عشيرة بني أسد بن خزيمة لها مواقف مشرفة مع الامام الحسين عليه السلام وكان لرجالاتها بطولات في واقعة الطف انفردوا بها ومنهم عمرو بن خالد الاسدي الصيداوي . كان عمرو شريفا في الكوفة، مخلص الولاء لأهل البيت عليهم السلام، نهض مع مسلم عليه السلام في الكوفة ولما تفرق أهل الكوفة عن مسلم لم يسعه إلا الاختفاء، فلما سمع بقتل قيس بن مسهر أحد سفراء الحسين عليه السلام الى الكوفة وأنه أخبر أن الحسين ( عليه السلام ) صار بالحاجر في طريقه الى الكوفة خرج إليه، ومعه مولاه سعد، ومجمع العائذي وابنه، وجنادة بن الحرث السلماني ، واتبعهم غلام لنافع البجلي بفرسه المدعو الكامل فجنبوه وأخذوا دليلا لهم الطرماح بن عدي الطائي (ليس المقصود منه ولد عدي بن حاتم الطائي ابو الطرفات الذي استشهد ابناؤه مع الامام علي عليه السلام في حروبه، ولكنه من نفس العشيرة)، وكان جاء إلى الكوفة يمتار لأهله طعاما، فخرج بهم على طريق متنكبة ، وسار سيرا عنيفا من الخوف لأنهم علموا أن الطريق مرصود، حتى إذا قاربوا الحسين (عليه السلام) حدا بهم الطرماح بن عدي فقال :
يا ناقتي لا تذعري من زجري * وشمري قبل طلوع الفجر
بخير ركبان وخير سفر * حتى تحلي بكريم النجر
الماجد الحر رحيب الصدر * أتى به الله لخير أمر
ثمة أبقاه بقاء الدهر
فانتهوا إلى الحسين (عليه السلام) وهو بعذيب الهجانات ـ موضع فوق الكوفة عن القادسية أربعة أميال وهو حد السواد، وأضيف إلى الهجانات لأن النعمان بن المنذر ملك الحيرة كان يجعل فيه إبله، ولهم عذيب القوادس وهو غربي عذيب الهجانات فيما أفهمه من حديث سعد ابن أبي وقاص ـ ، فلما انتهوا الى الحسين عليه السلام سلموا عليه وأنشدوه الأبيات .
فقال ( عليه السلام ): ” أمَ والله إني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا، قتلنا أو ظفرنا “. قال أبو مخنف : ولما رآهم الحر ُّ قال للحسين عليه السلام : إن هؤلاء النفر من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك، وأنا حابسهم أو رادهم، فقال له الحسين: ” لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي، إنما هؤلاء أنصاري وأعواني، وقد كنت أعطيتني ألا تعرض لي بشئ حتى يأتيك كتاب ابن زياد “.
فقال : أجل، لكن لم يأتوا معك، فقال : ” هم أصحابي، وهم بمنزلة من جاء معي، فإن تممت علي ما كان بيني وبينك، وإلا ناجزتك ” ، فكف عنهم الحر (تاريخ الطبري : 3 / 308) . وقال أبو مخنف أيضا: ولما التحم القتال بين الحسين (عليه السلام) وأهل الكوفة، شد هؤلاء مقدمين بأسيافهم في أول القتال على الناس أي انهم كانوا من المجموعة الاولى من الشهداء الذين سقطوا في الواقعة، فلما وغلوا عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم أي ابعدوهم، وقطعوهم من أصحابهم، فلما نظر الحسين(عليه السلام) إلى ذلك ندب إليهم أخاه العباس، فنهد إليهم وحمل على القوم وحده يضرب فيهم بسيفه قدما، حتى خلص إليهم واستنقذهم فجاؤوا وقد جرحوا ، فلما كانوا في أثناء الطريق، والعباس يسوقهم رأوا القوم تدانوا إليهم ليقطعوا عليهم الطريق فانسلوا من العباس، وشدوا على القوم بأسيافهم شدة واحدة على ما بهم من الجراحات، وقاتلوا حتى قتلوا في مكان واحد (تاريخ الطبري : 3 / 330) . وكان عمرو يقاتل بشدة وهو يرتجز قائلا:
إليك يا نفس الـى الرحمن
فأبشري بالروح والريحان
اليوم تجزين على الإحـسان
قد كان منـك غابر الزمان
ما خطّ في اللوح لدى الديّان
لا تجـزعي فكلّ حيّ فان
والصبر امضى لك بالأمـان
يا معشر الأزد وبني قحطان
حتى استشهاده ومن معه من جماعته فتركهم العباس ورجع إلى الحسين (عليه السلام) فأخبره بذلك، فترحم عليهم، وجعل يكرر ذلك.
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً