والجواب من وجهين: نقضاً وحلاً:
أمّا النقض: فقد دلّ الذكر الحكيم على أنّ النبي نوحاً(عليه السلام) عاش قرابة ألف سنة، فقال جلّ وعلا: (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً)(۱).
وقد تضمّنت التوراة أسماء جماعة كثيرة من المعمّرين، وذكرت أحوالهم في سِفْر التكوين.
وقد قام المسلمون بتأليف كتب حول المعمّرين، ككتاب (المعمّرين) لأبي حاتم السجستاني.
كما ذكر الشيخ الصدوق أسماء عدّة منهم في كتابه (كمال الدين)، والعلّامة الكراجكي في رسالته الخاصّة باسم (البرهان على صحّة طول عمر الإمام صاحب الزمان)، والعلّامة المجلسي في (بحار الأنوار)، وغيرهم.
وأمّا الحل: فإنّ السؤال عن إمكان طول العمر يُعرب عن عدم معرفة مدى قدرة الله سبحانه: (وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ)(۲).
فإنّه إذا كانت حياته وغيبته(عليه السلام)، وسائر شؤونه برعاية الله عزّ وجل، فأيّ مشكلة في أن يمدّ الله تعالى في عمره ما شاء، ويدفع عنه عوادي المرض، ويرزقه عيش الهناء؟.
وبعبارة أُخرى: إنّ الحياة الطويلة إمّا ممكنة في حدّ ذاتها أو ممتنعة، والثاني لم يقل به أحد، فتعيّن الأوّل، فلا مانع من أن يقوم سبحانه بمدّ عمر وليّه؛ لتحقيق غرض من أغراض التشريع.
أضف إلى ذلك ما ثبت في علم الحياة من إمكان طول عمر الإنسان إذا كان مراعياً لقواعد حفظ الصحّة، وإنّ موت الإنسان في فترة متدنّية ليس لقصور الاقتضاء، بل لعوارض تمنع استمرار الحياة، ولو أمكن تحصين الإنسان بالأدوية والمعالجات الخاصّة لطال عمره.
وهناك كلمات ضافية من مهرة علم الطب في إمكان إطالة العمر، وتمديد حياة البشر، نُشرت في الكتب والمجلّات العلمية المختلفة.
وبالجملة، فقد اتّفقت كلمة الأطباء على أنّ رعاية أُصول حفظ الصحّة تُوجب طول العمر، فكلّما كثرت العناية برعاية تلك الأُصول طال العمر.
ولهذا أُسّست شركات تضمن حياة الإنسان إلى أمدٍ معلوم، تحت مقرّرات خاصّة وحدود معيّنة، جارية على قوانين حفظ الصحّة.
فلو فُرض في حياة شخص اجتماع موجبات الصحّة من كلّ وجه طال عمره إلى ما شاء الله عزّ وجل.
وإذا قرأت ما تدوّنه أقلام الأطباء في هذا المجال يتّضح لك معنى قوله جلّ وعلا: (فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ المُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(۳).
فإذا كان عيش الإنسان في بطون الحيتان في أعماق المحيطات ممكناً إلى يوم البعث، فكيف لا يعيش إنسان على اليابسة في أجواء الطبيعة تحت رعاية الله وعنايته إلى ما شاء سبحانه؟!!.
———————————————————
۱- العنكبوت: ۱۴٫
۲- الأنعام: ۹۱٫
۳- الصافات: ۱۴۳- ۱۴۴٫
مركز آل البيت العالمي للمعلومات
اترك تعليقاً