تقرير دروس سماحة الشيخ حيدر السندي (حفظه الله) للدورة التخصصية في علم الكلام والفلسفة
تقرير مجموعة من الطلاب
أهتم الباحثون من قديم الزمان بمعرفة النفس ، وقد خصص لها علماء الطبيعة المتقدمون أبحاثاً مستقلة عند الحديث عن مبدأ حركة الأجسام حيث ذهب جملة منهم إلى ان النفس هي المبدأ القريب ، ثم تناولها الفلاسفة تفصيلاً فيما يسمى بـ(علم النفس الفلسفي).
والكلام في معرفة النفس سوف يكون في جهات :
الجهة الأولى : في إمكانية معرفة النفس.
الكلام عن أهمية معرفة النفس وفوائدها فرع إمكانية هذه المعرفة ، إذا الغرض من بيان الفوائد الحث على تحصيل ما فيه الفائدة ، وإنما يحسن الحث على معرفة النفس فيما إذا كانت معرفة النفس ممكنة .
و قد ادعى بعض الباحثين عدم إمكانية معرفة النفس، واستدل على مدعاه بدليلين:
الدليل الأول:
قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}الإسراء :٨٥).
ووجه دلالتها: أنه لما سئل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) عن الروح أمره الله تبارك وتعالى أن يقول في مقام الجواب: {الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} ومعنى ذلك أنها شأن من شؤون الله تعالى الخاصة التي لا يمكن الإطلاع عليها {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.
وهذا الاستدلال غير تام ، ويمكن أن يسجل عليه إشكالين :
الإشكال الأول: أن قوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} لا يدل على ما فهمه المستدل من عدم إمكان معرفة النفس فغاية ما في هذه الجملة إخبار عن أن الروح من أمر الله تبارك وتعالى.
والمقصود بـ {مِنْ أَمْرِ رَبِّي} إما أنها شأناً من شؤون الله تبارك وتعالى وليست شأناً من شؤونكم.
أو أنها من عالم الأمر ـ كما يقول بعض الفلاسفة ـ وليست من عالم الخلق أي من عالم الملكوت المقابل عالم الملك، ومن الواضح أنه لا منافاة بين كون الروح من شؤون الله تبارك وتعالى أومن عالم الملكوت و مجردة وبين نفي إمكان معرفتها .
الإشكال الثاني: لو سلمنا بأن الآية تدل على عدم إمكان معرفة الروح ، لكن هذا لا يعني عدم إمكان معرفة النفس إذِ المستدل لم يبين لنا المقصود بـ ( الروح ) في هذه الآية المباركة، فهل معناها النفس الإنسانية وما يبحث في علم النفس الفلسفي أو معنى آخر؟
ولا نستطيع الجزم بأن المقصود بـ(الروح) المعنى الأول لاحتمال أن يكون معنى آخر ، بل ما دلت عليه بعض الروايات هو أن المقصود شيء آخر ، و في بعضها هو خلق أعظم من جبرائيل ، وأنها شأن من شؤون المعصومين صلوات الله تعالى عليهم وليس المقصود بالروح النفس الموجودة في كل إنسان، وإليك بعض الروايات المفسرة للروح:
الرواية الأولى: ما جاء في الكافي عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} قال : (خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الأئمة وهو من الملكوت). الكافي للشيخ الكليني ج1 ص273.
الرواية الثانية: ما جاء في الكافي أيضاً عن أبي بصير (خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل لم يكن مع أحد ممن مضى غير محمد (صلى الله عليه وآله) وهو مع الأئمة يسددهم وليس كل ما طلب وجد).
الرواية الثالثة: ما جاء في تفسير العياشي عن حمران عن الإمام الباقر والصادق صلوات الله وسلامه عليهما في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} قالا:
(إن الله تبارك وتعالى أحد صمد، والصمد الشئ الذي ليس له جوف فإنما الروح خلق من خلقه له بصر، وقوة ، وتأييد ، يجعله في قلوب الرسل والمؤمنين). أصول الكافي للمازندراني ج3 ص23.
و يستفاد من الرواية -مضافاً الى كونها مفسرة لمعنى الروح- إشكال ثالث على الإستدلال بالآية لنفي إمكان معرفة النفس، وذلك عند التأمل في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}، فإن السؤل ليس عن معرفة صفة الروح ، وإنما عن وجودها ، وليس وجودها للإنسان وإنما لله تعالى فجاء الجواب : (إن الله تبارك وتعالى أحد صمد ، والصمد الشئ الذي ليس له جوف) أي أن الله تعالى ليس له روح لاستبطانه الجوف الذي يتنافى مع معنى الصمد.
الدليل الثاني:
الرواية المشهورة (من عرف نفسه فقد عرف ربه). الكافي للشيخ الكليني ج1 ص273.
وتقريب الاستدلال: أنها أثبتت الملازمة بين معرفة النفس وبين معرفة الله تبارك وتعالى، وحيث إن معرفة الله مستحيلة ، فيثبت أيضاً استحالة معرفة النفس.
ويرد على هذا الدليل عدة إيرادات:
الإيراد الأول: أنّ المستحيل عقلاً معرفة كنه الذات المقدسة، وأما معرفة الله بحسب وسع الإنسان ، فليست بمستحيل، كيف ! وقد ندبت إليها الأدلة النقلية ،
منها: (أول الدين معرفته). شرح أصول الكافي للمازندراني ج2 ص202.ومنها: (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف). شرح أصول الكافي للمازندراني ج1 ص24.
ومنها: (اعرفوا الله بالله). الكافي للشيخ الكليني ج1 ص85.
ومنها: قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فقد فُسر أي ليعرفون.راجع الأسماء الحسنى للملا هادي السبزواري ج1 ص189.
الإيراد الثاني: لو سلمنا كون الرواية تثبت الملازمة، لكنها معارضة بنصوص كثيرة من الكتاب والروايات تدل على إمكان معرفة النفس:
فمن الكتاب:
قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)(فصلت:53). قوله تعالى: (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ*وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)(الذاريات:20-2
ووضوح معرفة النفس و معرفة الله تعالى يغني عن بحث هذه الجهة بأكثر من هذا .
الجهة الثانية : في أهمية هذه المعرفة في كلمات الفلاسفة .
فإن للفلاسفة عبارات كثيرة تبين قيمة معرفة النفس نستعرض بعضها :
الأولى: ما نقلها السهروردي في نزهة الأرواح عن أنبادقلس أنه قال: “إنّ من رام أن يعرف الأشياء من العلو أنها الجوهر الأول عسر عليه إدراكها، ومن طلبها من أسفل عسر عليه إدراك العلم الأعلى لانتقاله من جوهر كثيف إلى جوهر في غاية اللطف، ومن طلبها من المتوسط وعرف المتوسط كنه المعرفة أدرك به علم الطرفين. نزهة الأرواح ط حيدرآباد الدكن ج 1 ص 53.
وحاصل ما يريد قوله: إن مفتاح معرفة عالم الطبيعة وعالم ما وراء الطبيعة هو النفس لأن التعرف على الطبيعة من خلال الله تعالى عسير ، وذلك لشدة نوره سبحانه، فهو عز وجل : (نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)(النور:35) ، فلا ضعف في فاعليته وإنما الضعف في قابلية القابل أي نور عين (القلب) البشرية ، فلا يمكنها أن ترى شمس الوجود (المصدر الأول الذي منه كل خير)، وكذلك معرفة الله تعالى و العالم العلوي من العقول والموجودات المجردة من خلال معرفة موجودات عالم الطبيعة عسيرة جداً ، لأن موجودات عالم الطبيعة موجودات كثيفة بخلاف الموجودات العلوية فإنها في غاية اللطافة، ومعرفة اللطيف من الكثيف في غاية الصعوبة، فالطريق الأفضل الذي لا عسر فيه هُوَ معرفة الموجود المتوسط الذي بين الطبيعة وبين العقول وما فوقها هو النفس.
وببيان آخر:
الوجود ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الاول: مجرد تام.
الثاني: مادي محض.
الثالث: النفس المتوسطة التي هي مجردة ذاتاً ومادية فعلاً.
فالنفس عملة ذات وجهين تتصل بعالم الطبيعة وتتصل بعالم المجردات أيضا، فلها قابلية إفادة وتعريف عالم الطبيعة لوجود جنبة مادية إلى عالم الطبيعة من جهة، وعالم المجردات لوجود جنبة مجردة إلى عالم المجردات من جهة أخرى.
و لهذه النكتة فوائد نافعة لجملة من الأبحاث الكلامية: منها: بحث النبوة ونكفي هنا بالإشارة إليها فائدة واحدة تطرح في تفسير حقيقة النبوة ، فقد عرفها البعض : بأنها عبقرية ذاتية ، و تحرك من ذات النبي.
وهذا التعريف دعم بأن الوحي وجود مجرد ينزل من السماء، والنبي وجود مادي، ولا يمكن امتزاجهما لاختلاف السنخ ، وشرط الامتزاج وحدتهما ، فالسكر مثلاً يمتزج بالماء لوجود تناسخ بينهما وهو الوجود المادي، فيتعقل المزج، غير أنه لا يمكن تعقل امتزاج الوحي الَّذي هو من عالم المُجرَّدات بوجود النبي الذي هو من سنخ عالِم الماديات ، فلا بد من القول بمادية الوحي وأنه شيء يأتي به النبي وليس من عالم الملكوت أو ما فوق عالم المادة .
وهذا الكلام يمكن بيان بطلانه بعدة طرق منها : أنّ النفس وجود متوسط بين المجرد وبين المادة، وذلك لوجود تأثير متبادل بينهما في سلم النزول والصعود، فالنشأة المادية تتأثر بالنشأة العقلية، والنشأة العقلية تقع في سلم علل النشأة المادية، والنشأة المادية تتحول إلى نشأة مجردة في سلم الصعود، وهذا التحول يتم من خلال وجود يكون له ارتباط بعالم المادة وعالم التجرد.
الثانية: عبارة ابن سينا، حيث إنه كتب رسالة في علم النفس للأمير نوح بن منصور الساباني، جاء في بدايتها ما يرتبط بأهمية أبحاث علم النفس قال فيها :
“وكنت قد استنفذت في تصفح كتب الحكماء جهدي، فصادفت المباحث عن القوى النفسانية من أعصاها على الفكر تحصيلاً وأعماها سبيلاً ورويت عن إمام الأئمة أمير المؤمنين علي بن أي طالب عليه السلام أنه قال من عرف نفسه فقد عرف ربه، وسمعت رأس الحكماء أرسطو طاليس يقول على وافق قول أمير المؤمنين عليه السلام إنّ من عجز عن معرفة نفسه فأخلق به أن يعجز عن معرفة ربي، فكيف يرى المرء موثقاً به في معرفة شيء من الأشياء بعد جهل نفسه”. سرح العيون في شرح العيون ص52.
أشار ابن سينا في كلمته الى أن أرسطو وافق قوله قول أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولمعرفة تفسير ابن سينا لقول الأمير (عليه السلام) علينا أن نعرف مضمون قول أرسطوطاليس.
وفي توجيه العبارة المتقدمة قدمت عدة تفسيرات: منها: أن معنى من قول أرسطو: “إنّ من عجز عن معرفة نفسه فأخلق به أن يعجز عن معرفة ربي فكيف يرى المرء موثقاً به في معرفة شيء من الأشياء بعد جهل نفسه” هو أن العاجز عن معرفة نفسه لا يمكن أن يعرف غيره، ومن الغير الله سبحانه وتعالى، فمن لا قدرة له على معرفة النفس ليست له القدرة على معرفة الله تعالى.
فقول ابن سينا هذه العبارة توافق قول أمير المؤمنين يفيد أنه يفسر قوله (عليه السلام) : (من عرف نفسه فقد عرف ربه) بالتالي :من كان قادراً على معرفة نفسه فهو قادر على معرفة ربه، ومن كان عاجزا عن معرفة نفسه فهو عاجز.
الثالثة: عبارة ملا صدرا، حيث قال في الأسفار: ” مفتاح العلوم بيوم القيامة ومعاد الخلائق هو معرفة النفس ومراتبها “. الأسفار لملا صدرا ط1 ج4 ص173.
عند التدقيق في العبارة الاولى نجد مفادها أن مفتاح كل المعارف (الطبيعية والعلوية والمتوسط) هو النفس، بينما العبارة الثانية اهتمت بأنّ النفس طريق معرفة الله تعالى، بينما في هذه العبارة يمكن أن نستفيد فائدة غير فائدة ابن سينا وهي -أخص من العبارة الأولى- أن معرفة النفس مفتاح معرفة المعاد، وهذا يعني أنّ معرفة النفس ترتبط بالمبدأ وترتبط أيضا بالمعاد، والمبدأ هو الله تعالى، ومع القول إنّ المبدأ جميع العلل ومبدأ المبادئ هو الله تعالى فالنفس طريق معرفة الله تعالى ومعرفة ما دونه في سلم النزول، وهي أيضاً معرفة المعاد، ومع القول بعمومية المعاد الكلامي يشمل مراحل تكامل الإنسان من البرزخ وما فوق، وهذا ما نجزم أنه مقصود لصدرا لكونه اهتم في بحث المعاد من الجزء التاسع بطرح مسائل البرزخ ومراحل تكامل الإنسان وتنقله إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، وقرب كثير مما ورد في الروايات أو مما هو ثابت في معارف الإسلام بأبحاث ترتبط بعلم النفس .
الرابعة: عبارة ملا صدرا أيضاً حيث قال في الهداية الأثيرية: “علم النفس هو أم الحكمة، وأصل الفضائل وهي أم الصناعة ومعرفتها أشرف المباحث بعد إثبات المبدأ الأعلى ووحدانيته والجاهل بمعرفتها لا يستحق أن يقع عليه اسم الحكمة وأن أتقن سائر العلوم، فالعلم مشتمل على معرفتها أفضل من غيره. الهداية الأثيرية لملا صدرا (ط1 من الحجري ص7 س2).
الجهة الثالثة : في فوائد معرفة النفس التي بينتها الروايات .
اهتم الشارع المقدس ببيان أهمية معرفة النفس من خلال عدة الآيات والروايات، نستعرضها من خلال ذكر الفوائد المترتبة عليها:
الفائدة الأولى: معرفة الله تعالى وصفاته.
نصوص كثيرة بينت أنّ معرفة النفس قنطرة لمعرفة الله تعالى.
منها: قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}(فصلت:35).
ومنها: الرواية المشهورة عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (من عرف نفسه فقد عرف ربه). شرح أصول الكافي للمازندراني ج3 ص23.
ومنها: ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): (الصورة الإنسانية هي أكبر حجج الله، وهي الكتاب الذي كتبه بيده، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالم وهي المختصر من اللوح المحفوظ وهي الشاهد على كل غائب، وهي الحجة على كل جاحد، وهي الطريق المستقيم إلى كل خير وهي الجسر الممدود بين الجنة والنار). شرح الأسماء الحسنى للملا هادي السبزواري ج1 ص12.
ويستفاد من بحث ملا صدرا عن الصراط، أنه صراطان: محسوس، ومجرد ، والثاني عبارة أخرى عن وجود الإنسان، فالإنسان وجود واحد يتكامل، وكماله في قربه من الله تعالى، وذلك من خلال خروجه من القوة إلى الفعل، وكل فعلية تعتبر لذة لأنها كمال وإدراك الكمال لذة للمدرك ، فالنفس صراط ، والذي يحدد استقامته العمل، فالعمل هو من يحدد الخروج من القوة إلى الفِعل في طريق (التكامل) ، وبيان ذلك تفصيلاً يخرجنا عن الغرض من هذه المقالة .
ومنها: قول النبي صلى الله عليه وآله: (أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه). ميزان الحكمة للريشهري ج3 ص1878.
كيفية الارتباط بين معرفة النفس ومعرفته تعالى:
أصل الارتباط بين معرفة الله تعالى وبين معرفة النفس من الأمور الواضحة التي نص عليها علماء الفلاسفة والكلام والتفسير، إلا أن البحث يقع بعد استعراضنا لبعض الآيات والروايات هو حول كيفية تحقق الارتباط بين معرفة النفس وبين معرفة الله تعالى.
وقد بينت الآيات والروايات أن الارتباط على نحوين:
النحو الأول: أصل وجود النفس دليل على أصل وجود الله تعالى، فقد ذكر علماء الطبيعة برهان الطبيعيين المعبر عنه ببرهان النفس، حيث يتكون من مقدمات:
الأولى: كون النفس مجردة.
الثانية: أنها حادثة.
الثالثة: أنها ممكنة.
الرابعة: كل ممكن يحتاج إلى علة لاستحالة الترجح بلا مرجح.
فإذن للممكن (النفس) علة ولا يمكن أن تكون العلة جسم (وهو جوهر مكون من مادة وصورة) أو جسماني (وهو الصورة أو الهيولى أو الأعراض الحالة في المادة فيتعين أن يكون مجردا) فوجودها إما واجب ثبت المطلوب، أو لا، فيجب ان تكون له علة ، فيعود الكلام أو يلزم الدور أو التسلسل.
وهذا البرهان يبين أصل الارتباط بين معرفة النفس وبين وجود الله تعالى، وقد دلت عليه مجموعة من الروايات:
منها: ما روي عن الإمام الرضا عليه السلام أنه سئل يا بن رسول الله ما الدليل على حدوث العالم؟ فقال: (إنك لم تكن ثم كنت، وقد علمت أنك لم تكون نفسك، ولا كونك من هو مثلك). الاحتجاج للطبرسي ج2 ص171.
فالنتيجة المترتبة من السؤال أن من أوجدك ليس مثلك، وهذا يلتقي مع برهان الطبيعيين.
ومنها: أن أمير المؤمنين سئل بما عرفت ربك؟ فقال: (بفسخ العزم، ونقض الهمم، لما هممت فحيل بيني وبين همي، وعزمت فخالف القضاء والقدر علمت أنّ المدبر غيري). التوحيد للشيخ الصدوق ص288.
نعم، بعض الروايات لم تذكر هذا النحو من الاستدلال العقلي لتقريب كون النفس قنطرة لمعرفة الله تعالى، بل ذكرت نحو آخر وهو ما يعبر عنه بالمعرفة الفطرية التي مفادها أن الانسان بمجرد أن يلتفت إلى نفسه يدرك أن لها صانع، وهذا ما تدل عليه الرواية المشهورة:
سئل الإمام الصادق عليه السلام عن الله؟ فقال له: (يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال : نعم قال : فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك ؟ قال : نعم قال : فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك ؟ فقال نعم ، قال الصادق عليه السلام : فذلك الشئ هو الله القادر على الانجاء حيث لا منجي ، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث). التوحيد للشيخ الصدوق ص231.
والروايات الواردة في المعرفة الفطرية كثيرة، فبعضها فسرت الفطرة الإسلام والبعض الآخر بالتوحيد أو المعرفة.
النحو الثاني: صفات النفس كاشفة عَن صفات الله تعالى.
وردت نصوص كثيرة تبين الترابط بين معرفة أحوال وصفات النفس وبين معرفة صفات الله تعالى وكيفية فعله، غير أنّ البحث يقتصر على ذكر بعض الروايات والتأمل في مضامينها:
الأولى: قول النبي صلى الله عليه وآله: (أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه)().
ووجه الدلالة: أن معرفة النفس توجب معرفة الصفات وذلك من خلال استعمال صيغة أفعل (أعرفكم)، فإنّ الأعرفية ة تتصور بلحاظ الصفات وكيفية الوجود لا بلحاظ أصل معرفة الوجود، معرفة أصل الوجود تتحقق بأي أثر من الآثار، فإنّ كل أثر يكشف عن مؤثره أي عن أصل وجود مؤثر، كما يكشف أي أثر آخر.
نعم؛ كشف الأثر من حيث الصفات يختلف، فكلما كان الأثر أفضل كان ذلك الأثر كاشف عن المؤثر عن علمه وقدرته وحكمته بصورة أتم وبصورة أجلى.
ولذلك ورد في جملة من الروايات عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: (نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملا إلا بمعرفتنا). الكافي للكليني ج1 ص144.
فإن كل الخلق أسماء الله تعالى، بمعنى أنها تدل عليه سبحانه كما يدل على الاسم على المسمى ، غير أنه يوجد أسماء حسنة وأخرى حسنى، فالأسماء الحسنى تكشف بنحو لا تكشف عنه الأسماء الحسنة ، فكلما كان الأثر أكثر مظهرية لصفات المؤثر كلما كان التعرف على ذلك الأثر يكشف أكثر عن صفات المؤثر، فإذا كانت الأفضلية في الكاشفية عن الله تعالى لا تتصور في أصل وجوده بل تتصور في صفاته، تكون هذه الرواية (أعرفكم) ناظرة إلى المعرفة الصفاتية، أي من كان بالنفس أعرف فإنه بصفات الله تعالى أعرف.
والحاصل : إن التعبير بصيغة أفضل يستفاد منه دلالة الرواية على الملازمة بين معرفة النفس وبين معرفة صفات الله تعالى.
تنبيه:
يمكن أن نستظهر من دلالة الرواية نكتة أخرى تدل على الملازمة بين معرفة النفس ومعرفة صفات الله تعالى، وهي أنّ الرواية قالت: (أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه) ولم تقل “أعرفكم بالله”، فإنّ اللفظ (الله) اسم للذات الجامعة لجميع الصفات ، أما الرب فهو اسم للذات بما هي ظاهرة في صفة من الصفات وهي صفة الربوبية، وهذا يعني أنّ الرواية تريد أن تبين أن معرفة النفس تفيد معرفة الله تعالى من حيث إنه رب يتصف بصفة الربوبية، وطبيعي معرفة الله تعالى من حيث إنه رب يعني معرفة الله من حيث أنه عالم وقادر وحكيم، لأن منشأ الربوبية -التي هي صفة فعلية- صفات ذاتية، فتعود إلى العلم والعناية والقدرة.
ومن هنا يتضح أنه لو لم تعبر الرواية بصيغة أفعل أيضاً هي تدل على وجود ملازمة بين معرفة النفس وبين معرفة صفات الله تعالى، ويمكن تسرية هذا البيان إلى الرواية المشهورة (من عرف نفسه فقد عرف ربه) فهي دالة على وجود الملازمة بين معرفة النفس وبين معرفة صفات الله تعالى.
الثانية: ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): (أعلمكم بنفسه أعلمكم بربه) أمالي المرتضى ج2 ص329، ط مصر .
ووجه دلالتها: ما تقدم في الرواية السابقة.
الثالثة: ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): (الصورة الإنسانية هي أكبر حجج الله، وهي الكتاب الذي كتبه بيده، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالم وهي المختصر من اللوح المحفوظ وهي الشاهد على كل غائب، وهي الحجة على كل جاحد، وهي الطريق المستقيم إلى كل خير وهي الجسر الممدود بين الجنة والنار). شرح الأسماء الحسنى للملا هادي السبزواري ج1 ص12.
وقد ذكر الملا هادي السبزواري في شرح الأسماء والشيخ حسن زاده آملي في سرح العيون : أن المقصود من (الصورة) الكمال، ثم إنّ الرواية قالت: (هي مجموع صور العالمين) ولا يعني أنّ الإنسان مجموع صور الأشكال والموجودات، بل يستفاد منها أنّ الإنسن جامع للكمالات المظهرة للذات و صفات الإلهية .
و الظاهر من (وهي المختصر من اللوح المحفوظ) هو : أنّ الله تعالى جعل النفس الإنسانية وجودا مصغرا جامعا لجميع كمالات العالم، فهو اعتنى بها عناية خاصة أوجبت ذلك ، ومن الواضح أن النفس إذا كانت كذلك فهي مظهر لقدرة الله تعالى وعنايته وحكمته، ومعرفة أحوالها توجب معرفة صفات الله وأحوال موجدها، لأنّ صفات الأثر تكشف عن صفات المؤثر بحسب رتبة وجود الأثر، فكلما كان الأثر أكمل كلما كشف عن صفاته تعالى بصورة أقوى وأتم.
كيفية دلالة النفس على صفاته تعالى:
اهتم المتكلمون والفلاسفة والعرفاء والصوفية ببيان كيفية دلالة النفس على صفاته تعالى وذكروا لذلك عدة تقريبات نذكر بعضها:
الأول: تقريب المشهور.
معرفة نقائص النفس كالفقر والعجز والامكان وتغير وتصرف الأحوال يفيد أن الله تعالى خالق النفس، غني قادر، واجد لا ينفعل ولا يتأثر، لم يلد ولم يولد.
قال الشيخ ميثم البحراني رحمه الله في شرح مائة كلمة لأمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه): (من عرف نفسه فقد عرف ربه):
“من اطلع على نفسه فعرفها بكثرة عيوبها ونقائصها وفقرها إلى كمالات خارجه عن ذاتها ليست لها من حيث هي بل يحتاج لها إلى استعدادات مترتبة حتى يقام عليها بحسب استحقاقها حالا بعد حال ثم علم كيفية تنقل قوته العاقلة في المراتب المذكورة, فقد استلزم ذلك معرفته لربه بحسبها استلزاما ضروريا بما أن العلم بالمعلوم مستلزم للعلم بعلته”. شرح مئة كلمة لأمير المؤمنين عليه السلام لابن ميثم البحراني ص57.
وحاصل ما يريد قوله رحمه الله: أن الانسان اذا التفت إلى نقصه وكونه موجودا يسعى إلى التكامل، ولكن ذاته ليست كافية لتحصيل تلك الكمالات, بل لابد من توفر استعدادات وشروط وانتفاء موانع وهو لا يستطيع بنفسه أن يوفرها، إذ لو كان باستطاعته لكان كاملا تاما دفعة واحدة، فيحتاج إلى غيره ليصل إلى التكامل.
وأما قوله (يرحمه الله): “ثم علم كيفية تنقل قوته العاقلة في المراتب المذكورة”.
فتوضيحه هو : أن القوة العاقلة لا يتوصل إليها الانسان إلا بعد مراحل من التكامل ونفس هذه القوة العاقلة تدرك هذه المراحل وتتنقل فيها تنقلا إدراكيا، فتدرك أنها متصفة بالقوة، ثم تتحول إلى فعلية، غير أن فعليتها ليست تامة فتطلب فعلية أتم منها، ولا يتمكن الوصول إلى الأتم إلا بتحقق شروط وانتفاء موانع.
وهذا البيان يقودنا إلى دليل برهاني يمكن توضيحه بالصيغة التالية:
النفس تتكامل بغيرها وهي عين الحاجة والفقر إلى ذلك الغير، ، فلابد من غير لهذا النفس وهو المكمل ، فننقل الكلام إلى ذلك الغير وهكذا إلى أن نصل إلى موجود غني تام لا يحتاج إلى غيره إذ لا يعقل أن يتكون هذا الوجود من الموجودات الفقيرة التي تحتاج إلى غيرها, إما للزوم الدور أو التسلسل أو للزوم أن يوجد موجود غني عين الفقر وعين الحاجة متعلق بالغير من دون وجود غني يقومه .
وهذه الصياغة تستفاد من كلمة أمير المؤمنين (عليه السلام) المتقدمة ، والتي فيها أنه سئل عن معرفة الله تعالى: (كيف عرفت ربك,؟ فقال (عليه السلام): (بفسخ العزم ونقض الهمم، لما هممت فحيل بيني وبين همي وعزمت فخالف القضاء والقدر عزمي علمت أن المدبر غيري). التوحيد للشيخ الصدوق ص288.
فكأنه ( عليه السلام) قال : علمت أن المدبر ليس نفسي بل غيري، وعليه لابد أن يكون المدبر غنيا لا ناقصا ولا فقيراً، لأنه وجود ليس كالوجود الذي يهم بشيء ولا يتمكن من تحقيقه، أو يعزم على فعل شيء ولا يتمكن من فعله.
الثاني: تقريب كون النفس تدبر البدن. فإن كون النفس مدبرة للبدن، وغيره و ليست من أجزائه ، يبين نحو علاقة الوجود الواجبي بعالم الخلق .
فإن الفلاسفة ذهبوا إلى تجرد النفس الناطقة وأنها شيء آخر وراء البدن، فهي تدبره مع المغايرة، ومن دون أن تكون حالة فيه، وتستوي نسبتها إلى جميع أجزاءه بنحو لو قطع جزء من الأجزاء لا يلزم نقص جزء من أجزاء النفس، أي وجود آخر من سنخ آخر مجرد ، نعم له اتصال بنحو ما بالبدن والوجود المادي، وهو اتصال التدبير ، وهذا يبين لنا كيفية ارتباط الواجب بعالم الطبيعة وأنه موجود مجرد غير عالم الطبيعة، وتدبيره لعالم الطبيعة لا يتوقف على أن يكون جزء من الطبيعة أو أن يكون له موقع جغرافي فيها.
وهذا ما أشار اليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: (هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق كل شئ ولا يقال شئ فوقه، أمام كل شئ ولا يقال له أمام، داخل في الأشياء لا كشئ في شئ داخل، وخارج منها لا كشئ من شئ خارج). الأمالي للشيخ الصدوق 423.
الثالث: كون النفس لديها حضور بنفسها.
النفس لها حضور بنفسها، وعلم حضوري بصورها الذهنية، وبآلاتها وقواها التي بها تدبر البدن كالقوة السامعة والقوة الباصرة، فالنفس –كما يقول أرسطو – كمال أول لجسم طبيعي آلي أي تدبر البدن بواسطة تلك الآلات، كالقوة السامعة، وقد يتوهم أن الأذن التي هي جزء من البدن هي القوة السامعة، وليس الأمر كذلك فإن السامعة هي النفس و الأذن جهاز يدرك به الأصوات، والقوة السامعة حاضرة للنفس بدون واسطة صورة تكون بين النفس والقوة السامعة .
إذن النفس لها علم حضوري بعدة أمور، و الوقوف على إدراك النفس لعلمها الحضوري يبين لنا كيف يعلم الله تبارك وتعالى بذاته قبل خلق الخلق, وبالأشياء قبل خلق الخلق, وبالأشياء بعد خلق الخلق.
الرابع: النفس لها علم اجمالي في عين الكشف التفصيلي.
النفس اذا تأملت في علومها ومعارفها تجد أن لها علم إجمالي في عين الكشف التفصيلي ، فالفقيه ـ مثلا ـ عنده إحاطة بمسائل الفقه قبل تدريسه أو كتابته أو إجابته عند توجيه سؤال إليه ، ولكن هذه إحاطة إجمالية ، فإذا كتب أو درّس أو أجاب, خرجت تفصيلات من ذلك العلم الاجمالي، ومعنى ذلك أنه هنالك وجودا وحدانيا للعلم بسيط لا تكثر فيه في مرتبة النفس ، وهي سبب وعلة للتفصيلات ، وإذا التفتنا الى هذا العلم البسيط أدركنا معنى أن العلم الإلهي بسيط وهو مبدأ للتفصيلات فهو تعالى في عين كونه بسيط غير مركب عنده إحاطة تامة بجميع التفاصيل .
الخامس: النفس فاعلة لأفعالها بالتجلي أو بالرضا.
الفرق بين الفاعل بالتجلي وبين الفاعل بالرضا أن النفس بالنسبة إلى بعض أفعالها (فاعل أمري)، والفعل بالنسبة إليها (فعل مأموري).
وبعبارة أخرى: النفس بالنسبة إلى بعض أفعالها على نحو (كن فيكون) فإن إرادتها تتحقق من دون إرادة ، وبالنسبة إلى بعض أفعالها الأخرى يكفي العلم للإيجاد، نظير إيجاد مفهوم جبل من ذهب وبحر من زئبق قي صفحة الذهن ، فإن هذا المفهوم يوجد بنفس الالتفات ، فبنفس العلم يوجد الفعل، و معرفة هذا النحو من يبين كيفية إيجاد الله تعالى الأشياء في عالم الخارج، وتسلطه عليها .
يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : (وهي الشاهد على كل غائب) شرح الأسماء الحسنى للملا هادي السبزواري ج1 ص12.
وقد تعرض الحكيم السبزواري في شرح الاسماء لهذه الرواية فقال :
“مطابق لقول الرضا “عليه ألاف التحية والثناء” قد علم ألو الألباب أن ما هناك لا يعلم إلا بما هاهنا فالعلم الحضوري الواجبي شاهده العلم الحضوري للمجرد النفسي, والعلم الاجمالي الواجبي في عين الكشف التفصيلي شاهده العقل البسيط الخلاق للعقول التفصيلية, والعلم الفعلي له شاهده التوهمي بالسقوط المنشأ له وأقسام الفاعل منطوية فيه وقد عليه سائر ما في الغيب ” سرح الأسماء ص 12.
و المقصود من قوله (رحمه الله) : (والعلم الفعلي له شاهده التوهمي بالسقوط المنشأ له) هو : أن لدى النفس في أفعالها حركتين:
الأولى: حركة صعودية: تأخذ صورة من الخارج ـ كالصور الموجودة خارجا- وتنقلهم الى الحس المشترك ثم تقطع الاتصال عن المحسوس الخارجي فتترقى الصورة إلى الخيال ، ثم تترقى الصورة الخيالية الجزئية وتتحول إلى كلية عقلية إما بنظرية التقشير أو حصول استعداد النفس بادراك الصور الجزئية لإفاضة العقل الفياض عليها الصوة العقلية فالنفس من خلال الوجود المادة الضعيف وصلت إلى إدراك المجرد وهذه حركة صعودية.
الثانية: حركة نزولية: وتتضح بما يسميه الصوفية بالتمثل ، ويذكرون له مثالاً تمثل الملك لمريم (عليها السلام) فهم يقولون : إن مريم (عليها السلام) لم تَر جِبْرِيل (عليه السلام) بالوجود العقلي، بَل رأته بالوجود البشري مع انه وجود ملائكي ، فما الذي حصل ؟
إن الذي حصل هو تنزل جبريل من عالم التجرد إلى عالم المادة في مرتبة الحس المشترك لوجود مريم (عليها السلام) فهو موجود كبشر ولكن ليس في الخارج بنحو يراه كل من كان حاضرا مع مريم ، وإنما بوجود خارجي في عالم نفس مريم (عليها السلام) ، وهذا الظهور هو حركة نزولية .
وفعل الله تعالى عند الفلاسفة حقيقته تنزل أيضاً لكمال الله تعالى, فالله ظهر في خلقه بخلقه، وتنزله تعالى ليس على نحو التجافي, أي لم يفقد في ظهوره لخلقه عندهم شيئا من كمال ذاته ، ولهذا صار مظهراً لجمال الله, ، السر في ذلك أن العالم واجد لكماله تعالى لكن بصورة أدنى محدودة فقيرة .
اثابكم الله موضوع قيم