شاءت الارادة الالهية الرحيمة، والمشيئة الربانية الحكيمة، أن يكون لولي الله وإمام الحق، وحجة الله على الخلق، أبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه)، أنصار مخلصون أوفياء، اصحاب همم عالية تُبلغ بهم وصل الالتحاق بركب سيد الشهداء، وكان من الملتحقين بأبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه) رجل من نسل سعد العشيرة المذحجيّ، ومذحج من كهلان من القحطانية عرب الجنوب في اليمن. وذلك هو عائذ بن مجمع بن عبد الله العائذي، الذي ورث الولاء لاهل البيت عن ابيه مجمع، ومجمع هذا كان وثيق الصلة بعمرو بن خالد الصيداوي، والصيداوي هذا كان رجلاً شريفاً في الكوفة، مخلص الولاء لآل الرسول، قام مع مسلم بن عقيل في نهضته الشريفة، حتى اذا غدر القوم بمسلم وخانوه لجأ عمرو الصيداوي الى الاختفاء موقتاً، ليراقب الاحداث عن كثب، لكنه لما سمع بشهادة قيس بن مسهر الصيداوي على يد الطاغية عبيد الله بن زياد، لم يجد بداً من الخروج من الكوفة للالتقاء بالامام الحسين (عليه السلام) وإخباره بمجريات الوقائع في اهل الكوفة.
فخرج عمرو بن خالد هو ومعه سعد مولاه، والتحق به مجمع بن عبد الله العائذي وابنه عائذ، كما انظم اليهم جنادة بن الحارث المذحجي السلماني ومولاه واضح التركي، آخذين معهم دليلاً اسمه (الطرماح بن عدي الطائي)، فخرج بهم هذا الدليل عن طريق متنكبة، وسار فيهم سيراً عنيفاً؛ خوفاً منان يُطوقه رجال عبيد الله بن زياد، لاسيما وأن الطرق كانت مرصودة. سار الركب المؤمن باتجاه قبلة المؤمنين ابي عبد الله الحسين (سلام الله عليه)، فيما كان الامام الحسين متجهاً نحو الكوفة، فكان الملتقى في (عذيب الهجانات)، رمى الطرماح ببصره من بعيد، فاذا هو يرى نور الله وجلاله، ابا عبد الله الحسين، فانتهوا الى الامام الحسين (عليه السلام) وهو بعذيب الهجانات، فسلموا عليه وانشدوا بين يديه ابياتاً، فقال ابو عبد الله الحسين: (أم والله، اني لارجو ان يكون خيراً ما اراد الله بنا، قُتلنا أو ظفرنا). في تلك الساعة يُقبل الحرُّ بن يزيد الرياحي بجيشه يُريد ان يحتجز المنضمين الى ركب الامام الحسين (عليه السلام)، وهم عمرو بن خالد الصيداوي ومولاه سعد، ومجمع بن عبد الله العائذي وبنه عائذ، وجنادة بن الحارث المذحجي وواضح التركي. فوقف الامام الحسين دون ذلك، قائلاً للحرّ: إن هؤلاء النفر من اهل الكوفة، وأنا حابسهم او رادّهم.
ولما كان يوم عاشوراء، والتحم المعسكران وكان القتال بين أصحاب الامام الحسين (عليه السلام) وعسكر عمر بن سعد، شدّ عمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولاه، وجنادة بن الحارث وواضح التركي مولى ابيه، ومجمع بن عبد الله العائذي وابنه عائذ بن مجمع، شدّوا جميعاً على اعداء الله مقدمين بأسيافهم في اول، فلما توغلوا يقاتلون تعطف القوم عليهم وقطعوا عن الحسين وأصحابه، وأخذوا يحوزونهم نحو اوساط عسكر عمر بن سعد، فلما رأى الامام الحسين حالهم ندب اخاه العباس (عليه السلام) لينقذهم، فنهد اليهم، وحمل على القوم وحده يضرب في اعداء الله بسيفه قدماً حتى خلص الى عمرو بن خالد الصيداوي وأصحابه فاستنقذهم، فعادوا معه الى عسكر الحسين وقد جُرحوا جميعاً.
وفي اثناء الطريق والعباس (عليه السلام) عائد بهم، رأى الصيداوي وأصحابه أن جماعة من عسكر عمر بن سعد يلاحقونهم مرّة اخرى، فأبوا أن يفرّوا، فانسلوا عن طريق العودة، ورجعوا يشُدّون على القوم بأسيافهم ـ مع ما بهم من الجراح ـ شدّة واحدة، وقاتلوا حتى استشهدوا جميعاً في مكان واحد. رضوان الله تعالى عليهم وسلامه، وسلامنا نحن عليهم بعد سلامنا على الحسين، وآل الحسين، قائلين: السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى اولاد الحسين، وعلى اصحاب الحسين.
—————–
موقع العتبة الحسينية
لا توجد تعليقات، كن الأول بكتابة تعليقك
اترك تعليقاً