بسم الله الرحمن الرحيم
إنا لله وإنا إليه راجعون
فوجئت بنبأ رحيل آية الله شيخنا الغالي فياله من نبأ مؤلم، كيف والعالم إذا مات (ثلم في الدين ثلمة لا يسدها إلا عالم مثله)، لكنما الأمر لله سبحانه، تغمد الله فقيدنا بواسع رحمته وأسكنه الفسيح من جنته وألحقه بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين.
فإليك يا صاحب العصر نرفع أحر التعازي ثم لأهل العلم والفضل سائلين المولى الجليل أن يلهمنا جميعاً الصبر والسلوان خصوصاً أبناءه الأعزاء وذويه.
وحقيقة فقدت الأحساء علماً من أعلامها الذين قلما يجود بهم الزمان، فقد كان (قدس سره الشريف) رجلاً محتاطاً في دينه صبوراً حليماً محباً للمؤمنين يسمع كثيراً من الأذى والإهانات توجه إليه فيتحمل ذلك ويعفو.
تولى منصب القضاء قرابة اثني عشر عاماً ومن أبرز شؤون القاضي حسم القضايا حسب رأيه فكان (رحمه الله) يحاول الفرار من ذلك ويلجأ إلى الصلح ما أستطاع إليه سبيلاً لا تؤثر فيه العواطف والميولات وكان من حبه للمؤمنين خصوصاً طلبة العلم ـ وفقهم الله تعالى ـ محاولة حملهم على التأدب في كتاباتهم وألفاظهم حذراً من أن يوصموا بعدم المعرفة من جهات أخرى ومع هذا حُمل على التعصب وخلافاً للآداب الإسلامية والقوانين الإلهية من لزوم حمل المسلم على الصحة خصوصاً أهل العلم الأمناء على دين الله فقد سن الله سبحانه قوانيناً أراد بها عصمة المسلمين من التفرق والتمزق وفي رعايتها سعادة المسلمين ومنها حمل المسلم على الصحة كما ذكر، ومنعه من سوء الظن ومنعه من القول بغير علم فقد كان فقيدنا (قدس سره) من حيطته لدينه أن جعل الطلاق بتحويل من القاضي حذراً من وقوع الطلاق الثلاث في طهر حيث أنه محل خلاف عند الفقهاء وليس إنكاراً لفتوى من يرجع إليه من يصدر منه مثل هذه القضية أو ازدراءً بها بل حيطةً منه حيث يُطلب منه التصديق على ذلك وهو محل اختلاف. ومع ذلك حمل على المحمل السيء فقيل إنه يريد أن يستقل بهذا، ومن باب الاستطراد إن من الأمور المختلف فيها قضية الوقف بشرط الانتفاع به في حياته ومن الصعب أن يخّرج به صك لا إبطالاً لوقفية من أوقف ذلك وهو راجع لمن يرى صحة ذلك بل حذراً من أن يكون الصكُ حاجزاً للورثة إذا اختلفت مرجعيتهم ولم يجيزوا ذلك. فليس هذا من قبيل الترافع فيحسم القاضي القضية وتعتبر منتهية بل إن ذلك فقط شهادة بصدور الوقفية من الواقف وفي هذا تعظيم للعلم والعلماء فالذي يفعل مثل هذا عليه أن يُشهد على نفسه كما أن على الأخوة وأهل العلم والفضل مراعاة هذا الجانب وإرشاده إلى المحكمة ومن تلك الأمور التي ارتأينا أن في رعايتها حفاظاً على كرامة إخواننا من أهل العلم هو مراجعة المحكمة في العقد على المتوفى أبوها حيث أن بعض المأذونين ـ وفقهم الله ـ أحيانا يراعي الحكم الشرعي فقط فلا يراجع كبار ذوي المرأة بحجة أنهم غير أولياء شرعاً وفي ذلك مضافاً إلى حاجته إلى اثبات رشدها وذلك لا يكون إلا عن طريق أهلها وأقاربها أن ذلك مدعاةٌ للنزاع فقد لا تطيب نفوس ذوي المرأة من أعمامها وإخوانها مثلاً للشخص المتقدم حيث أنه قد يحصل العقد من قبل أمها فقط أو بعض الأخوة صغار السن كما حدث ذلك في أكثر من حالة وقد تقدم ذوي المرأة بطلب إنهاء العقد والمطالبة بسجن العاقد وكان جزّاء ذلك ما قوبلنا به من الإساءة والأذى نسأل الله العفو والعافية.
فنحن لا نريد التطاول على أحد أو فرض إرادتنا ولكن يشهد الله أننا أردنا الحيطة في ذلك والحفاظ على إخواننا وفقهم الله. لكنهم أبو إلا أن يحملونا على محامل السوء سامحهم الله مع ما في ذلك من نظم للأمور وقد روي عن أمير المؤمنين (الله الله في نظم أموركم).
وفي الختام أسأل الله أن يتغمد الراحل بواسع رحمته وأن يختم لنا جميعاً بخير.
استودعكم الله الذي لا ترد ودائعه والحمد لله رب العالمين والفاتحة إلى روحه الطاهرة قبلها صلاة على محمد وآله الطاهرين.
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً