارة ثانية: تارة تقول الآية الكريمة، وما أرسلنا من رسول إلا إلى قومه ليبين لهم، وهنا يفهم أن دعوته خاصة، وأخرى تقول الآية ما أرسلنا الرسول إلا بلسان قومه ليبين لهم، وهنا يفهم أن علة تخصيصه بلغة قومه أن يبين لهم، ولا يفهم أن رسالته خاصة بهم وليست شاملة لغيرهم.
وثالثا: لوسلمنا أن هذه الآية تدل على أن كل نبي يبعث لقومه، فهل هذا ينهي البحث بهذه البساطة والسذاجة، ويوصلنا إلى النتيجة التي يريدها هذا القائل!
اعتقد أن هنالك أمور لابد وان يلتفت إليها هذا القائل، إذا أراد الظفر بنتيجة علمية تستند إلى ركن شديد، ونحن سوف نوظف هذه الأمور في الجواب التالي، وقبل بيانه أذكر مقدمة حاصلها:
أن دلالة العام على شمول الحكم لكل فرد دلالة ظنية تقبل التقييد عرفاً، فلوقال المولى (أكرم العلماء) فإن دلالة خطابه هذا على إرادة كل فرد من أفراد العام بما فيهم العلماء الفساق دلالة ظنية، لهذا كان العام عند العرف قابلا للتقييد، فلوقال المولى بعد ذلك لا تكرم العلماء الفساق، لم يرى العرف المتكلم متناقضاً ولم يبقى متحيراً في فهم مراده، وإنما سيحمل العام على الخاص، وينتهي بنتيجة أن مراد المولى وجوب أكرام خصوص العلماء العدول.
ومن ذلك أيضاً قول الأب لولده: (لا تكرم إلا جيراني) ، فإن العرف يفهم منه النهي عن أكرام غير الجيران على نحوالشمول، فلوقال بعد ذلك: ( أكرم فلانا غير الجار) فهم استثناء هذا الشخص وجواز إكرامه، ولا يقبل العرف من الولد عدم الإكرام في مورد الخاص، والاعتذار بالنهي الأول في العام ، بل يقال للولد الخاص بيان للمراد من العام وهومقدم عليه، وسيرة العقلاء في مقام التحاور قائمة على ذلك.
إذا أتضح ذلك أقول: الآية الكريمة [سورة إبراهيم: 4] دليل عام أومطلق والعام أوالمطلق دلالتهما ظنية تقبل التقييد، فلوسلمنا أنها تدل على أن كل نبي لا يبعث إلا إلى قومه خاصة لقلنا بأن هذا الشمول مقيد أدلة قطعية متعددة كثيرة تدل على عمومة شريعة بعض الأنبياء وشمولها لغير أقوامهم، وفي مقدمة هؤلاء النبي الخاتم صلى الله عليه وآله، من هذه الأدلة:
الدليل الأول: آيات القرآن الكريم. منها:
1ـ قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)(الفرقان:1).
2ـ قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ)(سبأ:28).
3ـ قوله تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)(الأنعام:19)، فإنها تدل على حجية الكتاب على كل من بلغه وإن لم يكن عربياً.
4ـ ( إِنْ هُوإِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ).
5ـ ( وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوإِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ * لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ).
6ـ ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ).
7ـ ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوفِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ).
8ـ ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُومُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا).
9ـ ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ* وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَٰهَ إِلاَّ هُوسُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ *يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوكَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوالَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَىٰ وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوكَرِهَ المُشْرِكُونَ ).
ومن ذلك الآيات التي تثبت الحكم الشرعي لعموم الناس كآية الحج وجعل المسجد الحرام للناس، وتحريم شراء لهوالحديث، وعمومة هداية القرآن وضرب الأمثال وإخراج الناس من الظلمات، وغيرها الكثير الكثير.
الدليل الثاني: الروايات الشريفة منها:
1ـ قال (صلىاللهعليهوآلهوسلم )في خطاب على أعمامه وأخواله في داره:
« والله الذي لا إله إلاّ هو، أنّي رسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس عامة والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وأنّها الجنّة أبداً، والنار أبداً »
2ـ ما في كامل الزيارات: أبي وجماعة مشايخي، عن سعد، عن الحسن بن علي الزيتوني وغيره، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن أبي بصيرعن أبي عبد الله عليه السلام والحسن بن محبوب، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين قالا: من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي فليزر قبر أبي عبد الله عليه السلام الحسين بن علي عليهما السلام في النصف من شعبان، فان أرواح النبيين عليهم السلام يستأذنون الله في زيارته فيؤذن لهم، منهم خمسة أولوالعزم من الرسل، قلنا: منهم؟
قال: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم.
قلنا له: ما معنى أولوا العزم؟ قال: بعثوا إلى شرق الأرض وغربها جنها وإنسها.
3ـ ما في البحار أن رجلاً سأل أبا عبد الله (عليه السلام) وقال: “ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلاّ غضاضة؟” فقال (عليه السلام): “إن الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان، ولناس دون ناس، فهوفي كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة.
4ـ ما في الكافي: عن سماعة بن مهران قال قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: “كيف صاروا أولي العزم؟ قال:لأن نوحاً بعث بكتاب وشريعة، وكل من جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه، حتى جاء إبراهيم عليه السلام بالصحف وبعزيمة ترك كتاب نوح لا كفرا به، فكل نبي جاء بعد إبراهيم عليه السلام أخذ بشريعة إبراهيم ومنهاجه وبالصحف حتى جاء موسى بالتوراة وشريعته ومنهاجه، وبعزيمة ترك الصحف وكل نبي جاء بعد موسى عليه السلام أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه حتى جاء المسيح عليه السلام بالإنجيل، وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنهاجه فكل نبي جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه، حتى جاء محمدا فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فهؤلاء أولوالعزم من الرسل عليهم السلام.
ومن الروايات المتواترة الكثيرة ما نقل في جميع مصادر ترجمة النبي (صلى الله عليه وآله) المعتبرة عند المؤرخين من بعثه السفراء إلى قيصر الروم وكسرى الفرس وعظم القبط وملك الحبشة ومن ذلك:
1ـ قوله (صلى الله عليه وآله ) لكسرى ملك فارس:
« بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس: سلام على من اتبع الهدى… أدعوك بدعاية الله فإنّي أنا رسول الله إلى الناس كافة، لاُنذر من كان حيّاً، ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس ».
ـ قوله (صلى الله عليه وآله ) لقيصر ملك الروم.
« بسم الله الرحمن الرحيم، إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أمّا بعد فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرّتين فإن تولّيت فإنّما عليك إثم الاريسيين »
يقول السير توماس ارنولد: ( انّ هذه الكتب قد بدت في نظر من اُرسلت إليهم ضرباً من الخرق، فقد برهنت الأيام على أنّها لم تكن صادرة عن حماسة جوفاء وتدل هذه الكتب دلالة أكثر وضوحاً وأشد صراحة على ما تردد ذكره في القرآن من مطالبة الناس جميعاً بقبول الإسلام (
الدليل الثالث: الضرورة الدينية، فإن المسلمون متفقون بجميع طوائفهم على عموم دعوة النبي (صلى الله عليه وآله)، ويعرف القول بالعمومية عنهم عند كل من عده أدنى إطلاع عن دينهم، وهذه الضرورة من الأدلة القطعية على ثبوت عمومية الرسالة بحساب الاحتمال الرياضي على ما بين السيد الشهيد الصدر (رحمه الله).
وهنا أنقل عبارتين فيها دلالة على اتفاق جميع الطوائف الإسلامية أحداهما لعالم من علمائنا، والأخرى لرجل من المخالفين:
1ـ قال المقدس جمال الدين السيوري الحلي (رحمه الله) في كتاب اللوامع الإلهية ص 293: البحث الثاني: في أنه مبعوث إلى كافة الخلق، ودليل ذلك إخباره (صلى الله عليه وآله) بذلك المعلوم تواتره مع ثبوت نبوته….. وخالف في ذلك بعض النصارى حيث زعموا أنه مبعوث إلى العرب خاصة ). إن اقتصاره على ذكر بعض النصارى دليل عدم وجود خلاف بين المسلمين والا لذكر المخالف منهم.
2ـ قال ابن تيمية في ج19 من مجموع الفتاوى: (يجب على الإنسان أن يعلم أن الله عز وجل أرسل محمدا إلي جميع الثقلين: الإنس والجن، وأوجب عليهم الإيمان به وبما جاء به وطاعته، وأن يحللوا ما حلَّل الله ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله، وأن يوجبوا ما أوجبه الله ورسوله، ويحبوا ما أحبه الله ورسوله، ويكرهوا ما كرهه الله ورسوله، وأن كل من قامت عليه الحجة برسالة محمد من الإنس والجن فلم يؤمن به؛ استحق عقاب الله تعالى كما يستحقه أمثاله من الكافرين الذين بعث إليهم الرسول.
وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، وسائر طوائف المسلمين: أهل السنة والجماعة، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن ولا في أن الله أرسل محمدا إليهم).
الشبهة الثانية: هي أن القرآن لما كان عربياً، ولا يفهم العربية التي نزل بها القرآن إلا العرب الذين كانوا يعيشون في زمن النزول، فلا يكون حجة إلا عليهم.
وتدفع هذه الشبهة: بأن قواعد اللغة العربية وتحديد معاني مفرداتها وموارد استعمالها محفوظة لنا، ويمكن من خلال دراستها دراسة وافية تحديد ظهور كثير من آيات القرآن الكريم بعد الاستعانة بقواعد التفسير ومقدماته، فلا موجب لرفع اليد عن حجية مثل هذا الظهور ما دام موضوعياً بالنسبة إلى زمن النزول.
وأما العربي غير المتخصص أوالأعجمي، إنه يكفي في حجية القرآن في حقه أن يكون مفهوماً ولومع الواسطة، إما واسطة تفهيم الخبير، وهذا في العربي غير القادر على تحديد الظهور، أوواسطة الترجمة، وهذا بالنسبة إلى غير العربي.
وقد أجاد المقداد السيوري (قده) لما قال: ( ولا يرد كونه عربيا… لإمكان الترجمة فيحصل الفهم) اللوامع ص 294.
فكأن المستشكل يتصور أن الكلام لا يكون حجة إلا إذا فهم بنفسه من دون واسطة، وليس الأمر كذلك، لأنه على الله تعالى البلاغ المبين، وعلى العبد بمقتضى عبوديته التسليم والطاعة للعالم المطلق والحكيم التام، والبلاغ يتحقق بواسطة أخبار الخبير الذي قام الدليل القطعي على حجية قوله، وبواسطة الترجمة.
موقع زاد المعاد
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً